ــ[161]ــ
[ 3850 ] مسألة 17 : يشترط تعيين الزّوج والزّوجة (1) على وجه يمتاز كل
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المعاقدة والمعاهدة ، إذ العبرة في صدقهما إنما هي بانضمام أحد الالتزامين إلى الآخر ، كما عرفت . وحيث إن هذا متحقق في المقام ، نظراً لبقاء التزام الموجب بعد حالة عدم الأهليّة وحين القبول ، فلا وجه للقول بعدم صدق المعاقدة مع وجود الحالة المتخللة .
هذا ومما يعضد ما ذكرناه السيرة العقلائية خارجاً ، حيث نرى أنهم يلتزمون بصحّة البيع أو الهبة أو ما شاكلهما من العقود ، حتى مع تخلل حالة عدم الأهلية للموجب بين حالتي أهليته حين الإيجاب وأهليته حين القبول ، كما لو كان البائع في بلد والمشتري في آخر فكتب إليه بالبيع أو ما شاكله ، فإنه يلتزم بالصحّة فيه فيما إذا تعقب القبول ممن له ذلك ، والحال إنه لا تخلو هذه الحالات من عروض عدم الأهلية للموجب ولا أقلّ من النوم .
نعم ، في مثل الجنون لا يبعد القول بأنه مزيل للالتزام ، فلا يؤثر القبول في الصحّة بعد ذلك ، وذلك لأنّ المجنون لا التزام له ، وعلى فرض وجوده فهو في حكم العدم بلا خلاف ، فلا ينفع فيه القبول المتأخر .
ثمّ إن الظاهر أن الإغماء ملحق بالنوم دون الجنون ، فإنه نوم حقيقة ، غاية الأمر أنه مرتبة قوية منه . وعليه فيحكم بصحّة العقد عند القبول بعد ذلك ، لبقاء الالتزام الأوّل .
والحاصل أن طرو ما يزيل الأهلية عن الموجب قبل تحقق القبول ، لا يؤثر شيئاً في صحّة العقد عند تحقق القبول ، فيما إذا فرض بقاء الالتزام الأوّل وعدم زواله بعد زوال الأمر الطارئ .
نعم ، لو فرض ارتفاع الالتزام الأوّل نتيجة طرو ما يزيل الأهلية ، لم يكن للقبول المتأخر أثر في صحّة العقد .
(1) بلا خلاف فيه .
والوجه فيه أن الزوجية إنما تقوم بالأفراد الخارجية من الرجال والنساء ، كما يظهر ذلك من جملة من الآيات الكريمة ، كقوله تعالى: (وَأَنْكِحُوا الاَْيَامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحينَ
ــ[162]ــ
منهما عن غيره بالاسم ، أو الوصف الموجب له ، أو الإشارة .
فلو قال : (زوجتك إحدى بناتي) بطل (1) . وكذا لو قال : (زوجت بنتي أحد ابنيك) أو : (أحد هذين) . وكذا لو عيّن كل منهما غير ما عيّنه الآخر (2) .
بل وكذا لو عيّنا معيّناً من غير معاهدة بينهما ، بل من باب الاتفاق صار ما قصده أحدهما عين ما قصده الآخر (3) . وأما لو كان ذلك مع المعاهدة ، لكن لم يكن هناك دالّ على ذلك من لفظ أو قرينة خارجية مفهمة ، فلا يبعد الصحّة (4) وإن كان الأحوط خلافه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مِنْ عِبَادِكُمْ وإِمَائِكُمْ)(1) وقوله: (فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ)(2) وغيرها . فإنّ مقتضى انحلال العموم فيها ، جواز النكاح لكل فرد فرد من الإماء والنساء . وكذلك النصوص والسيرة العقلائية .
(1) لعدم وجود تعيين حتى في الواقع وعلم الله . والجامع بينهما وإن كان موجوداً إلاّ أنه لا يصلح لترتب آثار الزوجية عليه ، كوجوب المجامعة في كل أربعة أشهر أو الإنفاق ، وما شاكلهما .
(2) لعدم تحقق المعاهدة ، إذ لم ينضم التزام الموجب إلى التزام القابل ، لعدم التطابق بينهما ، نظراً لتعلّق كل منهما بغير ما تعلّق به الآخر .
