ــ[113]ــ
بل مطلقاً وإن كانت تحت حرّ على الأقوى ((1)) (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تقرّ عند زوجها ، وإن شاءت فارقته» الحديث (2) .
وصحيحة محمد بن مسلم ، قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن المملوكة تكون تحت العبد ثمّ تعتق ، فقال : «تُخيّر ، فإن شاءت أقامت على زوجها ، وإن شاءت فارقته» (3) .
وموثقة عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله (عليه السلام) : «إنه كان لبريرة زوج عبد ، فلما اُعتقت قال لها النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : اختاري» (4) . وغيرها من الأخبار .
(1) واستدلّ له بجملة من النصوص تدلّ على المدعى بالصراحة أو بالإطلاق منها :
رواية أبي الصباح الكناني عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، قال : «أيما امرأة اُعتقت فأمرها بيدها ، إن شاءت أقامت معه ، وإن شاءت فارقته» (5) .
فإنها بإطلاقها تدلّ على ثبوت الخيار للمعتقة ، سواء أكان زوجها عبداً أم حرّاً .
ولا تنافي بين هذه الرواية والروايات المتقدِّمة ، حيث إن تلك الروايات وإن كان موردها العبد ، إلاّ أنه لا دلالة فيها على اختصاص الحكم بما إذا كان زوجها عبداً ونفي الحكم عن غيره ، وتكون غاية دلالتها هو ثبوت الحكم فيما إذا كان زوجها عبداً من دون تعرض للنفي عن غيره ، فلا تعارض ما دلّ على ثبوت الخيار للمعتقة مطلقاً حتى وإن كان زوجها حرّاً .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) فيه إشكال بل منع .
(2) الوسائل ، ج 21 كتاب النكاح ، أبواب نكاح العبيد والإماء ، ب 52 ح 2 .
(3) الوسائل ، ج 21 كتاب النكاح ، أبواب نكاح العبيد والإماء ، ب 52 ح 7 .
(4) الوسائل ، ج 21 كتاب النكاح ، أبواب نكاح العبيد والإماء ، ب 52 ح 9 .
(5) الوسائل ، ج 21 كتاب النكاح ، أبواب نكاح العبيد والإماء ، ب 52 ح 8 .
ــ[114]ــ
لكن هذه الرواية ضعيفة من حيث السند وإن عبّر عنها في الجواهر بالصحيحة (1) وكذا نقل في الحدائق عن الشهيد (قدس سره) في المسالك (2) . إذ إن محمد بن الفضيل الواقع في سندها مشترك بين الثقة وغير الثقة ، ولم يثبت كونه محمّد بن القاسم بن الفضيل الثقة ، وإن أصرّ الاردبيلي (قدس سره) في جامع الرواة عليه (3) .
ومنها : رواية عبدالله بن بكير ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، في رجل حر نكح أمة مملوكة ثمّ اُعتقت قبل أن يطلقها ، قال : «هي أملك ببضعها» (4) .
وهي وإن كانت صريحة في المدعى ، إلاّ أنها مرسلة لا مجال للاعتماد عليها .
ومنها : رواية محمد بن آدم عن الرضا (عليه السلام) ، أنه قال : «إذا اُعتقت الأمة ولها زوج خيّرت ، إن كانت تحت عبد أو حرّ» (5) .
وهي وإن كانت صريحة في المدعى أيضاً ، إلاّ أنها ضعيفة السند من جهتين ، فإنها مرسلة لعدم ذكر الواسطة بين الشيخ (قدس سره) ومحمد بن آدم الذي هو من أصحاب الرضا (عليه السلام) ، على أن محمد بن آدم نفسه لم يثبت توثيقه .
ومنها : رواية زيد الشحام عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، قال : «إذا اُعتقت الأمة ولها زوج، خيّرت ، إن كانت تحت عبد أو حرّ» (6) .
وهي ضعيفة السند من جهة أن أبا جميلة المفضل بن صالح ممن ضعّفه النجاشي (7) فلا مجال للاعتماد عليها .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الجواهر 30 : 244 .
(2) الحدائق 24 : 249 ، مسالك الافهام 8 : 33 .
(3) جامع الرواة 2 : 177 .
(4) الوسائل ، ج 21 كتاب النكاح ، أبواب نكاح العبيد والإماء ، ب 52 ح 11 .
(5) الوسائل ، ج 21 كتاب النكاح ، أبواب نكاح العبيد والإماء ، ب 52 ح 12 .
(6) الوسائل ، ج 21 كتاب النكاح ، أبواب نكاح العبيد والإماء ، ب 52 ح 13 .
(7) رجال النجاشي : 128 ، (332) في ترجمة جابر بن يزيد .
ــ[115]ــ
إذن فجميع الروايات الدالّة على ثبوت الخيار للمعتقة فيما إذا كان زوجها حرّاً ضعيفة السند ، ولا مجال للاعتماد عليها .
