ــ[291]ــ
كتاب الوصيّة
ــ[292]ــ
ــ[293]ــ
كتاب الوصيّة
[ فصل في معنى الوصيّة وأقسامها وشرائطها ]
وهي أما مصدر : وَصَى يَصِي ، بمعنى الوصل (1) حيث إن الموصي يصل تصرفه بعد الموت بتصرفه حال الحياة . واما اسم مصدر ، بمعنى العهد من : وصّى يُوصِّي تَوصيّة (2) أو : أوصى يوصي إيصاء .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[ فصل في معنى الوصيّة وأقسامها وشرائطها ]
(1) كذا ذكر جماعة من الأصحاب، ولعل الأصل فيه ما ذكره الشيخ (قدس سره) في المبسوط(1).
إلاّ أنه ضعيف جداً ، حيث لم يعلم ولا مورد واحد لاستعمالها فيه ، كما لم يذكر في شيء من كتب اللغة ذلك ، فهذا الاحتمال بعيد بل مقطوع البطلان ، كما نبّه عليه الشيخ الأعظم (قدس سره) في رسالته (2) .
(2) وهذا الاحتمال هو المتعين ، كما يشهد له استعمالها فيه في الآيات
الكريمة وعرف المتشرعة .
كقوله تعالى : (مِن بَعْدِ وصيّة يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْن) (3) .
وقوله تعالى : (مِن بَعْدِ وصيّة يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْن) (4) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) المبسوط 4 : 3 .
(2) الوصايا والمواريث للشيخ الأنصاري 21 : 23 طبع المؤتمر العالمي .
(3) سورة النساء 4 : 11 .
(4) سورة النساء 4 : 12 .
ــ[294]ــ
وهي أما تمليكية أو عهدية (1) . وبعبارة اُخرى (2) : أما تمليك عين ، أو منفعة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله تعالى : (مِن بَعْدِ وصيّة تُوصُونَ بِهَا أوْ دَيْن) (1) .
وقوله تعالى : (كُتِبَ عَليْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الوصيّة) (2) . إلى غير ذلك من الآيات الكريمة .
فإنّ الكلمة في جميع هذه الموارد مستعملة في العهد واسم المصدر لوصّى يوصي توصيّة .
ثمّ لا يخفى أنّ المراد بها في عرف المتشرعة إنما هو قسم خاص وحصة معينة من العهد ، وهي ما يتعلق بما بعد الموت فحسب .
(1) الفرق بين القسمين يكمن في أن الاُولى إنما تتعلق بالاُمور الاعتبارية التي هي نتيجة للفعل الخارجي ، وتتضمن تمليك الموصى له شيئاً من العين أو المنفعة ، ويلحق بها كل وصيّة لم يكن متعلقها فعلاً خارجياً ، كالوصيّة بفك الملك كالتدبير وإبراء المديون ، فإنها وإن لم تكن تمليكية بالمعنى الذي ذكرناه حيث إنها لا تتضمّن تمليك أحد شيئاً ، إلاّ أنها تلحق بها لكون متعلقها نتيجة الفعل نفسه . وهذا بخلاف الثانية حيث إنها تتعلق بالأفعال الخارجية ، كتغسيله وكفنه ودفنه وغيرها .
وبعبارة اُخرى : إنّ الاُولى تصرف اعتباري من الموصي نفسه فيما يتعلّق بما بعد وفاته ، مستتبع لتحقق النتيجة قهراً بالموت . في حين إن الثانية عهد إلى الغير بأن يتولى بعد موته فعلاً خارجياً من تجهيز أو زيارة أو إطعام ونحوهما ، أو اعتبارياً من تمليك أو عتق أو إيقاف أو نحوها .
(2) لا يخفى أن ما ذكره (قدس سره) لا يتضمن الفرق بين الوصيتين التمليكية والعهدية ، بل لا يخلو من الإجمال من حيث كون ما ذكره (قدس سره) من الأمثلة
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة النساء 4 : 12 .
(2) سورة البقرة 2 : 180 .
ــ[295]ــ
أو تسليط على حق(1) أو فكّ ملك، أو عهد متعلق بالغير، أو عهد متعلق بنفسه كالوصيّة بما يتعلق بتجهيزه. وتنقسم انقسام الأحكام الخمسة . ــــــــــــــــــــــ
ـ غير الأوّلين وغير ما ذكره أخيراً من العهد المتعلق بنفسه أو بغيره ـ من القسم الأوّل أو الثاني .
نعم ، يظهر من قوله (قدس سره) في المسألة الاُولى من أن : الوصيّة العهدية لا تحتاج إلى القبول وكذا الوصيّة بالفك كالعتق ، أنها من الوصيّة التمليكية ، إذ لو كانت عهدية لما كان هناك حاجة إلى قوله (قدس سره) : وكذا .
(1) في العبارة مسامحة واضحة ، فإن التسليط لا يتعلّق بالحق وإنما يتعلّق بالتصرف ، إذ الحق هو السلطنة بعينها . فالأنسب تبديل العبارة بالقول : أو تسليط على التصرف .
|