حرمة استماع الغيبة
قال المصنّف (رحمه الله) : يحرم استماع الغيبة بلا خلاف ، فقد ورد « أنّ السامع للغيبة أحد المغتابين » والأخبار في حرمته كثيرة ، إلاّ أنّ ما يدلّ على كونه من الكبائر ـ كالرواية المذكورة ونحوها ـ ضعيفة السند(1).
أقول : الظاهر أنه لا خلاف بين الشيعة والسنّة(2) في حرمة استماع الغيبة ولكنّا لم نجد دليلا صحيحاً يدلّ عليها بحيث يكون استماع الغيبة من المحرّمات فضلا عن كونه من الكبائر ، إذ ما ورد في حرمته من طرق الخاصّة(3) ومن طرق
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) المكاسب 1 : 359 .
(2) راجع إحياء العلوم 3 : 145 ـ 146 .
(3) في المستدرك 9 : 133 / أبواب أحكام العشرة ب136 ح6 ، 7 ، 8 عن كتاب الروضة عن أبي عبدالله (عليه السلام) أنّه قال : « الغيبة كفر ، والمستمع لها والراضي بها مشرك » وهي مرسلة .
وعن الشيخ أبي الفتوح ] 10 : 258 [ عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال : « السامع للغيبة أحد المغتابين » وهي مرسلة .
وعن القطب الراوندي عن النبي (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال : « من سمع الغيبة ولم يغيّر كان كمن اغتاب » وهي مرسلة .
ــ[548]ــ
العامّة(1) كلّه لا يخلو عن الإرسال وضعف السند ، فلا يكون قابلا للاستناد إليه .
نعم قال في كتاب الاختصاص : « نظر أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى رجل يغتاب رجلا عند الحسن ابنه (عليه السلام) فقال : يابني نزّه سمعك عن مثل هذا ، فإنّه نظر إلى أخبث ما في وعائه فأفرغه في وعائك »(2) فإنّه ربما يدّعى كونه رواية مسندة ، قد أرسلها صاحب الاختصاص للاختصار ، فيدلّ ذلك على وثاقة رواتها المحذوفين عنده ، إذ فرق بين كلمة (روي عنه كذا) وبين كلمة (قال فلان كذا) فإنّ القول الأول ظاهر في كون المنقول مرسلا ، دون الثاني ، وعليه فهي رواية معتبرة تدلّ على حرمة استماع الغيبة .
ولكن يرد عليه : أنّ ثبوت الاعتبار عنده لا يستلزم ثبوته عندنا ، إذ لعلّه يعتمد على ما لا نعتمده .
وقد يستدل على الحرمة مطلقاً بحديث المناهي ، فإنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) « نهى عن الغيبة والاستماع إليها ، ونهى عن النميمة والاستماع إليها »(3).
وفيه أولا : أنّه ضعيف السند كما عرفته مراراً . وثانياً : أنّ صدره وإن كان ظاهراً في الحرمة مطلقاً ، إلاّ أنّ ذيله قرينة على حرمة الاستماع مع عدم الردّ فقط
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في إحياء العلوم 3 : 146 قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : « المستمع أحد المغتابين » وغير ذلك من الأحاديث .
(2) راجع المصدر المتقدّم من المستدرك ح5 ، الاختصاص (مصنّفات الشيخ المفيد 12) : 225 .
(3) وهي مجهولة بشعيب بن واقد . راجع الوسائل 12 : 282 / أبواب أحكام العشرة ب152 ح13 ، ومكارم الأخلاق 2 : 308 .
ــ[549]ــ
وهو قوله (صلّى الله عليه وآله) « ومن تطوّع على أخيه في غيبة سمعها فيه في مجلس فردّها عنه ردّ الله عنه ألف باب من الشرّ في الدنيا والآخرة ، فإن هو لم يردّها وهو قادر على ردّها كان عليه كوزر من اغتابه سبعين مرّة » . وحملها على السماع القهري خلاف الظاهر منها ، على أنّه أمر نادر .
وقد يجاب عن حديث المناهي بعدم ظهوره في الحرمة التكليفية ، فإنّ النهي فيه عن استماع الغيبة نهي تنزيهي ، وإرشاد إلى الجهات الأخلاقية ، ويدلّ عليه من الحديث ذكر الاُمور الأخلاقية فيه من آثار الغيبة ، ككونها موجبة لبطلان الوضوء والصوم(1).
وفيه : أنّ ما ثبت كونه راجعاً إلى الأخلاقيات ترفع اليد فيه عن ظهور النهي في الحرمة ، وأمّا غيره فيؤخذ بظهوره لا محالة كما حقّق في محلّه(2).
