[ 3868 ] مسألة 5 : يشترط في صحّة تزويج الأب والجدّ ونفوذه عدم المفسدة(2) وإلاّ يكون العقد فضوليّاً كالأجنبي ، ويحتمل عدم الصحّة ((1)) بالإجازة
ـــــــــــــــــــــــــــــ (2) اتفاقاً بل لم ينسب الخلاف فيه إلى أحد .
ويدلّنا عليه ، مضافاً إلى عموم صحيحة أبي حمزة الثمالي المتقدِّمة المتضمنة لقوله تعالى : (إنّ الله لا يحبّ الفساد ) حيث إن مقتضاه عدم الفرق بين المال والنكاح .
وقوله (عليه السلام) في صحيحة الفضل بن عبد الملك المتقدِّمة أيضاً : «وكان الجدّ مرضياً» حيث إن ظاهر التقييد وبملاحظة مناسبات الحكم والموضوع ، هو اعتبار كونه مرضياً بلحاظ تصرفاته الصادرة تجاه البنت ، وإلاّ فكونه مرضياً بالنسبة إلى سائر تصرّفاته أجنبي عن ولايته على البنت .
وصحيحة عبيد بن زرارة، قال: قلت لأبي عبدالله (عليه السلام): الجارية يريد أبوها أن يزوّجها من رجل، ويريد جدّها أن يزوّجها من رجل آخر، فقال: «الجدّ أولى بذلك ما لم يكن مضاراً»(2). فإنّ التقييد بعدم كونه مضاراً ، إنما يدلّ على عدم ثبوت الولاية للجد إذا كان في مقام الإضرار بها .
دليل نفي الضرر ، فإنه وبحكم كونه حاكماً على جميع الأدلة ، يقتضي نفي جعل الولاية للأب والجد فيما إذا كان في إنكاحهما لها ضرر عليها ، وبذلك فتختص ولايتهما عليها وعلى الصبي بفرض عدم المفسدة لا محالة .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) لكنّه بعيد ، وكذلك الحال في المسألة الآتية .
(2) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب عقد النكاح وأولياء العقد ، ب 11 ح 2 .
ــ[230]ــ
أيضاً (1) بل الأحوط مراعاة المصلحة (2) . بل يشكل الصحّة إذا كان هناك خاطبان أحدهما أصلح من الآخر بحسب الشرف ، أو من أجل كثرة المهر أو قلته بالنسبة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) والوجه فيه هو اعتبار وجود مجيز حال العقد في الحكم بصحّة العقد الفضولي على ما ذكره الماتن (قدس سره) في المسألة الآتية . وحيث إن الصبي والصبية ـ فيما نحن فيه ـ ليسا أهلين للإجازة والإمضاء حين صدور العقد ، فيحكم ببطلانه من رأس لا محالة .
إلاّ أن هذا الكلام مبني على عدم الالتزام بكون صحّة العقد الفضولي بعد لحوق الإجازة على القاعدة ، واختيار كونها نتيجة للنصوص الخاصّة الدالّة عليها . فإنه حينئذ يمكن أن يقال : بأن النصوص الخاصة وبأجمعها واردة في فرض وجود المجيز ، فلا وجه للتعدِّي منه إلى فرض عدم وجوده .
لكنّك قد عرفت منّا مراراً ، عدم تمامية هذا المبنى وكون صحّة العقد الفضولي بعد لحوق الإجازة على القاعدة ، باعتبار أن الإجازة توجب انتساب الأمر الاعتباري الصادر من الغير إلى المجيز من حينها ، فيكون العقد من ذلك الحين عقداً له ، ومن هنا فتشمله أدلة وجوب الوفاء بالعقود .
وعلى هذا الأساس فلا وجه لاعتبار وجود مجيز حال العقد ، فإنه يكفي في الحكم بصحّته كون المجيز أهلاً لها في حينها ، ومن دون أن يكون لأهليته حين صدور العقد وعدمه دخل في الصحّة أو الفساد .
(2) نسب القول باعتبارها في الولاية على مال الطفل إلى المشهور من الأصحاب واستدلوا عليه بقوله تعالى : (وَلاَ تَقْرَبُوا مَالَ اليَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتي هِيَ أَحْسَنُ) (1) .
وذكر الشيخ (قدس سره) أنها وإن لم تكن تشمل الأب ، باعتبار أنه مع وجوده لا يكون ابنه يتيماً ، إلاّ أنها تشمل الجد . وحينئذ فيثبت الحكم للأب ، بالقطع بعدم الفصل .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة الانعام 6 : 152 .
