[ 3769 ] مسألة 33: لا فرق في الزِّنا بين كونه اختياريّاً، أو إجباريّاً، أو اضطراريّاً ((1)) (2) . ولا بين كونه حال النوم((2)) (3)
ــــــــــــــــــــــــــــــــ (2) ولكن الصحيح هو التفصيل بين الأحكام المترتبة على الفاعل نفسه ، وبين الأحكام المترتبة على غيره كأبيه أو ابنه ، حيث لا تثبت الاُولى لحديث الرفع ، فإنّ مقتضاه اعتبار موضوع الحكم كأ نّه لم يقع في الخارج ، فلا يترتب عليه أي حكم أو عقوبة ما لم يدل دليل خاص على ثبوته كالقتل .
والحاصل ان مقتضى الحديث المذكور ، فرض الفعل الصادر من المجبور أو المضطر كالعدم في عالم التشريع ، فلا يترتب عليه أثر .
ويتضح ذلك جلياً بملاحظة ما احتملناه سابقاً بل استظهرناه ، من أنّ الحكم بالتحريم عقوبة للفاعل على ما اقترفه من فعل شنيع ، فإنّ العقوبة إنّما تتناسب مع صدور الفعل منه حراماً ومبغوضاً عليه ، ولا محلّ لها فيما إذا صدر الفعل منه حلالاً .
وبالجملة إنّه بعد عدم ورود دليل خاص في المكره والمضطر في المقام ، يكون حالهما حالهما في سائر موارد الإكراه والاضطرار ، ولا يثبت عليهما شيء .
وهذا بخلاف الأحكام المترتبة على غيره ، فإنّ مقتضى إطلاق الأدلة ثبوتها ، فإنّ الفعل قد صدر من الفاعل عن قصد ، غاية الأمر أنّ قصده هذا ناشئ عن إكراه أو اضطرار ، ومن هنا يختلف الحال عنه في النائم على ما سيأتي .
(3) لا مجال للمساعدة عليه . وذلك لأنّ مفهوم الزنا والفجور متقوم بالاختيار ـ بمعنى القصد ـ فإنّهما عبارتان عن الوطء من غير استحقاق ، ومن الواضح أ نّه متقوم
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) نشر الحرمة بالزنا بالنسبة إلى الزاني نفسه في فرض الإكراه أو الإضطرار لا يخلو من إشكال بل منع .
(2) الظاهر عدم شمول الحكم لما إذا كان الواطئ نائماً ، وذلك لاعتبار الاختيار في مفهوم الزنا .
ــ[326]ــ
أو اليقظة . ولا بين كون الزاني بالغاً أو غير بالغ (1)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالقصد فمن دونه لا يصدق الزنا ولا الفجور ، كما أنّ مفهوم الغصب لا يتحقق إلاّ بالقصد إذ من دونه لا يكون متعدياً ، بل لا يكون وطؤه بلا قصد وطء شبهة أيضاً .
نعم ، في صحيحة العيص بن القاسم ، قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل باشر امرأة وقبّل غير أ نّه لم يفض إليها ثم تزوج ابنتها ، فقال : «إن لم يكن أفضى إلى الاُم فلا بأس ، وإن كان أفضى إليها فلا يتزوج ابنتها» (1) اعتبار الإفضاء ، فقد يقال إنّه يتحقق بغير اختيار أيضاً .
إلاّ أ نّه لا يمكن المساعدة عليه ، فإنّ الظاهر اعتبار القصد في تحققه أيضاً ، إذ الإفضاء إنّما هو بمعنى الإنهاء ، وبهذا يكون معنى النص أنّ الرجل إذا أنهى عمله إلى الزنا بها فقد حرمت ابنتها ، ومن هنا فلا يبقى هناك نص يدلّ على أنّ الجماع محرم مطلقاً .
وعلى تقدير وجوده كان حال النائم حال المكره والمضطر ، فيفصل بين الأحكام المترتبة عليه وبين الأحكام المترتبة على غيره ، لا لحديث : «رفع القلم عن النائم حتى يستيقظ» (2) فإنّه ضعيف السند ، بل لما دلّت عليه النصوص المعتبرة من «أنّ الأعمال بالنيّات» (3) وإنّ العمل من دون نيّة وقصد كـ (لا عمل) ولا يترتب عليه شيء ، ومن الواضح أنّ فعل النائم من أوضح مصاديقه .
والحاصل أنّ إثبات التحريم بهذا الفعل للنائم مشكل جداً ، بل الظاهر عدم ثبوته .
(1) وهو لا يخلو من إشكال ، إذ المذكور في النصوص عنوان الرجل أو الشاب وهما لا يصدقان على غير البالغ قطعاً ، فالتعدي عنهما إليه يحتاج إلى القرينة وهي مفقودة ، نظير ما تقدّم في مسألة اللواط .
نعم، بناء على القول بتحريم المزني بها على أب الزاني فالنص موجود، وهو صحيح الكاهلي المتقدم والوارد في المرأة التي أمرت ابنها وهو ابن عشر سنين أن يقع
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب 6 ح 2 .
(2) الوسائل ج 1 كتاب الطهارة ، أبواب مقدمة العبادات ، ب 4 ح 11 .
(3) الوسائل ، ج 1 كتاب الطهارة ، أبواب مقدمة العبادات ، ب 5 .
|