يشترط في النكاح الصيغة - عدم كفاية لفظ المتعة في النكاح الدائم 

الكتاب : المباني في شرح العروة الوثقى- الجزء الثالث:النكاح   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 6596

 

فصل

في العقد وأحكامه

   [ 3834 ] مسألة 1 : يشترط في النكاح الصيغة ، بمعنى الإيجاب والقبول اللّفظيين(2) فلا يكفي التراضي الباطني ، ولا الإيجاب والقبول الفعليين . وأن يكون

ــــــــــــــــــــــــــــــ
فصل

في العقد وأحكامه

   (2) وهو مما لا خلاف فيه ، بل عليه إجماع علماء المسلمين على ما في كلمات بعضهم .


ــ[129]ــ

   واستدل عليه شيخنا الأعظم (قدس سره) بأنه الفارق بين السفاح والنكاح ، إذ الأوّل بحسب الغالب يقع بالتراضي بين الطرفين ، فإذا كان هو بوحده كافياً ولم يعتبر اللفظ لم يبق فارق بينه وبين النكاح (1) .

   وما أفاده يعد غريباً منه (قدس سره) ، فإن الفارق بين النكاح والسفاح لا يكمن في اللفظ فإنه أجنبي عن ذلك ، إذ قد يكون السفاح مع اللفظ وقد يكون النكاح بغيره .

   وإنما الفرق بينهما يكمن في أن النكاح أمر اعتباري ، حيث يعتبر الرجل المرأة زوجة له وتعتبر المرأة الرجل زوجاً لها ، في حين إن السفاح هو الوطء الخارجي المجرد عن اعتبار الزوجية بينهما .

   نعم ، يمكن الاستدلال عليه بجملة من النصوص الدالّة على اعتبار اللّفظ في المتعة بل يظهر من بعضها مفروغية اعتبـاره لدى السائل ، وإنّما السؤال عن كيفياته وخصوصياته(2) . فإنه إذا كان اعتباره في المتعة معلوماً ومفروغاً عنه ، فاعتباره في الدوام يكون بطريق أَولى .

   على أن في بعض هذه النصوص أنها : «إذا قالت : نعم ، فقد رضيت وهي امرأتك وأنت أولى الناس بها» وهو ظاهر الدلالة في عدم كفاية الرضا الباطني واعتبار اللّفظ بحيث لولا قولها : «نعم» لما تحقّقت الزوجية ولما كان الرجل «أولى الناس بها» .

   هذا كلّه مضافاً إلى صحيحة بريد العجلي ، قال : سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عزّ وجلّ : (وَأَخَذْنَ مِنكُم مِيثاقاً غَلِيظاً) فقال : «الميثاق هو الكلمة التي عقد بها النكاح ، وأما قوله : (غَلِيظاً) فهو ماء الرجل يفضيه إليها» (3) .

   فانها واضحة الدلالة على اعتبار التلفّظ ، وعدم كفاية مجرد الرضا الباطني ، بل وإظهاره بغير اللّفظ المعين .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) كتاب النكاح للشيخ الانصاري 20 : 77 طبع المؤتمر العالمي .

(2) الوسائل ، ج 21 كتاب النكاح ، أبواب المتعة ، ب 18 .

(3) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب عقد النكاح وأولياء العقد ، ب 1 ح 4 .

ــ[130]ــ

الإيجاب بلفظ النكاح أو التزويج على الأحوط ((1)) ، فلا يكفي بلفظ المتعة في النِّكاح الدائم (1)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   وكيف كان ، فاعتبار الصيغة في إنشاء النكاح وعدم كفاية المعاطاة مما لا خلاف فيه بينهم ولا إشكال .

   (1) وذلك فلأن المذكور في النصوص الدالّة على اعتبار اللفظ إنما هو التزويج ومشتقّاته ، لكن حيث علمنا أنه لا خصوصيّة لهذا اللفظ بعينه ، جاز استعمال لفظ النكاح في إنشاء العقد الدائم، لوروده في جملة من الآيات الكريمة والنصوص الشريفة.

   وأمّا لفظ المتعة ، فلا ينبغي الإشكال في صحّة إنشاء العقد المنقطع به ، فإنه حقيقة فيه . وأما إنشاء العقد الدائم به فلا يخلو من إشكال بل منع ، حيث لم نظفر بآية أو رواية قد استعمل فيها هذا اللفظ في الزواج الدائم ، فيكون استعماله فيه استعمالاً مجازياً لا محالة ، ومن هنا فالاكتفاء به في إنشائه يحتاج إلى الدليل ، وهو مفقود .