ومن هنا فيتعيّن الاقتصار في الحكم بثبوت الخيار على خصوص مورد الروايات المعتبرة ، أعني ما لو كان زوجها عبداً ، فإن التعدي عنه يحتاج إلى الدليل وهو مفقود كما عرفت ، ومقتضى إطلاقات أدلّة نفوذ العقد والإمضاء هو بقاء الزوجية وعدم ثبوت الخيار عند عتقها فيما إذا كان زوجها حراً .
والحاصل أن ما ذهب إليه الماتن (قدس سره) وغيره ، من عموم الحكم لما إذا كان زوجها حراً ، مشكل جداً بل ممنوع .
ثمّ هل يثبت الخيار لها لو اعتقت هي وزوجها معاً ، أم لا ؟
الظاهر هو الثبوت. وذلك لأن القاعدة وإن كانت تقتضي عدم الخيار لها، باعتبار أنه ليس في المقام زمان تكون الزوجة فيه حرّة والزوج عبداً ، فإنهما يعتقان في زمان واحد ويتصفان معاً بالحرية ، ومن هنا فلا تشمله نصوص الخيار لاختصاصها ـ على ما عرفت ـ بما إذا اُعتقت الزوجة وكان الزوج عبداً ، وهو غير صادق في المقام .
إلاّ أن صحيحة عبدالله بن سنان دالّة على ثبوت الخيار لها في الفرض ، قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول : «إذا أعتقت مملوكيك رجلاً وامرأته فليس بينهما نكاح» وقال : «إن أحبّت أن يكون زوجها كان ذلك بصداق» (1) .
فإنها دالّة على ثبوت الخيار للأمة المعتقة حتى ولو اُعتق زوجها معها ، فمن هنا فلا محيص عن رفع اليد عن القاعدة والالتزام بما تضمّنه النص الصحيح .
نعم ، أورد صاحب الحدائق على الاستدلال بهذا النص ، بأنه دال على بطلان النكاح بينهما عند انعتاقهما معاً وارتفاع الزوجية قهراً (2) .
إلاّ أنه مدفوع بالقطع بعدم بطلان الزوجية في الفرض ، فإنه لا يخلو إما من الإلحاق بصورة كون الزوج حين عتقها عبداً ، وأما بالإلحاق بصورة كونه حراً .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل ، ج 21 كتاب النكاح ، أبواب نكاح العبيد والإماء ، ب 53 ح 1 .
(2) الحدائق 24 : 254 .
ــ[116]ــ
فيثبت لها الخيار في الأوّل إجماعاً ، وفي الثاني ـ على ما ذهب إليه المشهور وعلى ما اخترناه ـ فلا خيار لها . وأما الحكم بالبطلان قهراً فلا وجه له ولم ينسب القول به إلى أحد ، ومجرد التعبير بأنه «ليس بينهما نكاح» لا يقتضي ذلك . فإنه قد ورد نظير ذلك في تأخير المشتري للثمن ، حيث ذكر (عليه السلام) أنه لا بيع بينهما (1) والحال أنه لم يحتمل أحد الحكم بالبطلان ، وإنما التزموا بثبوت الخيار للبائع خاصة .
والحاصل أنه لا بدّ من حمل التعبير في الصحيحة بـ «فليس بينهما نكاح» على نفي لزوم العقد السابق وثبوت الخيار لها ، دون بطلان أصل العقد .
ويدلّ على ما ذكرناه أمران :
الأوّل : قوله (عليه السلام) : «إن أحبت أن يكون زوجها كان ذلك بصداق» . فإنه ظاهر في ثبوت الخيار لها ، وإلاّ فلو كان النكاح باطلاً لم تكن محبتها خاصة كافية في ثبوت الجواز ، بل كان ينبغي تعليق الحكم على محبتهما معاً والتراضي من الطرفين فكفاية محبتها خاصّة إنما تكشف عن كون المراد بقوله (عليه السلام) : «ليس بينهما نكاح» هو نفي اللّزوم وثبوت الخيار لها .
الثاني : ذيل الحديث ، حيث ورد فيه : قال : سألته عن الرجل ينكح عبده أمته ثمّ يعتقها ، تخيّر فيه ام لا ؟ قال : «نعم ، تخيّر فيه إذا اُعتقت» (2) .
فإنّ سؤال ابن سنان عن عتقها وحدها بعد سماعه لحكم عتقهما معاً ، شاهد على فهمه لثبوت الخيار لها عند عتقهما معاً ، بحيث كان السؤال الثاني عن اختصاص الحكم بصورة عتقهما معاً أو عمومه لعتقها خاصة أيضاً .
ثمّ لو شرط المولى عليها عدم فسخ النكاح بعد عتقها ، فلا شك ولا إشكال في نفوذه ، لكونه أمراً سائغاً فيشمله عموم ما دلّ على لزوم الوفاء بالشرط ، بلا فرق بين أن يكون الاشتراط في ضمن العتق أو في ضمن عقد لازم غيره ، وسيأتي من المصنف (قدس سره) التعرض له في المسألة العاشرة من هذا الفصل .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل ، ج 18 كتاب التجارة ، أبواب الخيار ، ب 9 .
(2) الوسائل ، ج 21 كتاب النكاح ، أبواب نكاح العبيد والإماء ، ب 52 ح 1 .
|