ــ[106]ــ
[ 3820 ] مسألة 20 : إذا زوّج الأمة غير مولاها من حر ، فأولدها جاهلاً بكونها لغيره ، عليه العشر أو نصف العشر لمولاها ، وقيمة الولد(1) ويرجع بها على ذلك الغير((1)) (2) لأنه كان مغروراً من قبله .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على أنه لو فرضنا أن للمولى النهي المطلق ، فلا مجال للقول بإيجاب الحرمة الناشئة منه لزوال الزوجية ، باعتبار أن الحرمة التي توجب زوال الزوجية إنما هي الحرمة الذاتية كحرمة المحارم النسبية مثل الأم والاُخت ، وأما الحرمة العارضية والتي تزول بزوال العارض كالحرمة الناشئة من الحيض أو المرض فلا توجب زوالها . وحيث إن الحرمة في المقام من هذا القبيل ، لأنها عارضة نتيجة لنهي المولى وتزول برجوع المولى عنه ، فلا توجب بطلان النكاح وزوال الزوجية .
(1) وقد تقدّم الكلام فيه مفصلاً في المسألة الثانية عشرة من هذا الفصل .
(2) وفيه إشكال بل منع ، فإنّ قاعدة الغرور لا دليل عليها .
وما ذكره بعضهم من أنها مستفادة من النبوي «المغرور يرجع على من غره» والتي قد عمل بها المشهور في جملة من الموارد .
ففيه : أنه لم يثبت كون الجملة المتقدِّمة رواية ، ليدعى انجبار ضعفها بعمل المشهور . وعلى تقدير ثبوتها فلم يثبت كونها هي المستند في عمل المشهور ، على أن الانجبار بعمل المشهور غير ثابت في نفسه .
نعم ، ورد في جملة من النصوص ضمان شاهد الزور إذا عدل عن شهادته بعد تلف المال ، إذا كانت الشهادة في غير ما يوجب الحدّ وإلاّ فالاقتصاص منه .
إلاّ أن هذا حكم تعبدي ، ولم يظهر كون الوجه فيه هو الغرور ، بل ثبوته في غير مورد الغرور أيضاً يدل على العدم . فإنه لو رجع الشاهد عن شهادته لظهور اشتباهه وتبيّن الخطأ له ، فإنه يضمن بنسبته إلى عدد الشهود المعتبر في القضية المال ، فيما إذا
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) لا دليل عليه لأنّ قاعدة الغرور غير ثابتة مطلقاً ، والرواية الدالّة على ذلك ضعيفة سنداً ، بل لا يبعد أن يكون المستفاد من صحيحة الوليد عدم وجوب شيء عليه غير المهر .
ــ[107]ــ
كانت الشهادة على غير ما يوجب الحدّ وإلاّ فالدية ، والحال إنه ليس فيه أي غرور . فيكشف ذلك عن أن الحكم ليس من هذه الجهة ، وإنما هو من جهة فرض الشارع المقدّس للشاهد هو المتلف ، فيضمن وإن لم يكن هو المباشر ، لأقوائية السبب عن المباشر حينئذ .
ثمّ إنه قد يستدلّ على الحكم بروايات ثلاث :
الاُولى : خبر رفاعة بن موسى ، قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) ـ إلى أن قال ـ : وسألته عن البرصاء ، فقال : «قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في امرأة زوّجها وليها وهي برصاء أن لها المهر بما استحل من فرجها ، وأن المهر على الذي زوّجها ، وإنما صار المهر عليه لأنه دلسها . ولو أن رجلاً تزوّج امرأة ، وزوّجها إياه رجل لا يعرف دخيلة أمرها ، لم يكن عليه شيء ، وكان المهر يأخذه منها» (1) .
بدعوى أن المستفاد من التعليل ، أعني قوله (عليه السلام) : «لأنه دلسها» عموم الحكم لجميع موارد التدليس ، وعدم اختصاصه بموردها .