   وبعبارة اُخرى : إن استعمال لفظ المتعة في الزواج الدائم وإن كان صحيحاً على نحو المجاز ، إلاّ أن كفايته في إنشائه بعد اعتبار لفظ خاص فيه تحتاج إلى الدليل . والماتن (قدس سره) وغيره ممن يلتزم بالكفاية في المقام ، لا يكتفون بالاستعمالات المجازية في إنشاء العقود حتى مع نصب القرينة عليه في غير المقام كالبيع والإجازة ، لعدم الدليل عليه .

   وبالجملة فلو كنا نحن ولم يكن دليل على اعتبار لفظ خاص ، لكان حال النكاح حال العقود التي يكتفى في إنشائها بكل مبرز ، إلاّ أن مقتضى هذه الأدلة هو الاقتصار على لفظ خاص ، والمذكور فيها وإن كان هو التزويج إلاّ أننا قد تعدينا عنه إلى لفظ النكاح أيضاً ، للقطع . وأما غيره فالتعدي إليه يحتاج إلى الدليل ، وحيث إنه مفقود فالأحوط لزوماً ـ إن لم يكن الأقوى ـ هو الاقتصار في إنشاء النكاح الدائم على لفظي الزواج والنكاح خاصة .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) هذا الاحتياط لا يُترك .

ــ[131]ــ

   نعم ، في بعض الكلمات الاستدلال على جواز إنشاء النكاح الدائم به ، بما ورد من انقلاب المنقطع دائماً إذا لم يذكر فيه الأجل نسياناً .

   وفيه : أنه لم ترد ولا رواية واحدة تدلّ على انقلاب العقد المنقطع دائماً في فرض النسيان ، فإن الأخبار خالية عن ذلك بالمرة ، وإنما ورد ذلك في بعض كلمات الأصحاب .

   نعم ، وردت جملة من النصوص تدلّ على انقلاب المنقطع دائماً فيما إذا تعمد ترك الأجل ، على ما ورد التصريح بذلك في بعضها ، حيث ورد فيها : (إني أستحي أن أذكر شرط الأيام) (1) . إلاّ أنها أجنبية عن جواز إنشاء النكاح الدائم بلفظ التمتع ، فإنها ناظرة إلى خصوصيّة ذكر الأجل وعدمه خاصة ، من دون أن يكون لها نظر إلى بقية الشرائط المعتبرة في العقد الدائم .

   وعلى هذا فهي إنما تتضمّن الانقلاب عند عدم ذكر الأجل ، فيما إذا كان العقد قابلاً لأنّ يكون زواجاً دائماً .

   فإذا لم يكن العقد كذلك ، فلا يوجب ترك الأجل عمداً أو نسياناً انقلابه دائماً ، كما لو كانت لديه أربع زوجات دائمات فتزوج بالخامسة متعة ولم يذكر الأجل ، أو تزوّج بالكتابية متعة ومن دون ذكر الأجل بناءً على عدم جواز تزوّج الكتابية بالعقد الدائم أو تزوّج بالبكر كذلك من دون إذن أبيها بناءً على اختصاص اعتبار الإذن في نكاح البكر دائماً وعدم اعتباره في المتعة ، كما هو أحد الأقوال في المسألة .

   فإنه حينئذ لا مجال للقول بالانقلاب وشمول تلك الأخبار لها ، فإنها إنما تنظر إلى خصوص العقد القابل للانقلاب ، وليس لها نظر إلى فقدان شرط معتبر في النكاح الدائم .

   ومن هنا يظهر ما في استدلال شيخنا الأعظم (قدس سره) على عدم اعتبار الماضوية في الصيغة بهذه الروايات حيث ورد فيها : (أتزوّجك) ، وهو بضميمة انقلابه إلى النكاح الدائم عند عدم ذكر الأجل ، يدلّ على إمكان إنشاء النكاح الدائم بغير

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل ، ج 21 كتاب النكاح ، أبواب المتعة ، ب 20 ح 2 .

ــ[132]ــ

وإن كان لا يبعد (1) كفايته مع الإتيان بما يدلّ على إرادة الدوام .
ــــــــــــــــــــ

صيغة الماضي ، وعدم اعتبارها فيه (1) .

   إذ يرد عليه ما قد عرفت ، من أن هذه النصوص ليست بصدد بيان جميع الشرائط المعتبرة في النكاح الدائم .

   والحاصل أنه لا يجوز إنشاء العقد الدائم بلفظ المتعة ، لعدم الدليل عليه بعد أن كان استعماله فيه مجازياً ، ولا أقلّ من كون ما ذكرناه هو الأحوط .

   (1) قد عرفت أنه بعيد ، ولا يساعد عليه دليل .
ـــــــــــــــ

(1) كتاب النكاح للشيخ الانصاري 20 : 78 طبع المؤتمر العالمي .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net