ومع الإغضاء عن جميع ما ذكرناه وتسليم صحّة الروايات المتقدّمة الظاهرة في حرمة استماع الغيبة مطلقاً ، فلابدّ من تقييدها بالروايات المتكثّرة(3) الظاهرة في
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع مكارم الأخلاق 2 : 315 .
(2) محاضرات في أُصول الفقه 3 ، 1 (موسوعة الإمام الخوئي 45 ، 43) : 274 ، 483 .
(3) ففي الوسائل 12 : 291 / أبواب أحكام العشرة ب156 ح1 ، 2 ، 5 في وصية النبي (صلّى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام) : « ياعلي من اغتيب عنده أخوه المسلم فاستطاع نصره فلم ينصره خذله الله في الدنيا والآخرة » رجال سند هذه الوصية مجاهيل ، لا طريق إلى الحكم بصحتها .
وعن أبي الورد عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : « من اغتيب عنده أخوه المؤمن فنصره وأعانه نصره الله وأعانه في الدنيا والآخرة ، ومن لم ينصره ولم يعنه ولم يدفع عنه وهو يقدر على نصرته وعونه إلاّ خفضه الله في الدنيا والآخرة » وهي حسنة بأبي الورد .
وعن عقاب الأعمال ] : 335 [ عن النبي (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال في خطبة له : « ومن ردّ على أخيه غيبة سمعها في مجلس ردّ الله عنه ألف باب من الشرّ في الدنيا والآخرة ، فإن لم يرد عنه وأعجبه كان عليه كوزر من اغتاب » وهي ضعيفة بموسى بن عمران ، والحسين ابن يزيد النوفلي ، وأبي هريرة وغيرهم .
وفي الموضع المزبور من الوسائل ح8 ، والوافي 26 : 198 ، ومكارم الأخلاق 2 : 379 عن النبي (صلّى الله عليه وآله) في وصية له قال : « ياأبا ذرّ من ذبّ عن أخيه المؤمن الغيبة كان حقّاً على الله أن يعتقه من النار ، ياأبا ذرّ من اغتيب عنده أخوه المؤمن وهو يستطيع نصره فنصره نصره الله في الدنيا والآخرة ، فإن خذله وهو يستطيع نصره خذله الله في الدنيا والآخرة » وهي ضعيفة بأبي المفضل ، ورجاء ، وابن ميمون ـ أو شمّون ـ . وغير ذلك من الروايات الدالّة على وجوب ردّ الاغتياب ، المذكورة في الباب المزبور من الوسائل ، والمستدرك 9 : 131 / أبواب أحكام العشرة ب136 ، والبحار 72 : 253 / 34 ، 35 ، 38 ، 51 ، 64 ، 69 . وغيرها من المصادر .
ــ[550]ــ
جواز استماعها لردّها عن المقول فيه . وتخصيصها بصورة السماع القهري قد تقدّم الجواب عنه آنفاً ، وعليه فإنّما يحرم استماع الغيبة مع عدم الردّ .
وقد يقال : إنّ النسبة بين الأخبار الواردة في سماع الغيبة للردّ وبين المطلقات المتقدّمة الدالّة على حرمة سماع الغيبة هي العموم من وجه ، فإنّ الطائفة الاُولى أعمّ من الثانية من حيث شمولها للسماع القهري الاتّفاقي ، وأخصّ منها من حيث اختصاصها بصورة الاستماع للردّ فقط . والطائفة الثانية أعمّ من حيث شمولها للاستماع بغير داعي الردّ ، وأخصّ من حيث اختصاصها بالاستماع الاختياري فيقع التعارض بينهما في مورد الاجتماع ، ويؤخذ بالطائفة الاُولى ، لكونها صحيحة السند ، دون الطائفة الثانية ، بناء على أنّ صحّة السند من المرجّحات ، كما هو المشهور بين المتأخّرين .
ولكن يرد عليه : أنّ مجرّد صحّة السند لا يكون من المرجّحات في معارضة
ــ[551]ــ
الدليلين ، وقد حقّقناه في علم الاُصول(1) وعليه فتسقطان للمعارضة ، ويرجع إلى عمومات ما دلّ على رجحان إعانة المؤمن ، وإلاّ فيرجع إلى البراءة .
على أنّك قد عرفت أنّ الطائفة الثانية ضعيفة السند ، فلا تعارض الطائفة الاُولى فضلا عن وصول النوبة إلى الترجيح .