ــ[231]ــ
إلى الصغير ، فاختار الأب غير الأصلح لتشهي نفسه (1) .
[ 3869 ] مسألة 6 : لو زوّجها الولي بدون مهر المثل، أو زوّج الصغير بأزيد منه، فإن كان هناك مصلحة تقتضي ذلك صحّ العقد والمهر ولزم (2) . وإلاّ ففي صحّة العقد وبطلان المهر والرجوع إلى مهر المثل، أو بطلان العقد أيضاً، قولان(3) أقواهما الثاني . والمراد من البطلان عدم النفوذ ، بمعنى توقفه على إجازتها بعد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إلاّ أننا لم نرتض هذا القول في محله . وعلى تقدير القول به فلا نقول به في النكاح وذلك لإطلاقات الأدلة الواردة في المقام السالمة عن المقيد ، حيث لم يرد في شيء من النصوص اعتبار وجود المصلحة في انكاح الأب أو الجد .
نعم ، الاحتياط في محلِّه حتى وإن كان الظاهر عدم الاعتبار .
(1) ظهر الحال فيه ممّا تقدّم ، فإنّ مقتضى إطلاقات الأدلة السالمة من المقيد والشاملة للفرض ، هو الحكم بالصحّة والنفوذ .
نعم ، الاحتياط على كل حال حسن .
(2) لإطلاقات الولاية السالمة عن المقيد .
(3) بل أقوال ثلاثة ، ثالثها ما نسب إلى الشيخ (قدس سره) من الحكم بالصحّة فيهما معاً (1) وكأن الوجه فيه إطلاقات أدلة الولاية .
إلاّ أن ضعفه أظهر من أن يخفى ، ولعلّه لذلك أهمل الماتن (قدس سره) ذكره ، فإنّ أدلة الولاية قاصرة عن شمول ما كان فيه ضرر ومفسدة على المولى عليه ، كما عرفت في المسألة السابقة .
وأمّا القول الأوّل فهو منسوب إلى شيخنا الأعظم (قدس سره) (2) . بدعوى أن العقد الصادر من الولي إنما ينحل إلى أمرين : التزويج والمهر ، وحيث إن الضرر في الثاني خاصّة يحكم ببطلانه مع بقاء التزويج على حاله ، وحينئذ فينتقل إلى مهر المثل لا محالة .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) كتاب الخلاف 4 : 392 المسألة 37 .
(2) كتاب النكاح : 170 .
ــ[232]ــ
البلوغ . ويحتمل البطلان ولو مع الإجازة ، بناءً على اعتبار وجود المجيز في الحال (1) . ــــــــــــــــــــ
وفيه : أنه إنما يتم فيما إذا كان المنشأ هو التزويج المطلق ، وحيث إن الأمر ليس كذلك باعتبار أن المنشأ انما هو التزويج المقيد بالمقدار المعين من المهر ، فلا محيص عن الحكم ببطلان التزويج أيضاً لما فيه من الضرر على المولى عليه ، وسقوط ولاية المزوج لكونه مضاراً .
على أن لازم ما أفاده (قدس سره) من بطلان المهر عدم التطابق بين الإيجاب والقبول حتى ولو قلنا بتعدد الإنشاء ، فإن الزوج إنما قبل العقد بالمهر المعين ولم يقبل التزويج الخالي عن المهر ، وهذا نظير أن ينشئ البائع بيع شي ويقبل المشتري شراء شيء آخر . وحيث أن تطابق الإيجاب والقبول في المتعلق معتبر في صحّة العقد بلا خلاف ، كان فقده في المقام موجباً للبطلان .
ومن هنا فالصحيح هو ما اختاره الماتن (قدس سره) من الحكم ببطلانهما معاً وفاقاً لكثير من الأصحاب .
ثمّ لا يخفى أن محلّ البحث في تزويج الولي للصغير بأكثر من مهر المثل إنما هو فيما إذا كان للصغير مال حيث يكون المهر حينئذ عليه ، لا ما إذا لم يكن له مال لأن المهر حينئذ على الأب ، ومعه لا مجال للحكم بالبطلان ، لعدم ترتب أي ضرر على الطفل .
(1) وقد عرفت ما فيه مفصلاً في المسألة السابقة فلا نعيد .
|