وفيه : أن أصل الحكم في مورد الرواية وإن كان مسلماً لدلالة جملة من النصوص المعتبرة عليه ، إلاّ أنه لا مجال للتعدي عن موردها إلى غيره ، لقصورها دلالة وسنداً .
أمّا الأوّل : فلأن غاية ما تفيده هو الرجوع على الذي قد دلّس بالمهر خاصة ، وأما الرجوع بكل ما يخسره الزوج نتيجة للزواج والتدليس فلا دلالة لها عليه ، وحيث إن كلامنا في المقام إنما هو في قيمة الولد لا المهر ، تكون الرواية أجنبية عن محلّ الكلام ولا تصلح للاستدلال .
وأمّا الثاني : فلكونها ضعيفة سنداً لوقوع سهل بن زياد في طريقه ، وهو ممن لم تثبت وثاقته .
الثانية : رواية إسماعيل بن جابر ، قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل نظر إلى امرأة فأعجبته ، فسأل عنها فقيل : هي ابنة فلان ، فأتى أباها فقال : زوّجني ابنتك ، فزوّجه غيرها فولدت منه فعلم بها بعد أنها غير ابنته وأنها أمة ، قال : «تردّ
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل ، ج 21 كتاب النكاح ، أبواب العيوب والتدليس ، ب 2 ح 2 .
ــ[108]ــ
الوليدة على مواليها والولد للرجل ، وعلى الذي زوّجه قيمة ثمن الولد يعطيه موالي الوليدة ، كما غرّ الرجل وخدعه» (1) .
ولا بأس بدلالتها على المدعى . فإن قوله (عليه السلام) : «كما غرّ الرجل وخدعه» بمنزلة التعليل ، وكأنه (عليه السلام) قال : لأنه غارّ وخادع للرجل ، فيمكن التعدي عن موردها .
إلاّ أنها ضعيفة من حيث السند ، لوقوع محمد بن سنان في طريقها ، وهو ممّن لم تثبت وثاقته ، لتعارض الروايات الواردة في توثيقه بما اشتمل على ذمه وجرحه (2) .
الثالثة : صحيحة جميل بن دراج عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، في الرجل يشتري الجارية من السوق فيولدها ثمّ يجيء مستحق الجارية ، قال : «يأخذ الجارية المستحق ، ويدفع إليه المبتاع قيمة الولد ، ويرجع على من باعه بثمن الجارية وقيمة الولد التي اُخذت منه» (3) .
وهي وإن كانت واضحة الدلالة على رجوع مالك الأمة على المشتري بالجارية وقيمة الولد وضمان البائع لقيمة الولد ، إلاّ أنها واردة في خصوص البيع ، فالتعدي عن موردها يحتاج إلى الدليل ، لا سيما وإن مقتضاها رجوع المشتري على البائع عند رجوع المالك عليه مطلقاً ، حتى ولو لم يكن البائع غارّاً له ، كما لو كان البائع جاهلاً بالحال أيضاً ، فمن المحتمل قوياً أن يكون ثبوت الضمان عليه من جهة ترتب يده عليها الموجب للضمان ، فتكون الرواية أجنبية عن محل الكلام ، فلا بدّ من الاقتصار على موردها ولا مجال للتعدي عنه إلى غيره .
والحاصل أنّ ما أفاده الماتن (قدس سره) من رجوع الزوج على الذي زوّجه الأمة بقيمة الولد ، لا دليل عليه لعدم ثبوت قاعدة الغرور مطلقاً ، وضعف الروايات التي استدلّ بها على المدعى سنداً أو دلالة .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل ، ج 21 كتاب النكاح ، أبواب العيوب والتدليس ، ب 7 ح 1 .
(2) راجع معجم رجال الحديث 17 : 160 .
(3) الوسائل ، 21 كتاب النكاح ، أبواب نكاح العبيد والإماء ، ب 88 ح 5 .
|