(3) والوجه فيه يظهر مما تقدّم ، إذ لم ينضمّ الالتزام من أحدهما إلى الالتزام من الآخر ، لعدم التطابق بينهما ، نظراً لاعتقادهما خلاف ذلك . ومن هنا فلا تتحقق المعاهدة بالنسبة إلى الشخص المعيّن ، ومجرد الانطباق الخارجي لا يكفي في تحقق المعاهدة وصدقها ، بعد عدم الانطباق بين الاعتقادين والالتزامين .
(4) بل لم يظهر وجه للبطلان في المقام ، فإن العبرة في صحّة العقد ـ كما عرفت غير مرّة ـ إنما هي بانضمام أحد الإلتزامين بالآخر ووقوعهما لشخص واحد ، مع إبراز ذلك بمبرز من دون اعتبار لاتحاد المبرزين . وهذا المعنى لما كان متحققاً في المقام ، حيث إن
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة النور 24 : 32 .
(2) سورة النساء 4 : 3 .
ــ[163]ــ
ولا يلزم تمييز ذلك المعيّن عندهما حال العقد (1) بل يكفي التميز الواقعي مع إمكان العلم به بعد ذلك ، كما إذا قال : (زوّجتك بنتي الكبرى) ولم يكن حال العقد عالماً بتاريخ تولّد البنتين ، لكن بالرجوع إلى الدفتر يحصل له العلم .
نعم ، إذا كان مميزاً واقعاً ، ولكن لم يمكن العلم به ظاهراً ـ كما إذا نسي تاريخ ولادتهما ولم يمكنه العلم به ـ فالأقوى البطلان ((1)) ، لانصراف الأدلّة عن مثله (2) . فالقول بالصحّة والتشخيص بالقرعة ، ضعيف .
[ 3851 ] مسألة 18 : لو اختلف الاسم والوصف أو أحدهما مع الإشارة أخذ بما هو المقصود(3) واُلغي ما وقع غلطاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كلاًّ من الالتزامين مرتبط ومنضمّ إلى الآخر وهما معاً لشخص واحد ، غاية الأمر أن المبرز لكل من الالتزامين يختلف عن المبرز للآخر ، حكم بصحته ، فإن ذلك غير ضائر حتى مع عدم القرينة بعد علمهما بالاتحاد فلا وجه لتوهم البطلان فيه بالمرة .
(1) لإطلاق الأدلّة ، على ما سيأتي توضيحه في التعليقة الآتية .
(2) لم يظهر لنا وجه ذلك . فإن المرأة معينة واقعاً والعقد واجد لجميع شروط الصحّة المعتبرة فيه ، ولا دليل على اعتبار التمييز في مقام الإثبات ، فإنه لا قائل ببطلان العقد فيما إذا حصل الاشتباه في الزوجة أو الزوج فور تمامية العقد بعد ما كان معيناً بالذات ، كما لو دخلت المرأة بعد العقد إلى مكان فيه أقرانها ثمّ ادعت كل واحدة منهن أنها هي المعقود عليها ، بل لا يعرف لذلك موجب بعد أن كان مقتضى إطلاقات الأدلّة هو الصحّة ، إذ لم يرد على شيء منها تقييد بالمعلومية في مقام الإثبات .
نعم ، لا بدّ من رفع الاشتباه وتعيين المعقود عليها ، لترتب آثار الزوجية عليه ، إذ الجامع لا يصلح لذلك . وحيث إن الترجيح بلا مرجح لا مجال للقول به ، يتعيّن المصير إلى القرعة ، لأنها لكل أمر مشكل ، وما نحن فيه منه .
(3) لأنه الملاك في تطابق الالتزامين وعدمه، فإذا اتحد صح العقد، لتحقّق المعاهدة
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في القوّة إشكال ، بل الصحّة غير بعيدة .
ــ[164]ــ
مثلاً لو قال : (زوجتك الكبرى من بناتي فاطمة) وتبين أن اسمها خديجة ، صحّ العقد على خديجة التي هي الكبرى .
ولو قال : (زوّجتك فاطمة وهي الكبرى) فتبيّن أنها صغرى ، صحّ على فاطمة ، لأنها المقصود ، ووصفها بأنها كبرى وقع غلطاً فيلغى .
وكذا لو قال : (زوّجتك هذه وهي فاطمة) أو (وهي الكبرى) فتبين أن اسمها خديجة أو أنها صغرى ، فإن المقصود تزويج المشار إليها ، وتسميتها بفاطمة أو وصفها بأنها الكبرى وقع غلطاً فيلغى .
|