وإن لم يجز المولى كشف عن بطلان التزويج . ويحدّ حينئذ حدّ الزنا إذا كان عالماً بالحكم ، ولم يكن مشتبهاً من جهة اُخرى ، وعليه المهر بالدخول ، وإن كانت الأمة أيضاً عالمة على الأقوى((2))(2). وفي كونه المسمّى ، أو مهر المثل ، أو العشر إن كانت بكراً ونصفه إن كانت ثيّباً ، وجوه ، بل أقوال ، أقواها الأخير (3) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــ (2) وهو مناقض لما تقدّم منه (قدس سره) في المسألة الخامسة عشرة من فصل عدم جواز التزويج في عدّة الغير ، حيث اختار هناك عدم استحقاق مولاها للمهر فيما إذا كانت الأمة عالمة ، وقد عرفت أنه الصحيح ، فما ذكره (قدس سره) هنا ـ مضافاً إلى كونه غير تام في نفسه ـ مناقض لما تقدّم منه (قدس سره) .
(3) وذلك فلأن الأوّل لا وجه له مطلقاً بعد فرض فساد العقد .
والثاني وإن كان على طبق القاعدة ، إلاّ أنه إنما يتمّ فيما إذا لم يكن دليل على الخلاف ، وحيث إنّ النصوص الخاصة دالّة على القول الأخير ، فلا مجال للعمل بمقتضى القاعدة .
وليست من هذه النصوص صحيحة الوليد بن صبيح عن أبي عبدالله (عليه السلام) في رجل تزوّج امرأة حرّة فوجدها أمة قد دلست نفسها له ، قال : «إن كان الذي
ـــــــــــ (2) في ثبوت المهر في هذا الفرض إشكال بل منع كما تقدّم منه أيضاً في المسألة الخامسة عشرة من فصل عدم جواز التزويج في عدّة الغير .
ــ[79]ــ
زوّجها إياه من غير مواليها فالنكاح فاسد». قلت : فكيف يصنع بالمهر الذي أخذت منه ؟ قال : «إن وجد مما أعطاها شيئاً فليأخذه ، وإن لم يجد شيئاً فلا شيء له ، وإن كان زوّجها إياه ولي لها ارتجع على وليها بما أخذت منه ، ولمواليها عليه عشر ثمنها إن كانت بكراً ، وإن كانت غير بكر فنصف عشر قيمتها بما استحل من فرجها»(1) .
بدعوى أنها لا تختص بالتدليس ، بل تعمّ وبمقتضى التعليل المذكور في ذيلها كل مورد يستحل الرجل فرج الأمة .
فإنه مدفوع بأنها واردة في الوطء بعقد صحيح ، غاية الأمر أن للزوج حق الفسخ من جهة التدليس ، فلا مجال للتعدي عن موردها إلى فرض الزنا الذي هو محل الكلام .
ولا صحيحة الفضيل بن يسار ، قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : جعلت فداك ، إنّ بعض أصحابنا قد روى عنك أنك قلت : «إذا أحل الرجل لأخيه فرج جاريته فهي له حلال» ؟ فقال : «نعم يا فضيل» . قلت : فما تقول في رجل عنده جارية له نفيسة وهي بكر أحل لأخيه ما دون فرجها ، أله أن يقتضها ؟ قال : «لا ، ليس له إلاّ ما أحل منها ، ولو أحلّ له قبلة منها لم يحل له ما سوى ذلك» . قلت : أرأيت إن أحلّ له ما دون الفرج فغلبته الشهوة فاقتضها ؟ قال : «لا ينبغي له ذلك» . قلت : فإن فعل أيكون زانياً ؟ قال : «لا ، ولكن يكون خائناً ، ويغرم لصاحبها عشر قيمتها إن كانت بكراً ، وإن لم تكن فنصف عشر قيمتها» (2) .
فإنها واردة في مورد خاص وليس فيها تعليل كي يتعدى به ، ومن هنا فإثبات حكمها في مورد الزنا يحتاج إلى الدليل .
وإنما هي صحيحة طلحة بن زيد عن جعفر عن أبيه عن علي (عليهم السلام) قال : «إذا اغتصب أمة فاقتضها فعليه عشر قيمتها ، وإن كانت حرّة فعليه الصِّداق» (3) . فإنّها واردة في البكر وواضحة دلالة .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل ، ج 21 كتاب النكاح ، أبواب نكاح العبيد والإماء ، ب 67 ح 1 .
(2) الوسائل ، ج 21 كتاب النكاح ، أبواب نكاح العبيد والإماء ، ب 35 ح 1 .
(3) الوسائل ، ج 28 كتاب الحدود ، أبواب حد الزنا ، ب 39 ح 5 .
ــ[80]ــ
ويكون الولد لمولى الأمة (1) .
