حرمة الاكتساب بالخمر وسائر المسكرات والفقّاع 

الكتاب : مصباح الفقاهة في المعاملات - المكاسب المحرمة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 9712


حرمة التكسّب بالخمر وكل مسكر مائع

قوله : يحرم التكسّب بالخمر وكل مسكر مائع والفقاع إجماعاً نصّاً وفتوى(2).

أقول : قد قامت الضرورة من المسلمين(3) وأطبقت الروايات من الفريقين

ــــــــــــــ
(2) المكاسب 1 : 42 .

(3) أمّا عند الخاصّة فواضح ، وأمّا عند العامة ففي الفقه على المذاهب الأربعة 2 : 10 الخمر ما خامر العقل أي خالطه فأسكره وغيّبه ، فكل ما غيّب العقل من الخمر والنبيذ وغيرهما من أقسام المسكرات فهو حرام ، سواء كان مأخوذاً من العنب أو التمر أو العسل أو الحنطة أو الشعير ، بل ولو من اللبن والطعام أو غير ذلك ] نقل مع اختلاف يسير [ .

وفي 1 : 17 ومن الأعيان النجسة المسكر المائع ، سواء كان مأخوذاً من عصير العنب أو كان نقيع زبيب أو نقيع تمر أو غير ذلك ، لأنّ الله تعالى قد سمّى الخمر رجساً ، والرجس في العرف النجس ، أمّا كون كل مسكر مائع خمراً فلما رواه مسلم من قوله (عليه السلام) : « كل مسكر خمر ، وكل مسكر حرام » وفي 2 : 208 نقل اتّفاق المذاهب الأربعة على حرمة بيع الخمر وأنّ كل نجس لا يصح بيعه . إذن فكل مسكر مائع وإن اُخذ من اللبن لا يصح بيعه عند العامة كما لا يجوز شربه .

نعم في تاج العروس 3 : 186 ] مادّة خَمَرَ [ والخمر ما أسكر من عصير العنب خاصّة ، وهو مذهب أبي حنيفة .

وفي التذكرة 10 : 34 من البيع : الفقّاع عندنا نجس إجماعاً ، فلا يجوز بيعه ولا شراؤه ، لأنّه كالخمر على ما تقدّم ، خلافاً للجمهور كافّة .

وقد علمت أنّ ظاهر كلماتهم على خلاف ما نسبه العلاّمة (رحمه الله) إليهم .

روايات الخاصّة : روى في الكافي عن محمد بن مسلم عن أبي عبدالله (عليه السلام) : « في رجل ترك غلاماً له في كرم له يبيعه عنباً أو عصيراً ، فانطلق الغلام فعصر خمراً ثم باعه قال : لا يصلح ثمنه ، ثم قال : إنّ رجلا من ثقيف أهدى إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله) راويتين من خمر فأمر بهما رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فاهريقتا وقال : إنّ الذي حرّم شربها حرّم ثمنها » وهي حسنة بإبراهيم بن هاشم .

وعن زيد بن علي عن آبائه (عليهم السلام) قال : « لعن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) الخمر وعاصرها » الحديث . وهي ضعيفة بالحسين بن علوان .

وفي التهذيب عن جرّاح المدائني قال « قال أبو عبدالله (عليه السلام) : من أكل السحت ثمن الخمر » وهي ضعيفة بالقاسم بن سليمان ، إلى غير ذلك من الروايات الكثيرة . راجع الكافي 5 : 230 / 2 ، 6 : 398 / 10 ، والوافي 17 : 249 / 13 وغيره ، والوسائل 17 : 223 / أبواب ما يكتسب به ب55 ح1 ، 3 ، 7 ، 92 / ب5 ، والمستدرك 13 : 182 / أبواب ما يكتسب به ب47 ، والبحار 76 : 125 / باب حرمة شرب الخمر ، 100 : 43 / 3 ، 9 وغيرهما .

