السابع : لا فرق في قيام الوارث مقام الموصى له بين التمليكية والعهدية (2) .
[ 3906 ] مسألة 8 : اشتراط القبول على القول به مختصّ بالتمليكية كما عرفت ، فلا يعتبر في العهدية (3) . ويختصّ بما إذا كان لشخص معين أو أشخاص معينين . وأما إذا كان للنوع أو للجهات ، كالوصيّة للفقراء والعلماء أو للمساجد
ــــــــــــــــــــــــــــ (2) والوجه فيه إطلاق صحيحة محمّد بن قيس ، فإن السؤال فيها إنما هو عن رجل أوصى لآخر ، وهو كما يشمل الوصيّة التمليكية يشمل الوصيّة العهدية ، فإنه مطلق من حيث تمليك الموصي شيئاً له ، أو أمره للوصي بأن يدفع إليه شيئاً .
ودعوى اختصاصها بالوصيّة التمليكية ، عارية عن القرينة ولا شاهد لها .
ثمّ إن هذه الصحيحة وافية بالمدعى ، ومعه فلا حاجة إلى التمسك برواية محمد بن عمر الباهلي (الساباطي) المتقدِّمة كي يورد عليها بضعف السند . نعم ، لا بأس بجعلها مؤيدة للحكم في المقام ، فإنها واردة في ذلك ودالة عليه بوضوح لولا ضعف سندها .
(3) بلا خلاف ولا إشكال ، لا من الموصى إليه ولا من الموصى له .
أمّا الأوّل : فلجملة من النصوص الدالّة على عدم اعتبار قبوله صريحاً . نعم ، له حق الردّ بشرط إعلام الموصي به .
وأمّا الثاني : فقد يفرض أن الموصى به أمر غير متوقف على قبوله ، كما لو أوصى
ــ[331]ــ
فلا يعتبر قبولهم (1) أو قبول الحاكم فيها للجهات (2) وإن احتمل ذلك أو قيل . ودعوى أن الوصيّة لها ليست من الوصيّة التمليكية بل هي عهدية ، وإلاّ فلا يصح تمليك النوع أو الجهات ، كما ترى (3) .
وقد عرفت سابقاً قوة عدم اعتبار القبول مطلقاً ، وإنما يكون الرد مانعاً ، وهو أيضاً لا يجري في مثل المذكورات ، فلا تبطل بردّ بعض الفقراء مثلاً ، بل إذا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوصي بدفع ديونه وتفريغ ذمته . ففيه تنفذ الوصيّة ويلزم الوصي القيام بها ، سواء أقبل الموصى له أم لم يقبل .
وقد يفرض توفقه على القبول وعدم تحققه قهراً ، كما لو أوصى بهبة داره له ، أو بيعه له بنصف ثمن مثله . ففيه أيضاً لا يكون عدم قبوله موجباً لبطلان الوصيّة ، فإن القبول إنما يعتبر في صحّة العقد الموصى به لا في صحّة الوصيّة ، وإنما يوجب رفضه جعل الوصيّة متعذر المصرف . وحينئذ فيبقى الموصى به على ملك الميت ، ولا يكون إرثاً لأنه قد أبقاه على ملكه ، غاية الأمر أنه عين له مصرفاً معيناً وهو متعذر ، نظراً لرفض الموصى له ، فيصرف في وجوه البر مع تحري الأقرب فالأقرب إلى الوصيّة .
وهذا بخلاف الوصيّة التمليكية ، بناءً على اعتبار القبول فيها . فإن الموصي قد أخرج الموصى به عن ملكه وملّكه للموصى له ، فإذا رفض الموصى له القبول كشف ذلك عن بطلان الوصيّة . ومن هنا فينتقل الموصى به إلى ملك الورثة ، حيث لم يبقه الموصي على ملكه .
إذن يصح أن يقال وعلى نحو الإطلاق : إن القبول غير معتبر في الوصيّة العهدية سواء في ذلك الموصى إليه والموصى له .
(1) لعدم إمكانه من الكلي والنوع والجهة ، وقبول الأشخاص وإن أمكن إلاّ أنه لا يجدي ، باعتبار أن قبولهم ليس قبولاً للكلي .
(2) لعدم الدليل عليه ، بل مقتضى إطلاقات أدلّتها نفوذها من غير قبول .
(3) لما تكرر منّا غير مرة ، من أن الملكية ليست من الأعراض الخارجية كي تحتاج إلى معروض خارجي، وإنما هي من الاعتبارات ، وهي كما يصحّ تعلقها بالكلي يصح أن تكون للكلي، كما التزموا بذلك في باب الخمس والزكاة والوقف بلا خلاف.
ــ[332]ــ
انحصر النوع في ذلك الوقت في شخص فردّ لا تبطل (1) . ـــــــــــــــــــــ
وعليه فإذا لم يكن في قيام الملكية بالكلي أو كونها للكلي محذور ، لوقوعه في الخارج فضلاً عن إمكانه ، أمكن الالتزام به في الوصيّة أيضاً ، بأن يوصي بداره للفقراء أو العلماء أو الزائرين .
(1) لأنه رد من الشخص بخصوصه ، وهو بما هو شخص ليس بموصى له ، فلا أثر لردّه . وبهذا تفترق هذه الوصيّة عن الوصيّة إلى المعيّن .
|