وعلى ما ذكرناه من عدم الدليل الصحيح على حرمة استماع الغيبة فإنّما يلتزم بالجواز إذا لم يرض السامع بالغيبة ، أو لم يكن سكوته إمضاء لها أو تشجيعاً للمتكلّم عليها ، أو تسبيباً للاغتياب من آخر ، وإلاّ كان حراماً من هذه الجهات . وقد ورد في أحاديث عديدة أنّ الراضي بفعل قوم كالداخل معهم(2). وتقدّم(3) في البحث عن بيع المتنجّس حرمة التسبيب لوقوع الجاهل في الحرام الواقعي . بل تحرم مجالسته للأخبار المتظافرة الدالّة على حرمة المجالسة مع أهل المعاصي ـ وسنشير إلى مصادرها ـ(4) كما تحرم مجالسة من يكفر بآيات الله ، للآية(5).
وقد يستدل على حرمة الاستماع بأدلّة حرمة الغيبة ، بدعوى عدم تحقّقها إلاّ بالمستمع .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مصباح الاُصول 3 (موسوعة الإمام الخوئي 48) : 496 ـ 497 .
(2) راجع الوافي 15 : 183 / ب24 حدّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والوسائل 16 : 137 / أبواب الأمر والنهي ب5 ، والمستدرك 12 : 193 / أبواب الأمر والنهي ب4 . وفي شرح النهج لمحمد عبده : 696 / 154 قال علي (عليه السلام) : « الراضي بفعل قوم كالداخل فيه معهم ، وعلى كل داخل في باطل إثمان : إثم العمل به ، وإثم الرضا به » .
(3) في ص181 .
(4) في ص562 ، الهامش رقم (2) .
(5) وهي قوله تعالى : (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُوا مَعَهُمْ) الآية . النساء 4 : 140 .
ــ[552]ــ
وفيه : أنّ حرمة الغيبة لا تلازم حرمة الاستماع ، وإن كان بينهما تلازم خارجاً فإنّ التلازم في الخارج لا يستدعي التلازم في الحكم . وقد جاز سماع الغيبة للردّ جزماً .
حرمة الغيبة لا تلازم حرمة استماعها
قوله : ثم المحرّم سماع الغيبة المحرّمة دون ما علم حلّيتها .
أقول : إذا سلّمنا حرمة سماع الغيبة بالإرادة والاختيار ، فهل هو حرام مطلقاً حتّى مع جواز الاغتياب كما في الموارد المتقدّمة ، أو أنّه يحرم مع حرمة الاغتياب فقط ، أو يفصّل بين علم السامع بالحلّية فيلتزم بالجواز ، وبين جهله بها فيلتزم بالحرمة ؟
ظاهر المصنّف جواز الاستماع ما لم يعلم السامع حرمة الغيبة ، لأنّه قول غير منكر ، فلا يحرم الإصغاء إليه ، للأصل . وأمّا حديث « السامع للغيبة أحد المغتابين »(1) فمع تسليم صحّته يدلّ على أنّ السامع لغيبة كالمتكلّم بتلك الغيبة في الحرمة والحلّية ، فيكون دليلا على الجواز هنا . إلاّ أن يقال : إنّ الحديث ينزّل السامع للغيبة منزلة المتكلّم بها ، فإذا جاز للسامع التكلّم بالغيبة جاز له سماعها ، وإلاّ فلا . ولكنّه خلاف الظاهر من الحديث .
والتحقيق : أنّ جواز الغيبة قد يكون حكماً واقعياً ، وقد يكون حكماً ظاهرياً .
أمّا الجواز الواقعي فلا ملازمة فيه بين جواز الغيبة وجواز الاستماع إليها ، لأنّه يتصوّر على أنحاء ثلاثة :
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) المستدرك 9 : 133 / أبواب أحكام العشرة ب136 ح7 .
ــ[553]ــ
الأول : أن يكون المقول فيه جائز الغيبة عند الناس من غير اختصاص بشخص دون شخص ، بأن كان متجاهراً في الفسق ومتظاهراً في مخالفة المولى ، فإنّ مثل هذا تجوز غيبته واقعاً لكل أحد ، إمّا مطلقاً أو في خصوص ما تجاهر فيه من الذنوب ، على الخلاف المتقدّم(1) بل قد عرفت خروجه عن موضوع الغيبة رأساً وعليه فالاستماع إليها أولى بالجواز . وكذلك الكلام في غيبة المبدع في الدين والإمام الجائر .
الثاني : أن يكون جواز الغيبة الواقعي مختصّاً بالمغتاب ـ بالكسر ـ كالصبي المميّز ، والمكرَه على اغتياب الناس ، وعليه فلا يجوز استماعها مطلقاً لمن يحرم عليه الاغتياب ، لعدم الملازمة بينهما ، فإنّ ارتفاع الحكم عن أحدهما لا يستلزم ارتفاعه عن الآخر . وعلى الجملة : جواز السماع يدور مدار الردّ عن المغتاب ـ بالفتح ـ ومع عدمه كان حراماً وإن لم يكن المغتاب ـ بالكسر ـ مكلّفاً .