روايات العامّة : في البخاري 3 : 108 / باب تحريم التجارة في الخمر آخر البيوع عن عائشة قال النبي (صلّى الله عليه وآله) : « حرمت التجارة في الخمر » ، وفي سنن البيهقي 6 : 12 عن أبي هريرة إنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قال : « إنّ الله حرّم الخمر وثمنها » ، وفي رواية اُخرى : « السحت ثمن الخمر » ، وفي 8 : 286 عن ابن عبّاس قال : بلغ عمر أنّ رجلا باع خمراً ، قال : قاتل الله فلاناً ، باع الخمر ، الحديث . وفي ص287 عن ثابت بن يزيد قال : لقيت عبدالله بن عمر فسألته عن ثمن الخمر ، فقال : إنّ رسول الله قال : « إنّ الله لعن الخمر وعاصرها » . الحديث ، إلى غير ذلك من رواياتهم المتظافرة .

ــ[129]ــ

ــ[130]ــ

على حرمة بيع الخمر وكل مسكر مائع ممّا يصدق عليه عنوان الخمر من النبيذ والفقّاع وغيرهما ، أمّا الخمر فشربها من أعظم الكبائر وأشدّ الجرائم في نظر الشارع المقدّس ، لما فيه من المضار الدينية والخلقية والبدنية والاجتماعية ، ويدلّ على حرمة جميع شؤونها الخبر المشهور بين الخاصّة والعامة من أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لعن الخمر وعاصرها ومعتصرها وبائعها ومشتريها وساقيها وآكل ثمنها وشاربها وحاملها والمحمولة إليه(1).

وأمّا النبيذ المسكر فيدلّ على حرمة بيعه كل ما دلّ على حرمة بيع الخمر وضعاً وتكليفاً ، لكونه خمراً واقعاً ، لقوله (عليه السلام) : « فما فعل فعل الخمر فهو خمر » ولقوله (عليه السلام) : « فما كان عاقبته عاقبة الخمر فهو خمر »(2) ومن البديهي

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 17 : 224 / أبواب ما يكتسب به ب55 ح3 .

(2) علي بن يقطين عن أبي إبراهيم (عليه السلام) قال : « إنّ الله لم يحرّم الخمر لاسمها ، ولكن حرّمها لعاقبتها ، فما فعل فعل الخمر فهو خمر » وهي ضعيفة بسهل بن زياد .

وعنه عن أبي الحسن الماضي (عليه السلام) قال : « إنّ الله لم يحرّم الخمر لاسمها ، ولكنّه حرّمها لعاقبتها ، فما كان عاقبته عاقبة الخمر فهو خمر » وهي موثّقة . راجع الكافي 6 : 412 / 1 ، 2 ، التهذيب 9 : 112 / 486 ، والوافي 20 : 631 / 1 ، 2 ، والوسائل 25 : 343 / أبواب الأشربة المحرّمة ب19 ح2 ، 1 .

ــ[131]ــ

أنّ النبيذ يفعل ما تفعله الخمر ويسكر كاسكار الخمر . إذن فيكون مثلها في جميع الأحكام ، ومن هنا ورد في بعض الروايات : « شه شه ، تلك الخمرة المنتنة »(1) أي النبيذ المسكر . على أنه جعل الإمام (عليه السلام) من أقسام السحت ثمن النبيذ المسكر في رواية عمّار الآتية(2)، وهذه الرواية وإن لم يكن فيها دلالة على حرمة البيع تكليفاً ، لظهورها في الحكم الوضعي فقط ، إلاّ أنّ في غيرها كفاية ، فإنّه بعد ما صدقت الخمر عليه حقيقة فيترتّب عليه جميع أحكامها التي منها حرمة البيع وهكذا الفقّاع ، لكونه خمراً مجهولا استصغرها الناس ، وقد نزل ذلك منزلة الخمر في عدّة من الروايات(3) بل في بعضها ما يدلّ على مبغوضية بيعه ، كقوله (عليه السلام) :

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الكلبي النسّابة قال : « سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن النبيذ ، فقال : حلال ، قلت : إنّا ننبذه فنطرح فيه العكر وما سوى ذلك ، فقال (عليه السلام) : شه شه ـ كلمة تقبيح ـ تلك الخمرة المنتنة » الحديث . وهي ضعيفة بالمعلّى بن محمد البصري أو سهل بن زياد ، راجع الكافي 6 : 416 / 3 ، والوافي 20 : 646 / 3 ، والوسائل 1 : 203 / أبواب الماء المضاف ب2 ح2 ، والتهذيب 1 : 220 / 629 .