وأمّا إذا كان جاهلاً بالحكم ، أو مشتبهاً من جهة اُخرى ، فلا يحدّ . ويكون الولد حرّاً (2) . نعم ، ذكر بعضهم أنّ عليه قيمته يوم سقط حيّاً ((1)) ، ولكن لا دليل عليه في المقام (3) . ودعوى أنه تفويت لمنفعة الأمة ، كما ترى ، إذ التفويت إنما
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وصحيحة عبدالله بن سنان ، قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل اشترى جارية حبلى لم يعلم بحبلها فوطئها ، قال : «يردّها على الذي ابتاعها منه، ويردّ معها نصف عشر قيمتها لنكاحه إياها» (2) .
وموردها وإن كان وطء ما يملكه الإنسان لا الزنا ، إلاّ أن التعليل المذكور في ذيلها ـ أعني قوله (عليه السلام) : «لنكاحه إياها» ـ يدلّ على اقتضاء مطلق النكاح وطبيعيه لثبوت نصف العشر في الثيب التي هي موردها ، باعتبار أن الحبل لا يكون غالباً إلاّ بالوطء . وعلى فرض تسليم إطلاقها ، فهي مخصصة بالنصوص الدالة على ثبوت العشر بتمامه عند وطء الباكر .
إذن فالنتيجة في المقام هو القول بثبوت تمام العشر عند زنا الحرّ بالأمة البكر لصحيحة طلحة بن زيد ، ونصفه عند الزنا بالثيب لصحيحة عبدالله بن سنان .
(1) وقد تقدّم الكلام فيه مفصلاً في المسألة الثامنة من هذا الفصل ، حيث قد عرفت أن فرض زنا الأب مستثنى من عموم حرية الولد، فيما إذا كان أحد أبويه حرّاً .
(2) بلا خلاف فيه بين الأصحاب ، وقد تقدّم الكلام فيه أيضاً .
(3) ما أفاده (قدس سره) غريب منه ، إذ الروايات الواردة في تدليس الأمة وتزوّجها بدعوى الحرية ، غير قاصرة الشمول للمقام .
كموثقة سماعة ، قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن مملوكة أتت قوماً
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) هذا هو الصحيح لمعتبرة سماعة وغيرها ، وعليه فمن الغريب من الماتن (قدس سره) حيث إنه نفى الدليل عليه في المقام ، وذلك لأنّ مورد الروايات هو هذا المقام وهو ما إذا كان الواطئ جاهلاً بالحكم أو مشتبهاً .
(2) الوسائل ، ج 18 كتاب التجارة ، أبواب احكام العيوب ، ب 5 ح 1 .
ــ[81]ــ
جاء من قبل حكم الشارع بالحرية . وعلى فرضه فلا وجه لقيمة يوم التولد، بل مقتضى القاعدة (1) قيمة يوم الانعقاد ، لأنه انعقد حرّاً ، فيكون التفويت في ذلك
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وزعمت أنها حرّة فتزوجها رجل منهم وأولدها ولداً ، ثمّ إنّ مولاها أتاهم فأقام عندهم البينة أنها مملوكة وأقرّت الجارية بذلك ، فقال : «تدفع إلى مولاها هي وولدها ، وعلى مولاها أن يدفع ولدها إلى أبيه بقيمة يوم يصير إليه» (1) .
إذ من الظاهر أنه لا اعتبار بالخصوصيات المذكورة فيها من التدليس وغيره في الحكم ، وإنما المدار على جهل الزوج بالحرمة ، سواء أكان ذلك ناشئاً من جهله بالموضوع أم جهله بالحكم خاصة ، فيشمل الحكم كلتا الصورتين وإن كان موردها هو الأوّل خاصة .
ومما يؤكد ذلك قوله (عليه السلام) في ذيل الصحيحة في جواب السؤال عما لو امتنع الأب عن السعي في ثمن ولده : «فعلى الإمام أن يفتديه ولا يملك ولد حر» .
فإنه واضح الدلالة على عدم اختصاص الحكم بفرض الشبهة الموضوعية ، وإن العبرة إنما هي بكون الوطء شبهة ، بحيث ينتسب الولد إليه شرعاً ويتّصف بكونه ولداً للحرّ ، من دون فرق بين أن يكون ذلك من جهة التدليس أو من جهة اُخرى غيره . ومن هنا فيحكم بحرية الولد مع لزوم دفع قيمته إلى مولاها ، جمعاً بين الحقّين .
ومع قطع النظر عن ذلك ، فمن البعيد جداً أن يكون حكم الجهل بالحكم لا سيما إذا كان عن تقصير أهون من حكم الجهل بالموضوع ، فيجب في الثاني ـ مضافاً إلى دفع العشر أو نصفه ـ قيمة الولد ، في حين يكون الولد له في الأوّل من دون دفع شيء .
وكيف كان ، فما ذكره جماعة من المحققين من وجوب دفع قيمة الولد يوم يسقط حياً الذي هو يوم يصير الولد إلى أبيه لمولاها ، هو الصحيح على ما تقتضيه نصوص التدليس .
(1) لكن العمل بها يتوقّف على عدم النص ، وحيث قد عرفت وجوده فلا مجال
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل ، ج 21 كتاب النكاح ، أبواب نكاح العبيد والإماء ، ب 67 ح 5 .
ــ[82]ــ
الوقت .
|