حُرمة الدم المتخلِّف في الذبيحة وإن كان طاهرا 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الثالث:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 7223


   [ 185 ] مسألة 2 : المتخلف في الذبيحة وإن كان طاهراً لكنه حرام (2)

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أو الانسان ، وأما العلقة التي لا تعد من أجزائهما لاستقلالها وهما ظرف لتكونها فللتردّد في الحكم بنجاستها كما عن الأردبيلي(2) والشهيد(3) وكاشف اللثام(4) (قدس سرهم) مجال واسع ، بل جزم صاحب الحدائق بطهارتها(5) ، وعليه فان تمّ الاجماع على أن المتكون في الحيوان كأجزائه فهو وإلاّ فلا بد من الحكم بطهارة العلقة في مثل الحيوان والانسان .

   ثم إنّه لو بنينا على التعدي إلى المتكون في جوفهما وقلنا بنجاسته فنطالب الدليل على التعدِّي إلى ما لا يعدّ جزءاً منهما ولا هو متكون فيهما كالعلقة في البيض ، فلو تعدينا إلى كل ما هو مبدأ نشو حيوان أو آدمي وقلنا بنجاسة العلقة في البيض أيضاً فلنا أن نطالب الدليل على التعدي إلى ما لا يعد جزءاً من الحيوان أو الانسان ولا يتكون فيهما ولا هو مبدأ نشو للحيوان أو الآدمي كالنقطة من الدم الموجودة في صفار البيض لعدم كونها مبدءاً لنشو شيء .

   (1) لأن الجلدة مانعة من سراية النجاسة إلى البياض ، وكذلك الحال فيما إذا كانت النقطة على الغطاء الرقيق الذي هو محيط بالصفار ، فان النقطة بعد أخذها منه يبقى كل من الصفار والبياض على طهارتهما ، لعدم ملاقاتهما مع الدم .

   (2) أشار بذلك إلى خلاف صاحب الحدائق (قدس سره) حيث ذهب إلى عدم

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) بل لا ينجس الصفار أيضاً إذا احتمل في طرفه أيضاً وجود جلدة رقيقة .

(2) مجمع الفائدة والبرهان 1 : 315 .

(3) الذكرى : 13 .

(4) كشف اللثام 1 : 420 .

(5) الحدائق 5 : 51 .

ــ[15]ــ

حرمة الدم المتخلف مطلقاً ناسباً عدم الخلاف في حليته إلى الأصحاب(1) واستدلّ عليه بوجوه  منها : قوله عزّ من قائل : (قل لا أجد في ما اُوحي إليَّ محرّماً على طاعم يطعمه إلاّ أن يكون ميتة أو دماً مسفوحاً ... ) (2) بدعوى أنه يقتضي حلية أكل الدم المتخلف في الذبيحة .

   ومنها :  الأخبار الواردة في عد محرمات الذبيحة ولم تذكر الدم من محرماتها ، ثم استضعف دلالتها . والوجه في استضعافه أن الأخبار المذكورة غير واردة في مقام حصر المحرمات كي تدل على حلية غير ما عدّ فيها من المحرمات وإنما وردت لبيان حرمة الاُمور المذكورة فيها فحسـب ، ومعه يمكن أن يكون في الذبيحـة محرم آخر كيف وقد دلّ قوله تعالى : (حرِّمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير ... )(3) كبعض الروايات (4) على أن الدم من جملة المحرمات . ومن هذا يظهر أن نسبة عدم الخلاف في حلية أكل الدم المتخلف إلى الأصحاب غير واقعة في محلها ، لأنه مع دلالة الآية المباركة والأخبار على حرمة أكله مطلقاً كيف يمكنهم الذهاب إلى حليته . ودعوى أن الحرمة مختصة بالدم المسفوح تحتاج إلى دليل وهو مفقود على الفرض .

   وأما الوجه الأول من استدلاله ففيه : أنه لم يبين كيفية استدلالة بالآية المباركة وكلامه في تقريب دلالتها مجمل ، فان كان نظره إلى أن الآية المباركة دالة على حصر المحرمات فيما ذكر فيها من الاُمور كما هو مقتضى كلمة «إلاّ» الواقعة بعد النفي ولم يعد منها الدم المتخلف ، فيدفعه : أن الحصر في الآية المباركة لا يمكن أن يكون حقيقياً لاسـتلزامه تخصيص الأكثر المستهجن ، لوضوح أن المحرّمات غير منحصرة في تلك الاُمور فان منها السباع ومنها المسوخ ومنها أموال الناس بغير إذنهم ومنها غير ذلك

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الحدائق 5 : 45 .

(2) الأنعام 6 : 145 .

(3) المائدة 5 : 3 .

(4) الوسائل 24 : 99 / أبواب الأطعمة المحرمة ب 1 ح 1 ، 3 .

ــ[16]ــ

مما يحرم أكله شرعاً ، فلا محيص من تأويله إما بحمله على الحصر الاضافي بدعوى أن المحرمات بالاضافة إلى ما جعلته العرب محرّماً على أنفسها في ذلك العصر منحصرة في تلك الاُمور ، وإما بحمله على زمان نزول الآية المباركة وانحصار المحرمات فيها في ذلك الزمان للتدرج في بيان الأحكام ، وعلى أيّ حال لا يستفاد من الآية المباركة حلية أكل الدم المتخلف بوجه .

   وإن كان نظره (قدس سره) إلى توصيف الدم في الآية المباركة بكونه مسفوحاً وأن مفهوم الوصف يقتضي حلية غير المسفوح منه فيتوجه عليه : أ نّا وإن التزمنا بمفهوم الوصف أخيراً إلاّ أن مفهومه على ما شرحناه في محله أن الحكم لم يترتب على طبيعة الموضوع أينما سرت لاستلزام ذلك لغوية التوصيف إلاّ فيما إذا كان له فائدة ظاهرة فيستفاد منه أن الحكم مترتب على حصة خاصة منها ، مثلاً إذا ورد أكرم الرجل العادل ، يدل توصيف الرجل بالعدالة على أن طبيعيه على إطلاقه غير واجب الاكرام وإلاّ لم يكن وجه لتقييده بالعدالة بل إنما يجب إكرام حصة خاصة منه وهو الرجل المتصف بالعدل ، ولكن لا دلالة له على أن فاقد الوصف أعني المتصف بصفة اُخرى غير محكوم بذلك الحكم ولو بسبب وصف آخر (1) وعلى الجملة أن التوصيف وإن كان ظاهراً في الاحتراز إلاّ أنه لا يدل على نفي الحكم عن غير موصوفه ، فالآية لا  دلالة لها على عدم حرمة الدم غير المسفوح ، ويشهد بذلك أن صاحب الحدائق (قدس سره) لا يرى طهارة غير المسفوح من الدماء كالدم الخارج عند حك البدن والخارج من الجروح ودم الحيض وغيرها مما لا يصدق عليه عنوان المسفوح . بل يمكن أن يقال : إن المسفوح بمعنى المراق فكل دم تجاوز عن محله فهو مسفوح ومراق ولا اختصاص له بالدم الخارج بالذبح ، فاذا شق بطن الذبيحة فسال منه الدم فهو دم مسفوح ومراق فيحرم أكله ، وينحصر غير المسـفوح بما يتبع اللحم ويعد جزءاً منه هذا كله مضافاً إلى دلالة الآية المتقدمة وبعض الأخبار على حرمة مطلق الدم .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) محاضرات في اُصول الفقه 5 : 133 .

ــ[17]ــ

إلاّ ما كان في اللّحم مما يعد جزءاً منه (1) .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net