(2) في ص133 .

(3) ففي الكافي عن الجعفري قال : « سألت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) عن الفقّاع ، فقال : هو خمر مجهول ، فلا تشربه ، ياسليمان لو كان الدار لي أو الحكم لقتلت بائعه ولجلدت شاربه » وهي ضعيفة بسهل ، ومحمد بن إسماعيل الرازي .

وعن الحسين القلانسي قال : « كتبت إلى أبي الحسن الماضي (عليه السلام) أسأله عن الفقّاع فقال : لا تقربه ، فإنّه من الخمر » وهي ضعيفة بمحمد بن سنان ، والقلانسي .

وعن الوشاء قال : « كتبت إليه ـ يعني الرضا (عليه السلام) ـ أسأله عن الفقّاع ، قال فكتب : حرام ، وهو خمر ، ومن شربه كان بمنزلة شارب الخمر ، قال : وقال أبو الحسن الأخير (عليه السلام) : لو أنّ الدار داري لقتلت بائعه ولجلدت شاربه ، وحدّه حدّ شارب الخمر ، وهي خمرة استصغرها الناس » وهي موثّقة . راجع الكافي 6 : 422 / 1 ، 3 ، 9 . والتهذيب 9 : 124 / 539 ، 543 ، 540 . والوافي 20 : 659 / 1 ، 3 ، 9 . والوسائل 25 : 365 / أبواب الأشربة المحرّمة ب28 ح2 ، 1 ، 361 / ب27 ح6 .

ــ[132]ــ

« لو أنّ الدار داري لقتلت بائعه » .

تذكرة : هل تختص حرمة البيع بالمائعات المسكرة كما يظهر من المصنّف أم تعم جميع المسكرات ولو كانت من الجوامد ؟ خلاف ، ربما يقال بالثاني لوجوه :

الأول : أنّ المستفاد من كلام بعض اللغويين(1) هو أنّ الخمر ما يخامر العقل ويخالطه ، فتشمل المسكرات الجامدة أيضاً .

وفيه : أنه لا نسلّم اعتبار قول اللغوي خصوصاً في مثل المقام ، من جهة العلم بعدم صحة صدق الخمر على الجامد . على أنّ الظاهر من كلام تاج العروس(2) هو

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في تاج العروس 3 : 187 واختلف في وجه تسميته ، فقيل : لأنّها تخمر العقل وتستره ، أو لأنّها تخامر العقل أي تخالطه كما في الحديث ، وفي المصباح : الخمر اسم لكل مسكر خامر العقل ] ولكن في المصباح : 182 مادّة (خمر) لم يجعل (خامر العقل) من تتمّة تعريف الخمر [ .

وفي مفردات الراغب ] 299 مادّة خمر [ والخمر سمّيت لكونها خامرة لمقرّ العقل ، وهو عند بعض الناس اسم لكل مسكر ، وعند بعضهم اسم للمتّخذ من العنب والتمر .

(2) تاج العروس 3 : 186 ] مادّة خمر [ الخمر : ما أسكر من عصير العنب خاصّة ، أو عام أي ما أسكر من عصير كل شيء ، والعموم أصح .

ــ[133]ــ

ذلك أيضاً ، فإنه ذكر الخلاف في اختصاص الخمر بما أسكر من عصير العنب خاصة وفي عمومه المسكر من عصير كل شيء ، وأمّا المسكر الجامد فخارج عن محلّ الخلاف .

الثاني : أنّ الظاهر من التنزيل في قوله (صلّى الله عليه وآله) : « كل مسكر خمر »(1) ترتّب جميع آثار الخمر أو آثارها الظاهرة عليه التي منها حرمة البيع .