فتحصّل : أنّ الاغتياب جائز والاستماع حرام ، كما أنّه قد يكون السماع جائزاً والاستماع حراماً ، نظير ما إذا كان المغتاب ـ بالكسر ـ ممّن لا يمكن ردّه ولا الفرار منه ، كالسلطان الجائر ونحوه ، ولذا سكت الإمام المجتبى (عليه السلام) عند سبّ أبيه . ونظير ذلك ما إذا تصدّى أحد لقتل شخص محقون الدم بزعم أنه كافر حربي ، ونحن نعلم أنّه محقون الدم ، فإنّه يحرم علينا السكوت ، وإن جاز له القتل . ونظائره كثيرة في باب الرشوة وغيره .
الثالث : أن تكون هنا ملازمة عرفية بين جواز الغيبة وجواز الاستماع إليها كتظلّم المظلوم ، فإنّ مناط جواز الغيبة هنا هو ظهور ظلامته ، واشتهارها بين الناس وهذا المعنى لا يتحقّق في نظر العرف إلاّ بسماع التظلّم منه ، وكذلك الشأن في سماع
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في ص523 وما بعدها .
ــ[554]ــ
الغيبة في موارد الاستفتاء .
وعلى الجملة : فجواز الغيبة واقعاً لا يلازم جواز السماع ملازمة دائمية ، بل النسبة بينهما عموم من وجه ، فقد تحرم الغيبة دون الاستماع كالمكره على السماع ، وقد يحرم الاستماع دون الغيبة ، كما إذا كان القائل معذوراً في ذلك دون السامع ، وقد يجتمعان .
وأمّا الجواز الظاهري للغيبة فهل يلازم جواز استماعها أم لا ، كما إذا احتمل السامع أو صرّح القائل بأنّ المقول فيه مستحق للغيبة . ففي كشف الريبة عند ذكر مستثنيات الغيبة أنّه : إذا سمع أحد مغتاباً لآخر ، وهو لا يعلم استحقاق المقول عنه للغيبة ولا عدمه ، قيل : لا يجب نهي القائل ، لإمكان استحقاق المقول عنه ، فيحمل فعل القائل على الصحّة ما لم يعلم فساده ، لأنّ ردعه يستلزم انتهاك حرمته ، وهو أحد المحرّمين(1).
وأجاب الشهيد (رحمه الله) عن ذلك في الكتاب المذكور بأنّ : الأولى التنبيه على ذلك إلى أن يتحقّق المخرج منه ، لعموم الأدلّة ، وترك الاستفصال فيها ، وهو دليل إرادة العموم ، حذراً من الإغراء بالجهل ، ولأنّ ذلك لو تم لتمشّى في من يعلم عدم استحقاق المقول عنه بالنسبة إلى السامع ، لاحتمال إطّلاع القائل على ما يوجب تسويغ مقاله ، وهو يهدم قاعدة النهي عن الغيبة .
وردّه المصنّف بأنّ في ذلك خلطاً بين ردّ الغيبة والنهي عنها ، والذي نفاه القائل بعدم وجوب النهي هو الثاني الذي هو من صغريات النهي عن المنكر ، دون الأول .
وتحقيق مراد المصنّف : أنّ النسبة بين وجوب ردّ الغيبة ووجوب النهي عنها
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) كشف الريبة : 76 .
ــ[555]ــ
عموم من وجه ، فإنّه قد يجب النهي عن الغيبة لوجوب النهي عن المنكر حيث لا يجب ردّها ولو من جهة كون المقول فيه جائز الغيبة عند السامع ، مع كونه مستوراً عند القائل ، ومع ذلك يجب نهي القائل عنها من باب وجوب النهي عن المنكر . وقد يجب ردّ الغيبة حيث لا مورد للنهي عن المنكر ، كما إذا كان المغتاب ـ بالكسر ـ صبيّاً فإنّ فعله ليس بمنكر لكي يجب النهي عنه ، إلاّ أنّه يجب على السامع حينئذ ردّ الغيبة حفظاً لاحترام أخيه المؤمن . وقد يجتمعان ، كما إذا علم السامع بكون الاغتياب حراماً ، فإنّه من حيث كونه من المنكرات في الشريعة يجب النهي عنه ، ومن حيث كونه هتكاً للمؤمن وكشفاً لعورته يجب ردّه .
