ــ[171]ــ
فصل
في مسائل متفرِّقة
[ 3855 ] الأُولى : لا يجوز في النِّكاح دواماً أو متعة اشتراط الخيار في نفس العقد ، فلو شرطه بطل (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فصل
في مسائل متفرقة
(1) بلا خلاف فيه ، بل ادعي عليه الإجماع في كلمات غير واحد من الأصحاب . وقد نسب إلى بعض القول بجوازه ، إلاّ أنه لم يعرف قائله . ويدلّ عليه :
أوّلاً : أن جعل الخيار إنما يصحّ فيما إذا كان اللّزوم من حقوق المتعاقدين أو أحدهما. وأما إذا كان ذلك من الأحكام الشرعية ، فليس لهما اشتراط الخيار ، لأنه من تغيير الحكم الشرعي وأمره بيد الشارع ، وليس للمكلف فيه صلاحية نفياً أو إثباتاً نظير اشتراط اللّزوم في العقود الجائزة . وحيث إن اللّزوم في النكاح من الأحكام الشرعية ، فإن الزواج مستمر إلى تحقق ما يرفعه من الموت أو الطلاق أو انقضاء المدّة أو الإبراء في العقد المنقطع ، فلا يرتفع باشتراط الخيار فيه . والذي يكشف عن كون اللزوم في النكاح من الأحكام ، أنه لو كان من الحقوق لهما لوجب الالتزام بصحّة الإقالة فيه كما هو الحال في البيع ، والحال أنها غير جائزة فيه بلا خلاف .
ثانياً : أن جعل الخيار لما كان يرجع إلى تحديد المنشأ وتوقيتـه بعدم الفسخ لامتناع الإهمال وعدم معقولية الإطلاق والشمول لما بعد الفسخ ـ على ما تقدّم بيانه مفصلاً في كتاب البيع ـ كانت الزوجية مقيدة ومؤقتة بقبل الفسخ لا محالة ، وإذا كانت
كذلك حكم ببطلانه ، لأن تحديد الأجل بنحو لا يقبل الزيادة والنقصان من أركان العقد المنقطع ، وهو مفقود في المقام بحسب الفرض ، حيث إن تاريخ الفسخ مجهول .
ــ[172]ــ
وفي بطلان العقد به قولان . المشهور على أنه باطل ((1)) . وعن ابن إدريس أنه لا يبطل ببطلان الشرط المذكور . ولا يخلو قوله عن قوّة (1) إذ لا فرق (2) بينه وبين سائر الشروط الفاسدة فيه ، مع أن المشهور على عدم كونها مفسدة للعقد . ودعوى كون هذا الشرط منافياً لمقتضى العقد ، بخلاف سائر الشروط الفاسدة التي لا يقولون بكونها مفسدة ، كما ترى .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وبعبارة اُخرى : إن عقد الزواج لا يخلو بحسب ما يستفاد من الأدلة من قسمين: دائم، ومنقطع، ولا ثالث لهما . والأوّل غير متصوَّر في المقام ، لاستلزام جعل الخيار التقييد . والثاني يقتضي البطلان ، لفقده ركناً من أركانه ، وهو تحديد الأجل بنحو لا يقبل الزيادة أو النقصان .
(1) في القوة إشكال بل منع ، والصحيح ما ذهب إليه المشهور .
والوجه فيه يظهر مما تقدّم في الوجه الثاني من وجهي بطلان الشرط نفسه ، فإن الزوجية حينئذ ليست بدائمة ، لمكان جعل الخيار وليس الأجل فيها محدوداً بحد معلوم ومضبوط ، فيحكم بفسادها ، نظير ما لو قالت : زوّجتك نفسي إلى مجيء ولدي من السفر .
(2) الفرق بين النكاح وغيره يظهر مما قدمناه . فإن هذا الشرط موجب لبطلانه من جهة استلزامه لفقد ركن من أركان العقد ، وهذا لا يأتي في سائر العقود ، حيث قد عرفت ـ فيما تقدّم ـ أنه إنما يرجع إلى تعليق الالتزام بترتيب الآثار على العقد على وجود الشرط وتحققه ، فلا يوجب فساده فساد العقد .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) وهو الصحيح ، والفرق بينه وبين سائر الشروط الفاسدة هو أنّ اشتراط الخيار يرجع إلى تحديد الزوجية بما قبل الفسخ لا محالة ، وهو ينافي قصد الزواج الدائم أو المؤجّل إلى أجل معلوم ، وهذا بخلاف سائر الشروط الفاسدة ، فإنها بحسب الارتكاز العرفي لا ترجع في خصوص النكاح إلى جعل الخيار على تقدير التخلّف ، وإنما ترجع إلى تعليق الالتزام بترتيب الآثار على وجود الشرط ، ففسادها لا يسري إلى العقد .
|