ــ[140]ــ
[ 3835 ] مسألة 2 : الأخرس يكفيه الإيجاب والقبول بالإشارة ((1)) مع قصد الإنشاء وإن تمكن من التوكيل على الأقوى (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بدعوى أنه لم يرد في شيء من طرق هذه الصحيحة قبول الرجل بعد إيجاب النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، فيكشف ذلك عن الاكتفاء بأمره بالتزوج المتقدم على الإيجاب .
فالاستدلال به مشكل ، فإن دعوى كون أمر الرجل توكيلاً للنبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بعيدة ، لأنه وبحسب المتفاهم العرفي ليس إلاّ طلباً في التزويج .
وأبعد منها دعوى كونه قبولاً متقدماً وإنشاءً للتزويج ، إذ ليس للطلب ظهور في التزويج لا سيّما في المقام ، حيث فصلت جملات عديدة صدرت من النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وأجوبة صدرت من الرجل بين أمره والإيجاب ، والحال أن المعروف والمشهور بين الأصحاب اعتبار التوالي بين الإيجاب والقبول .
على أنّ المهر إنما ذكر في الإيجاب خاصة ، ولم يكن له في الأمر ذكر ، فلا يمكن جعله قبولاً سابقاً ، لاستلزامه عدم تطابقه مع الإيجاب .
ومن هنا ، فإما أن تحمل هذه الصحيحة على أن الراوي لم يكن بصدد بيان جميع الخصوصيات وإنما هو بصدد بيان جهة خاصة ، هي عدم لزوم كون المهر درهماً أو ديناراً بل يكفي كونه قرآناً ، ولذا لم يذكر قبول الرجل . أو يقال بأن ذلك من خصوصيات النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، حيث يكتفى بإيجابه خاصة ، ولا يعتبر فيه القبول مع رضا الرجل أو حتى مع عدمه ، لولايته (صلّى الله عليه وآله وسلّم) العامة ، ومعه فلا مجال للتعدي عنه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) والاستدلال بها على الجواز في غير إيجابه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) .
وعلى كل ، فما أفاده الماتن (قدس سره) لا يمكن المساعدة عليه ، ولا أقل من كون خلافه هو الأحوط لزوماً .
(1) بل لم يظهر الخلاف فيه من أحد . واستدلّ عليه بأن دليل اعتبار اللفظ لما كان
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) وبتحريك لسانه أيضاً .
ــ[141]ــ
هو التسالم بين المسلمين وهو دليل لبي، فلا بدّ من الاقتصار فيه على القدر المتيقن وهو غير الأخرس، وأما هو فيُكتفى بإشارته ، لإطلاقات أدلّة النكاح وعموماته .
إلاّ أن لازم ذلك عدم اختصاص الحكم بالأخرس ، بل لا بدّ من الالتزام بعمومه لكل عاجز عن التكلم ، سواء أكان ذلك بالأصالة وهو المسمّى بالأخرس ، أم كان لعارض كالمقطوع لسانه .
نعم ، لو كان اعتبار اللفظ مستفاداً من الأدلّة اللّفظية كما استظهرناه ، كان مقتضى إطلاقها عدم الفرق بين القادر على التكلم والعاجز عنه مطلقاً ، إذ الأحكام الوضعية لا تختلف بالقدرة وعدمها ، وحينئذ فلا بدّ من التماس دليل على صحّة عقد الأخرس بالإشارة .
ويدلّ عليه ما ورد في طلاق الأخرس ، من الاكتفاء بالكتابة أو الإشارة على النحو الذي يعرف به سائر أفعاله ومقاصده ، مثل حبه أو كراهته(1) . فإنه إذا جاز الطلاق بالإشارة ، جاز النكاح بها بطريق أولى ، إذ الطلاق أشدّ حالاً من النكاح .
وما ورد في قراءته في الصلاة أو تشهده أو تلبيته «وما أشبه ذلك» على حد التعبير الوارد في معتبرة مسعدة بن صدقة(2) من أنها بتحريك لسانه وإشارته بإصبعه(3) . ومن الواضح أن المراد من «ما أشبه ذلك» هو كل ما يعتبر فيه التلفظ شرعاً .
ومن هنا تكون هذه الروايات شاملة للمقام ودالّة على المدعى ، أعني جواز إنشاء الأخرس للنكاح بإشارته .
غير أن مقتضى هذه النصوص لزوم إضافة تحريك اللسان إلى الإشارة باصبعه وعدم الاكتفاء بالإشارة المجردة ، كما ورد ذلك في معتبرة مسعدة بن صدقة المتقدِّمة ويظهر من روايات الطلاق ، حيث قيد الحكم بكون إبرازه للنكاح بالإشارة كإبراز سائر مقاصده واُموره ، ومن الواضح أن المتعارف عند الأخرس في مقام بيان مقاصده هو تحريك لسانه مضافاً إلى الإشارة بإصبعه أو يده أو غيرهما ، ومن هنا فلا محيص
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل ، ج 22 كتاب الطلاق ، أبواب مقدماته وشروطه ، ب 19 .
(2) و (3) الوسائل ، ج 6 كتاب الصلاة ، أبواب القراءة في الصلاة ، ب 59 ح 1 ، 2 .
ــ[142]ــ
[ 3836 ] مسألة 3 : لا يكفي في الإيجاب والقبول الكتابة (1) . ــــــــــــــــــ
عن اشتراط تحريك اللِّسان في إنشاء الأخرس للنكاح بالإشارة .
(1) لعدم الدليل على الاكتفاء بها ، بعد ما دلّ على اعتبار اللفظ في الإنشاء .
|