وإذا شكّ في استحقاق المقول فيه الغيبة وعدم استحقاقه حرم سماعها على القول بحرمته ، ووجب ردّها على النحو الذي تقدّم من توجيه فعل المقول فيه على نحو يخرجه عن المعصية ، ومع هذا لا يجب نهي القائل ، بل لا يجوز ، لإمكان استحقاق المقول فيه ، فيحمل فعل القائل على الصحّة ما لم يعلم فساده ، فإنّ ردعه يستلزم انتهاك حرمته ، وهو حرام . على أنّ إثبات وجوب الردع بأدلّة النهي عن المنكر تمسّك بالعام في الشبهات المصداقية ، وهو لا يجوز .
لا يقال : كما لا يجب نهي القائل عن الغيبة فكذلك لا يجب ردّها ، لاحتمال كون المقول فيه مستحقّاً للغيبة عند القائل ، ومسلوب الاحترام في عقيدته ، وعليه فاثبات وجوب الردّ في الفرد المشكوك بالأدلّة الدالّة على وجوب احترام المؤمن ووجوب ردّ غيبته تمسّك بالعام في الشبهة المصداقية .
فإنّه يقال أولا : أنه لا شبهة في كون المقول فيه مؤمناً وجداناً ، وعدم وجود المجوّز لاغتيابه محرز بأصالة العدم ، فإنّ المقول فيه كان في زمان ولم يكن فيه ما يجوّز
ــ[556]ــ
غيبته ، والأصل بقاؤه في تلك الحالة . وقد ذكرنا في محلّه(1) أنّ عنوان المخصّص إذا كان أمراً وجودياً فإنّه ينفى بالأصل الموضوعي في مورد الشك ، وينقّح به موضوع التمسّك بالعام ، ولا يلزم منه التمسّك بالعام في الشبهة المصداقية ، وكذلك في المقام إذا شككنا أنّ المقول فيه جائز الغيبة عند القائل أم لا ، نستصحب عدمه ، وينقّح به موضوع التمسّك بعموم ما دلّ على حرمة استماع الغيبة على تقدير ثبوته ، وبعموم ما دلّ على وجوب ردّ الغيبة .
وثانياً : أنّ المتعارف من أفراد الغيبة هو أنّ السامع لا يعلم نوعاً بحال المقول فيه ، والظاهر من الروايات الدالّة على وجوب ردّ الغيبة أنّ ذلك هو المراد ، إذ لو حملناها على خصوص ما إذا علم السامع بكون المقول فيه غير جائز الغيبة كان ذلك حملا لها على المورد النادر .
قوله : والظاهر أنّ الردّ غير النهي عن الغيبة .
أقول : الغرض من ردّ الغيبة هو نصرة المغتاب ، وتنزيهه عن تلك الوقيعة وإن أفاد النهي عن المنكر أيضاً . وأمّا النهي عن الغيبة فهو من صغريات النهي عن المنكر ، فيجري عليه حكمه ، سواء قلنا بوجوب ردّ الغيبة أم لا .
ثم إنّ نصرة الغائب بردّ الغيبة عنه تختلف باختلاف المعائب ، فإن كان العيب راجعاً إلى الاُمور الدنيوية فنصرته بأن يقول مثلا : العيب ليس إلاّ ما عابه الله من المعاصي ، وإن كان راجعاً إلى الاُمور الدينية وجّهه بما يخرجه عن كونه معصية ، وإذا لم يقبل التوجيه ردّه بأنّ المؤمن قد يبتلى بالذنوب ، فإنّه ليس بمعصوم . وهكذا ينصره في ذكر سائر العيوب .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) محاضرات في أُصول الفقه 4 (موسوعة الإمام الخوئي 46) : 360 .
ــ[557]ــ
حرمة كون الإنسان ذا لسانين
قوله : ثم إنّه قد يتضاعف عقاب المغتاب إذا كان ممّن يمدح المغتاب في حضوره .
أقول : توضيح كلامه أنّه إذا كان للإنسان لسان مدح في الحضور ، ولسان ذم في الغياب ، استحقّ بذلك عقابين : أحدهما للاغتياب ، والثاني : لكونه ذا لسانين ويسمّى هذا منافقاً أيضاً . وإذا مدح المقول فيه في حضوره بما ليس فيه عوقب بثلاث عقوبات : للاغتياب ، والكذب ، والنفاق .
ثم إنّ المدح في الحضور بالأوصاف المباحة وإن كان جائزاً في نفسه ، بل ربما يكون مطلوباً للعقلاء ، ولكنّه إذا كان مسبوقاً بالذمّ أو ملحوقاً به كان من الجرائم الموبقة والكبائر المهلكة ، وقد ورد في الأخبار المستفيضة أنّ ذا اللسانين يجيء يوم القيامة وله لسانان من النار(1)، فإنّ لسانه المدح في الحضور وإن لم يكن لساناً من النار ، إلاّ أنّه إذا تعقّبه أو تقدّمه لسان الذمّ في الغياب صار كذلك .
