حرمة الولاية من قبل الجائر
قوله : السادسة والعشرون : الولاية من قبل الجائر ، وهي صيرورته والياً على قوم منصوباً من قبله محرّمة(1).
أقول : الظاهر أنّه لا خلاف بين الأصحاب في حرمة الولاية من قبل الجائر في الجملة ، وتدلّ عليها الأخبار المستفيضة ، بل المتواترة(2) وقد تقدّم بعضها(3) في البحث عن حرمة معونة الظالمين ، كقوله (عليه السلام) : « من سوّد اسمه في ديوان ولد سابع (مقلوب عباس) حشره الله يوم القيامة خنزيراً » وغير ذلك من الروايات .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) المكاسب 2 : 69 .
(2) راجع الكافي 5 : 105 / باب عمل السلطان وجوائزهم ، التهذيب 6 : 330 / 917 ، وغيره الوافي 17 : 151 / باب عمل السلطان وجوائزهم ، الوسائل 17 : 187 / أبواب ما يكتسب به ب45 ، المستدرك 13 : 129 / أبواب ما يكتسب به ب38 .
(3) في ص650 وما بعدها .
ــ[664]ــ
ويدلّ على الحرمة أيضاً ما في رواية تحف العقول من قوله (عليه السلام) : « إنّ في ولاية الوالي الجائر دروس(1) الحقّ كلّه ، وإحياء الباطل كلّه ، وإظهار الظلم والجور والفساد ، وإبطال الكتب ، وقتل الأنبياء ، وهدم المساجد ، وتبديل سنّة الله وشرائعه ، فلذلك حرم العمل معهم ومعونتهم والكسب معهم ، إلاّ بجهة الضرورة نظير الضرورة إلى الدم والميتة » . وهذه الرواية وإن كانت ضعيفة السند ـ كما تقدّم الكلام عليها في أوّل الكتاب ـ إلاّ أنّ تلك التعليلات المذكورة فيها تعليلات صحيحة فلا بأس بالتمسّك بها .
ثمّ إنّ ظاهر جملة من الروايات كون الولاية من قبل الجائر بنفسها محرّمة وهي أخذ المنصب منه ، وتسويد الاسم في ديوانه ، وإن لم ينضم إليها القيام بمعصية عملية اُخرى من الظلم ، وقتل النفوس المحترمة ، وإصابة أموال الناس وأعراضهم وغيرها من شؤون الولاية المحرّمة . فأيّ وال من ولاة الجور ارتكب شيئاً من تلك العناوين المحرّمة يعاقب بعقابين ، أحدهما من جهة الولاية المحرّمة وثانيهما من جهة ما ارتكبه من المعاصي الخارجية .
وعليه فالنسبة بين عنوان الولاية من قبل الجائر وبين تحقّق هذه الأعمال المحرّمة هي العموم من وجه ، فقد يكون أحد والياً من قبل الجائر ولكنّه لا يعمل شيئاً من الأعمال المحرّمة ، وإن كانت الولاية من الجائر لا تنفك عن المعصية غالباً . وقد يرتكب غير الوالي شيئاً من هذه المظالم الراجعة إلى شؤون الولاة تزلّفاً إليهم وطلباً للمنزلة عندهم . وقد يجتمعان ، بأن يتصدّى الوالي نفسه لأخذ الأموال وقتل النفوس وارتكاب المظالم .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في نسخة تحف العقول : 332 : دوس الحقّ : أي وطؤه برجله .
|