ــ[301]ــ
[ 3900 ] مسألة 2 : بناءً على اعتبار القبول في الوصيّة ، يصحّ إيقاعه بعد وفاة الموصي بلا إشكال (1) وقبل وفاته على الأقوى (2) .
ولا وجه لما عن جماعة من عدم صحته حال الحياة ، لأنها تمليك بعد الموت فالقبول قبله كالقبول قبل الوصيّة ، فلا محل له ، ولأنه كاشف أو ناقل ، وهما معاً منتفيان حال الحياة . إذ نمنع عدم المحل له ، إذ الإنشاء المعلق على الموت قد حصل
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ويؤكِّده ما ورد في موت الموصى له قبل بلوغه خبر الوصيّة من دفع الموصى به لورثته ، فإنه وإن أمكن أن يكون حكماً تعبّدياً ، إلاّ أن الظاهر منها أن الدفع إليهم إنما هو باعتبار ملكهم له وكونهم ورثته، فيكون مؤكداً لعدم الحاجة إلى القبول في حصول الملك .
(1) وبه تلزم الوصيّة لإطلاقات أدلّتها ، ولو التزمنا بتقييدها بالقبول من الموصى له ، فإنّ القبول بعد الموت هو المتيقن كفايته في تحقق الملكية .
(2) وهو المشهور والمعروف بينهم ، ويدلّنا عليه أمران :
الأوّل : إطلاقات أدلة نفوذ الوصيّة . فإن مقتضاها ـ وكما عرفت ـ نفوذ الوصيّة مطلقاً ومن غير اعتبار القبول ، غاية الأمر أننا خرجنا عنها للأصل أو الملازمة أو قاعدة السلطنة واعتبرنا في نفوذها القبول ، إلاّ أن هذا لا يقتضي إلاّ اعتبار طبيعي القبول ، وأما خصوصيّة كونه بعد الموت فهي تحتاج إلى الدليل وهو مفقود . وحينئذ فالمتبع هو الإطلاق .
الثاني : إطلاقات وعمومات أدلة نفوذ العقود . فإننا وإن ناقشنا في جزئية القبول بعد الوفـاة وتحقّق العقد به ، إلاّ أنه لا إشكال في تحقّقه به إذا كان في حياة الموصي وذلك لانضمام التزامه بالتزامه ، كما لا يخفى. وحينئذ فلا يبقى مانع من شمول أدلّة نفوذ العقد له ، حتى ولو فرضنا عدم وجود دليل على نفوذ الوصيّة بالخصوص .
نعم ، قد يرد عليه أنه موجب للتعليق ، وهو يضرّ بصحّة العقد .
إلاّ أنه مدفوع بأنه لا دليل على اعتبار التنجيز إلاّ الإجماع ، ومن الواضح البديهي أنه لا يشمل الوصيّة ، لتقومها بالتعليق .
ــ[302]ــ
فيمكن القبول المطابق له (1) . والكشف والنقل إنما يكونان بعد تحقّق المعلق عليه فهما في القبول بعد الموت لا مطلقاً (2) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) وبعبارة اُخرى نقول : إن الإنشاء على جميع المباني فيه فعلي وغير معلق على شيء ، وإنما التعليق في متعلقه ـ أعني الملكية ـ فإنه المعلق على الوفاة .
وعليه فإذا تعلق به القبول كان معلقاً عليها لا محالة ، فما تعلق به إنشاء الموجب تعلق به قبول القابل أيضاً ، من دون أي اختلاف بينهما .
وعلى هذا الأساس ذكرنا في مبحث اعتبار التنجيز ، أنه لولا الإجماع على اعتباره لقلنا بجواز التعليق في العقود مطلقاً ، وحيث عرفت أن هذا الإجماع لا يشمل المقام فلا يبقى محذور في الحكم بصحتها .
(2) ثمّ إن هناك إشكالاً آخر لم يتعرض إليه الماتن (قدس سره) ، وهو ما ذكره بعضهم من أنه لا خلاف بين الأصحاب في عدم تأثير الرد قبل الموت ، نظراً لعدم تحقق شيء يكون الرد رافعاً له ، حيث إن الملكية إنما تكون بعد الموت لا قبله . وإذا كان الرد غير مؤثر كان القبول كذلك ، للملازمة بين تأثيرهما .
وفيه : أن معنى تأثير الرد في حياة الموصي. إنما هو عدم إيجابه لإلغاء إنشاء الموصي وإسقاطه ، بحيث لا يكون قابلاً للقبول بعده ، وهو ثابت في القبول أيضاً ، فإنه لا يلزم العقد بحيث لا يكون له الرد بعده مع حياة الموصى . فالملازمة بينهما بهذا المعنى ثابتة ولا تقبل الإنكار ، إلاّ أنها لا تنفع في إثبات المدعى ، إذ لا ملازمة بين عدم تأثير الرد ـ بالمعنى الذي ذكرناه ـ وعدم كفاية القبول وإن استمر إلى حين الموت ، فهي محض دعوى ولا دليل عليها .
بل إن ما ذكرناه هو مقتضى الجمع بين الأدلة ، وذلك لما عرفت من أن أدلة نفوذ الوصيّة غير مقيدة بشيء . وإنما التزمنا باعتبار القبول ـ على القول به ـ للأصل أو الملازمة أو قاعدة السلطنة ، وبمانعية الرد للاجماع ، وإلاّ لقلنا بكونها من الإيقاعات المحضة ، من غير اعتبار القبول أو مانعية الرد .
وعليه فأما بالنسبة إلى مانعية الرد ، فالذي ثبت بالإجماع هو مانعية خصوص
|