ثم إنّ النسبة بين المغتاب ـ بالكسر ـ وبين ذي اللسانين هي العموم من وجه فإنّه قد توجد الغيبة ولا يوجد النفاق ، وقد يوجد النفاق حيث لا توجد الغيبة ، كأن يمدح المقول فيه حضوراً ، ويذمّه بالسبّ والبهتان غياباً ، وقد يجتمعان كما عرفت .
قوله : قد يطلق الاغتياب على البهتان .
أقول : قد عرفت أنّ الغيبة هي أن تقول في أخيك ما ستره الله عليه ، وأمّا
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع الوافي 5 : 937 / ب157 (مخالفة السرّ والعلن) ، والوسائل 12 : 256 / أبواب أحكام العشرة ب143 ، والمستدرك 9 : 96 / أبواب أحكام العشرة ب123 .
ــ[558]ــ
البهتان فهو على ما تقدّم(1) في بعض أخبار الغيبة ذكرك أخاك بما ليس فيه ، فهما متباينان مفهوماً ومصداقاً ، نعم بناءً على مقالة المشهور من أنّ الغيبة ذكرك أخاك بما يكرهه يمكن اجتماعهما في بعض الموارد .
وأمّا إطلاق الغيبة على البهتان في رواية علقمة(2) فبنحو من المسامحة والتجوّز ، على أنّها ضعيفة السند . وأمّا كون عقاب التهمة أشدّ من الغيبة فلاشتمالها على الفرية والهتك معاً .
حقوق الإخوان
قوله : خاتمة : في بعض ما ورد من حقوق المسلم على أخيه .
أقول : قد ورد في الروايات المتظافرة ، بل المتواترة أنّ للمسلم على أخيه حقوقاً كثيرة(3)، وفي رواية الكراجكي أنّ للمؤمن على أخيه ثلاثين حقّاً ، وعدّها واحداً بعد واحد ، ثمّ قال (عليه السلام) : « سمعت رسول الله يقول : إنّ أحدكم ليدع
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في ص500 ـ 501 .
(2) عن الصادق (عليه السلام) عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قال : « من اغتاب مؤمناً بما فيه لم يجمع الله بينهما في الجنّة أبداً ، ومن اغتاب مؤمناً بما ليس فيه فقد انقطعت العصمة بينهما ، وكان المغتاب في النار خالداً فيها وبئس المصير » الحديث . وهو ضعيف بعلقمة بن محمد ، وصالح بن عقبة ، وغيرهما. راجع الوسائل 12 : 285 / أبواب أحكام العشرة ب152 ح20 .
(3) راجع مصادقة الإخوان للصدوق ] 140 / ب7 وغيره [ ، والكافي 2 : 169 / باب حقّ المؤمن على أخيه ، والوافي 5 : 557 / ب80 حقوق الاُخوة ، ب81 صفة الأخ . والوسائل 12 : 203 / أبواب أحكام العشرة ب122 ، والبحار 71 / 221 / باب حقوق الإخوان والمستدرك 9 : 39 / أبواب أحكام العشرة ب105 ، وغير ذلك من الأبواب من الكتب المذكورة وغيرها .
ــ[559]ــ
من حقوق أخيه شيئاً فيطالبه به يوم القيامة فيقضى له وعليه » . وقد عرفت(1) في البحث عن كفّارة الغيبة أنّها ضعيفة السند .
وفي صحيحة مرازم عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : « ما عبد الله بشيء أفضل من أداء حقّ المؤمن »(2).
وقد خصّ المصنّف هذه الأخبار بالأخ العارف بهذه الحقوق المؤدّي لها بحسب اليسر ، أمّا المؤمن المضيّع لها فالظاهر عدم تأكّد مراعاة هذه الحقوق بالنسبة إليه ، ولا يوجب إهمالها مطالبته يوم القيامة ، لتحقّق المقاصّة ، فإنّ التهاتر يقع في الحقوق كما يقع في الأموال .
واستشهد المصنّف (رحمه الله) على رأيه هذا بعدّة روايات قاصرة الدلالة عليه .
منها : ما رواه الصدوق والكليني عن أبي جعفر (عليه السلام)(3) وقد ذكر فيها
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في ص510 .
(2) راجع المصدر المتقدّم من الوسائل ح1 .