وفيه : أنّ الرواية ضعيفة السند ، وغير منجبرة بعمل المشهور وإن قلنا بالانجبار في موارد عمل المشهور ، فإنّ مقتضى العمل بعموم التنزيل الحكم بنجاسة المسكر الجامد ، مع أنّه لم يقل به أحد . وأمّا التزام الفقهاء (رضوان الله عليهم) باجراء جميع أحكام الخمر على كل مسكر مائع فهو ليس لأجل الأخذ بعموم التنزيل ، بل للروايات الخاصّة كما عرفت(2).

الثالث : رواية عمّار بن مروان(3) فإنّها تدلّ على أنّ ثمن المسكر من السحت

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) وهي ضعيفة بعبدالرحمن بن زيد ، وأبيه ، وأحمد بن الحسن الميثمي ، وعطاء بن يسار راجع الكافي 6 : 408 / 3 ، والتهذيب 9 : 111 / 482 ، والوافي 20 : 624 / 3 والوسائل 25 : 326 / أبواب الأشربة المحرّمة ب15 ح5 .

(2) في ص130 وما بعدها .

(3) قال : « سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن الغلول ، قال : كل شيء غل من الإمام فهو سحت ، والسحت أنواع كثيرة ، منها ثمن النبيذ المسكر » وهي ضعيفة بسهل بن زياد .

وفي التهذيب عنه (عليه السلام) : « والسحت أنواع كثيرة ، منها ثمن النبيذ والمسكر » وهي حسنة بإبراهيم بن هاشم ] لكن الشيخ يرويها في التهذيب بسنده عن الحسن بن محبوب وسنده هذا صحيح لا يشتمل على إبراهيم فلاحظ [ . راجع الكافي 5 : 126 / 1 ، والتهذيب 6 : 368 / 1062 ، والوافي 17 : 280 / 14 ، 15 ، والوسائل 17 : 92 / أبواب ما يكتسب به ب5 ح1 .

ــ[134]ــ

إلاّ أنّها ظاهرة في الحكم الوضعي .

وفيه : أنّ الاستدلال بها متوقّف على أن تكون الرواية كما نقله التهذيب المطبوع وبعض نسخ الوسائل ، بأن يكون لفظ المسكر معطوفاً على النبيذ ، وأمّا إذا كان وصفاً له باسقاط الواو بينهما كما في غير نسخة التهذيب وبعض نسخ الوسائل فهي لا محالة تسقط عن الدلالة . إذا عرفت ذلك فاعلم أنّه وإن كان لفظ المسكر معطوفاً على النبيذ في رواية التهذيب ، إلاّ أنّها مذكورة في الوافي والكافي بدون العطف بل بالتوصيف ، فترجيحهما على نسخة التهذيب من الوضوح بمكان ولو مع دوران الأمر بين الزيادة والنقيصة ، ويؤيّد ذلك ما في رواية الخصال(1) على ما في الوسائل من جعل لفظ المسكر وصفاً للنبيذ .

تبصرة : لا يخفى عليك أنّه لا يبعد اختصاص الروايات بما كان المطلوب منه الشرب والإسكار ، وأمّا لو كان الغرض منه شيء آخر ولم يكن معدّاً للإسكار عند العرف ولو كان من أعلى مراتب المسكرات ، كالمائع المتّخذ من الخشب أو غيره المسمّى بلفظ (ألكل) لأجل المصالح النوعية والأغراض العقلائية ، فلا يحرم بيعه لانصراف أدلّة حرمة بيع الخمر عنه وضعاً وتكليفاً ، كانصراف أدلّة عدم جواز الصلاة فيما لا يؤكل لحمه عن الإنسان .

قوله : وفي بعض الأخبار : يكون لي على الرجل دراهم .

أقول : قد ورد في جملة من الروايات جواز تخليل الخمر بمعالجتها بالملح ونحوه وعليه تحمل رواية ابن أبي عمير(2) الظاهرة في جواز أخذ الخمر من الغريم

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الخصال : 329 / 26 راجع أيضاً الباب المتقدّم في الوسائل ح12 ، والبحار 100 : 43 / 5 .

