[ 3884 ] مسألة 21 : الإجازة كاشفة عن صحّة العقد من حين وقوعه (3) فيجب ترتيب الآثار من حينه .
[ 3885 ] مسألة 22 : الرضا الباطني التقديري لا يكفي في الخروج عن الفضوليّة (4) ، فلو لم يكن ملتفتاً حال العقد ، إلاّ أنه كان بحيث لو كان حاضراً وملتفتاً كان راضياً ، لا يلزم العقد عليه بدون الإجازة . بل لو كان حاضراً حال العقد وراضياً به ، إلاّ أنه لم يصدر منه قول ولا فعل يدلّ على رضاه ، فالظاهر أنه فضولي (5) فله أن لا يجيز .
ـــــــــــــــــــــــــــــ (3) تقدّم الكلام فيه مفصلاً في المسألة الثانية من فصل نكاح العبيد والإماء ، فلا نعيد .
(4) بلا خلاف فيه بين الأصحاب . فإنّ الرضا الباطني وإن كان كافياً في حلّ التصرفات الخارجية التكوينية، نظير الأكل وما شاكله ، كما يدلّ عليه السيرة العملية القطعية ، إلاّ أن كفايته في انتساب العقد إليه لم يدلّ عليها دليل . ومن هنا فلا تشمله عمومات الوفاء بالعقد .
(5) على ما هو المشهور بين الأصحاب ، باعتبار أن الذي يخرج العقد عن
ــ[266]ــ
الفضولية إما هو الإذن السابق أو الرضا المتأخر ، ولا شيء منهما متحقق في المقام .
إلاّ أن الشيخ الأعظم (قدس سره) لم يرتض ذلك ، حيث ذهب إلى كفايته في خروج العقد عن الفضولية، واستند فيه إلى ظواهر كلمات الفقهاء وجملة من النصوص.
فإنهم حكموا بعدم كفاية السكوت ، معللين ذلك بأنه أعم من الرضا ، فإنه إنما يكشف عن أن العبرة في صحّة العقد إنما هي بالرضا ، وأن السكوت إن لا ينفع لعدم كشفه عن الرضا .
كما يقتضيه جملة من النصوص ، كالتي دلّت على أن رضا البكر صماتها ، وما دلّ على نفوذ عقد العبد إذا علم به المولى وسكت ، وما ورد في السكرى إذا زوجت نفسها ثمّ أفاقت وأقامت معه كان ذلك رضا منها بالعقد ، وما ورد في الخيار من أنه إذا علم بالعيب وسكت كان رضا منه به .
على أننا لو قلنا بعدم اعتبار اللفظ ، وكفاية الفعل كما هو الصحيح ، فمن البعيد جداً أن يقال بوجود موضوعية للفعل في الحكم بالصحّة ، وإنما العبرة بالمنكشف ، أعني الرضا .
إلاّ أنّ ما أفاده (قدس سره) لا يمكن المساعدة عليه . وذلك أمّا كلمات الفقهاء فهي ليست بحجّة ما لم تبلغ الإجماع . على أن النسبة بين السكوت والرضا إنما هي التباين فإنّ السكوت من الأفعال الخارجية ، في حين أن الرضا صفة نفسية . ومن هنا فلا يمكن أن يكون المراد من قولهم أن السكوت أعم من الرضا ، كون السكوت أعم من نفس الرضا ، وإنما المراد به كونه أعم منه كشفاً ، بمعنى أنه قد يكون كاشفاً كما هو الحال في البكر ، وقد لا يكون كذلك . وعليه فلا دلالة فيه على كفاية نفس الرضا في الحكم بالصحّة ، بل الأمر على العكس من ذلك تماماً ، حيث أنه يدل على اعتبار المبرز والكاشف في الحكم ، نظراً لأن السكوت أعم من الرضا كشفاً .
وأما النصوص ، فأما ما دلّ على أن سكوت البكر إقرارها فالاستدلال به غير واضح ، إذ لم يرد في شيء منها أن سكوتها رضاها ، كي يقال أنها دالّة على كفاية الرضا ، وإنما الوارد أنّ سكوتها إقرارها ، أو أن إذنها صماتها . ومن الواضح أنّ التعبير بالإقرار أو الإذن دالّ على اعتبار المبرز والكاشف ، وعدم كفاية مجرد الرضا الباطني .
ــ[267]ــ
على أننا لو سلمنا ورود التعبير بالرضا في هذه النصوص ، فهي لا تقتضي كفاية مجرّد الرضا الباطني ، إذ يرد حينئذ ما تقدّم من أنه لا يمكن حمل الرضا على الفعل الخارجي ، بل لا بدّ من كون المراد أن السكوت أعم من الرضا كشفاً .
وعليه فتكون هذه الروايات دالّة على أنّ العبرة والملاك إنما هو بالرضا مع الكاشف ، وعدم كفاية الرضا الباطني المجرد .
ومن هنا يظهر الحال فيما دلّ على أن سكوت المولى مع علمه بعقد العبد إقرار منه فإنه دالّ على اعتبار الإقرار ، ولا دلالة فيه على كفاية الرضا الباطني . على أنّ احتياج نكاح العبد إلى إجازة المولى أجنبي عن الفضولي تماماً ، فإن العبد طرف للعقد حقيقة وهو ينتسب إليه حين صدوره بلا أي عناية ، غاية الأمر أن صحته متوقفة شرعاً على إجازة المولى ، وهذا نظير اعتبار إذن الزوجة في التزويج من بنت أخيها أو اُختها ، بخلاف عقد الفضولي حيث إن انتساب العقد إليه إنما يكون بالإجازة .
ومن هنا فلا مجال للاستدلال بهذه النصوص في المقام .
وأمّا التمسّك بما ورد في الخيار وعقد السكرى ، فيرد عليه أنهما خارجان عن الفضولي موضوعاً ، فإنّ العقد في مورد الخيار صحيح ومستند إليه حقيقة ، غاية الأمر أنّ له رفعه أو الالتزام به . وكذا الحال في السكرى ، فإنّ العقد منتسب إليها واقعـاً غاية الأمر أنه لا يحكم بصحّته إلاّ بعد إجازتها . فكفاية الرضا الباطني فيهما ، لا تقتضي كفايته في الفضولي أيضاً . على أن كفايته فيهما أيضاً محل منع ، وذلك لما تقدّم من أن الرِّضا أمر باطني ، فلا يمكن حمله على الفعل الخارجي ، إلاّ باعتبار كاشفيته وكونه إمضاءً عملياً .
إذن فما أفاده شيخنا الأعظم (قدس سره) غير تامّ ، ولا مجال للمساعدة على شيء منه .
ومن هنا فالحقّ في المقام هو ما ذهب إليه الماتن (قدس سره) ، من عدم كفاية الرِّضا الباطني واعتبار المبرز له في الخارج ، نظراً لعدم استناد العقد إليه بدونه .
|