(3) ففي الوافي 5 : 569 / 5 ، والكافي 2 : 193 / 3 ، والوسائل 12 : 13 / أبواب أحكام العشرة ب3 عن أبي مريم الأنصاري عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : « قام رجل بالبصرة إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال : ياأمير المؤمنين أخبرنا عن الإخوان ؟ فقال : الإخوان صنفان : إخوان الثقة ، وإخوان المكاشرة . فأمّا إخوان الثقة فهم الكفّ والجناح والأهل والمال فإذا كنت من أخيك على حدّ الثقة فابذل له مالك وبدنك ، وصاف من صافاه وعاد من عاداه ، واكتم سرّه وعيبه ، وأظهر منه الحسن ، واعلم أيّها السائل أنّهم أقل من الكبريت الأحمر . وأمّا إخوان المكاشرة فإنّك تصيب لذّتك منهم ، فلا تقطعنّ ذلك منهم ، ولا تطلبنّ ما وراء ذلك عن ضميرهم ، وابذل لهم ما بذلوا لك من طلاقة الوجه وحلاوة اللسان » . وهي صحيحة .
ورواها الصدوق في مصادقة الإخوان ] 131 / 1 [ مرسلا ، وفي الخصال ] 49 / 56 [ بسند فيه ضعف بعبدالله بن أحمد الرازي ، وبكر بن صالح ، ومحمّد بن حفص ، وغيرهم .
الكشر : التبسّم . كاشره : كشف له أنيابه .
ــ[560]ــ
إخوان الثقة وإخوان المكاشرة وقال في إخوان المكاشرة : « وابذل لهم ما بذلوا لك من طلاقة الوجه وحلاوة اللسان » .
وفيه : أنّ هذه الرواية غريبة عمّا ذكره المصنّف ، فإنّها مسوقة لبيان وظيفة العمل بحقوق الإخوان على حسب مراتب الإخوة ، فإنّ منهم من هو في أرقى مراتب الأُخوة في أداء حقوقها حتّى يطمئن به الإنسان على عرضه وماله وسائر شؤونه وهذا الأخ كالكفّ والجناح ، فيبذل له المال واليد ، ويعادي من عاداه ويصافي من صافاه . ومنهم إخوان الاُنس والفرح والمجالسة والمفاكهة ، فلا يبذل لهم إلاّ ما يبذلون من طلاقة الوجه وحلاوة اللسان ، ولا يطمئن إليهم في الاُمور المذكورة .
ومنها : رواية عبيدالله الحلبي(1) فإنّها تدلّ على أنّ للصداقة حدوداً ، ولا يليق بها إلاّ من كانت فيه هذه الحدود . ووجه الاستدلال : هو ما ذكره المصنّف من أنّه إذا لم تكن الصداقة لم تكن الاُخوة ، فلا بأس بترك الحقوق المذكورة بالنسبة
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : « لا تكون الصداقة إلاّ بحدودها ، فمن كانت فيه هذه الحدود أو شيء منها فانسبه إلى الصداقة ، ومن لم يكن فيه شيء منها فلا تنسبه إلى شيء من الصداقة فأوّلها أن تكون سريرته وعلانيته لك واحدة ، والثانية : أن يرى زينك زينه وشينك شينه والثالثة : أن لا تغيّره عليك ولاية ولا مال ، والرابعة : أن لا يمنعك شيئاً تناله مقدرته والخامسة : ـ وهي تجمع هذه الخصال ـ أن لا يسلمك عند النكبات » وهي ضعيفة بعبيدالله الدهقان . الإسلام : الخذلان . راجع الوافي 5 : 573 / 8 ، والوسائل 12 : 25 / أبواب أحكام العشرة ب13 ح1 .
ــ[561]ــ
إليه .
وفيه : أنّ الصداقة المنفية عمّن لا يفي بحدودها غير الاُخوة الثابتة بين المؤمنين بنصّ الآية(1) والروايات ، ومن الواضح أنّ الحقوق المذكورة إنّما ثبتت للأُخوة المحضة ، سواء أكانت معها صداقة أم لا . وعليه فنفي الصداقة في مورد لا يدلّ على نفي الاُخوة ، لأنّ الصداقة فوق الاُخوة ، ونفي المرتبة الشديدة لا يدلّ على نفي المرتبة الضعيفة . على أنّ الرواية ضعيفة السند .
ومن هنا ظهر الجواب عن الاستدلال بما في نهج البلاغة(2) من نفي الصداقة عمّن لا يحفظ أخاه في ثلاث . مع أنّه ضعيف للإرسال .
ومنها : ما دلّ على سلب الأُخوة عمّن لا يلبس المؤمن العاري ، كروايتي الوصافي وابن أبي عمير(3).
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) وهي قوله تعالى : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) الحجرات 49 : 10 .