(2) ابن أبي عمير وعلي بن حديد عن جميل قال « قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : يكون لي على الرجل الدراهم فيعطيني بها خمراً ، فقال : خذها ثم أفسدها ، قال علي ـ بن حديد ـ : واجعلها خلا » وهي موثّقة . راجع التهذيب 9 : 118 / 508 ، والوافي 20 : 676 / 4 ، والوسائل 25 : 371 / أبواب الأشربة المحرّمة ب31 ح6 ، وفي الوافي بعد ما نقل الرواية قال : زاد علي بن حديد في حديثه قوله : « واجعلها خلا » وربما يوجد في بعض النسخ ـ نسخة التهذيب ـ لفظة (عليه السلام) بعد علي ، وكأنّه من غلط الناسخ وذهاب وهمه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) .

ثم لا يخفى أنّ نسبة التفسير إلى ابن أبي عمير كما في المتن ناشئ من سهو القلم .

ــ[135]ــ

لاستيفاء الدَين منه وإفسادها بعد الأخذ ، ويؤيّد ذلك الحمل تفسير علي بن حديد الإفساد فيها بالتخليل .

قوله : والمراد به إمّا أخذ الخمر مجّاناً .

أقول : حمل الرواية بنحو المانعة الخلو إمّا على أخذ الخمر مجاناً ثم تخليلها ، أو أخذها وتخليلها لصاحبها ثم أخذ الخل وفاء عن الدراهم ، لا يستقيم . أمّا الوجه الأول : فلأنّ أخذها مجاناً ثم تخليلها لا يوجب سقوط الدَين عن الغريم ، وهي صريحة في حصول الوفاء بمجرد الأخذ . وأمّا الوجه الثاني : فهو خلاف ظاهر الرواية ، فإنّ الموجود فيها ليس إلاّ كون استيفاء الدَين بالخمر نفسها . على أنّ المالك لم يعط الخل وفاءً عن الدراهم ، وإنّما أعطى الخمر فقط . إذن فيحتاج أخذ الخل كذلك إلى إذن جديد من المالك ، والرواية صريحة في خلافه .

لا يتوهّم أنّ الرواية ظاهرة في جواز اشتراء الخمر بقصد التخليل ، فنرفع اليد بها عن ظهور ما يدل على حرمة بيعها مطلقاً وضعاً وتكليفاً ، وعليه فتختصّ حرمة بيع الخمر بغير هذه الصورة . فإنّ هذا التوهّم فاسد ، لكونها أجنبية عن قضية البيع والشراء ، وإنّما هي راجعة إلى جواز أخذ الخمر من المديون مسلماً كان أو كافراً

ــ[136]ــ

وفاءً عن الدَين إذا كان الأخذ بقصد التخليل والإفساد ، نعم لو التزمنا بما التزم به المصنّف فيما تقدّم(1) من أنّ معنى حرمة الاكتساب حرمة النقل والانتقال بقصد ترتّب الأثر وأنّ ظاهر أدلّة تحريم بيع مثل الخمر منصرف إلى ما لو أراد ترتيب الآثار المحرّمة ، أمّا لو قصد الأثر المحلّل فلا دليل على تحريم المعاملة ، لتوجّه القول بجواز بيع الخمر وشرائها بقصد التخليل ، ولكنّك عرفت ما فيه من الوهن .

تنبيه : قد تقدّم في بيع الخنزير(2) ظهور رواية منصور وغيرها في صحّة بيع الذمّي خمره وخنازيره من ذمّي آخر ، فيقيّد بها ما يدل على حرمة بيع الخمر وكون ثمنها سحتاً ، وعليه فتنقلب النسبة ويكون ما يدل على المنع أخص ممّا يدلّ على الجواز مطلقاً كروايتي محمد بن مسلم وزرارة المتقدّمتين في ذلك البحث(3). إذن فنحمل المطلق على المقيّد فتصير النتيجة أنّه يجوز للذمّي أن يبيع خمره من ذمّي آخر .
ــــــــــــــ

(1) في ص44 .

(2) في ص126 .

(3) في ص124 ، 125 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net