(2) في شرح النهج لمحمد عبده 689 / 135 قال (عليه السلام) : « لا يكون الصديق صديقاً حتّى يحفظ أخاه في ثلاث : في نكبته ، وغيبته ، ووفاته » وهي مرسلة .
(3) في مصادقة الإخوان للصدوق : 137 / باب مواساة الإخوان ح1 ، 4 . والوسائل 12 : 26 / أبواب أحكام العشرة ب14 ح1 ، 3 عن علي بن عقبة عن الوصافي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال « قال لي : ياأبا إسماعيل أرأيت من قبلكم إذا كان الرجل ليس له رداء وعند بعض إخوانه فضل رداء يطرح عليه حتّى يصيب رداءً ؟ قال قلت : لا ، قال : فإذا كان ليس عنده إزار يوصل إليه بعض إخوانه فضل إزار حتّى يصيب إزاراً ؟ قلت : لا ، فضرب بيده على فخذه ثم قال : ما هؤلاء باخوة » وهي مرسلة .
وعن خلاّد السندي رفعه قال : « أبطأ على رسول الله (صلّى الله عليه وآله) رجل فقال : ما أبطأ بك ؟ فقال : العرى يارسول الله ، فقال : أما كان لك جار له ثوبان يعيرك أحدهما ؟ قال: بلى يارسول الله (صلّى الله عليه وآله) فقال: ما هذا لك بأخ » وهي مرفوعة ، ومجهولة بخلاّد .
ــ[562]ــ
وفيه : أنّ المراد من سلب الأُخوة في الروايتين كناية عن سلب الأُخوة الكاملة ، فقد تعارف بين المتحاورين نفي المحمول بلسان الموضوع لأجل المبالغة في التعبير ، كما يقال ياأشباه الرجال ولا رجال ، ولا صلاة لجار المسجد إلاّ فيه ، ولا شكّ لكثير الشكّ ، ويقال لمن لا يعمل بعلمه إنّه ليس بعالم ، إلى غير ذلك من الإطلاقات الفصيحة . وعليه فلا دلالة في الروايتين على نفي الأُخوة حقيقة الذي هو مفاد ليس التامّة .
ويدلّ على ما ذكرناه أنّه لو اُريد من السلب نفي الأُخوة حقيقة لزم القول بعدم وجوب مراعاة سائر الحقوق الثابتة ، مِن ردّ الاغتياب ونحوه ، وهو بديهي البطلان . ويضاف إلى جميع ما ذكرناه أنّ الروايتين ضعيفتا السند .
ومنها : رواية يونس بن ظبيان الدالّة على اختبار الإخوان باتيانهم بالصلاة في وقتها ، وبرّهم في الإخوان ، وإذا لم يحفظوهما فاعزبوا عنهم(1).
وفيه : أنّ ظاهر الرواية كونها راجعة إلى ترك العشرة والمجالسة مع من لا يهتمّ بالإتيان بالصلاة في أوقاتها ، والإحسان للإخوان في اليسر والعسر ، فإنّ المجالسة مؤثّرة كتأثير النار في الحطب ، ولذا نهي عن المجالسة مع العصاة والفسّاق(2).
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ففي الوافي 5 : 574 / 9 ، والوسائل 12 : 148 / أبواب أحكام العشرة ب103 ح1 عن المفضّل ابن عمر ويونس بن ظبيان ، قالا « قال أبو عبدالله (عليه السلام) : اختبروا إخوانكم بخصلتين ، فإن كانتا فيهم وإلاّ فاعزب ثم اعزب ثمّ اعزب : المحافظة على الصلاة في مواقيتها والبرّ بالإخوان في العسر واليسر » وهي مجهولة بعمر بن عبدالعزيز . أقول : العزوب بالعين المهملة والزاء : البعد والغيبة .
(2) راجع الوسائل 16 : 255 / أبواب الأمر والنهي ب37 ، 38 ، 12 : 32 / أبواب أحكام العشرة ب17 .
ــ[563]ــ
وأُمر بمجالسة العلماء(1) والصلحاء ، وعليه فلا دلالة فيها على نفي الاُخوة عمّن لا يقوم بحقوق الإخوان . على أنّ الرواية مجهولة .
وعلى الجملة : فلا وجه لتقييد المطلقات الواردة في حقوق الإخوان بصورة قيامهم بذلك . ولا يخفى أنّ الميزان في تأدية حقوق الإخوة هو الميزان في الامتثال في بقية الأعمال المستحبّة ، من أنّ الإتيان بجميعها تكليف بما لا يطاق ، فتقع المزاحمة بينها في مرحلة الامتثال ، فيؤتى بالأهم فالأهم . ــــــــــــــــ
(1) راجع الوافي 1 : 175 / ب10 (مجالسة العلماء وصحبتهم) .
|