التنبيه السابع : جريان الخيارات المختصّة بالبيع في المعا 

الكتاب : التنقيح في شرح المكاسب - الجزء الاول : البيع-1   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4395


ــ[175]ــ
 

التنبيه السابع

المقصود من هذا التنبيه البحث عن جريان الخيارات المختصّة بالبيع في المعاطاة وعدمه ، وقد حكى شيخنا الأنصاري (قدّس سرّه)(1) عن المسالك(2)وجهين في كون المعاطاة بيعاً أو معاملة مستقلّة اُخرى وقد تقدّم ذلك سابقاً وأحال شيخنا الأنصاري تفصيله إلى التنبيهات فلذا أشار إلى تفصيله في المقام ، ومحل البحث إنما هو المعاطاة المقصود بها التمليك مع ترتّب الاباحة عليها شرعاً ، وأمّا المعاطاة المقصود بها الاباحة التي يترتّب عليها الاباحة فلا معنى للبحث عن أنّها بيع أو معاوضة مستقلّة ، للعلم بأنها ليست من البيع جدّاً ، كما أنّ المعاطاة المقصود بها التمليك المترتّب عليها الملك على نحو الجواز أو اللزوم ، لا معنى للبحث عن أنها بيع أو معاوضة اُخرى لأنها بيع حقيقي حينئذ بلا كلام .

ثمّ إنّه ربما يتخيّل أنّه لا ينبغي البحث عن أنّ المعاطاة المذكورة من البيع أو معاوضة اُخرى ، إذ المراد من البيع إن كان البيع العرفي فلا إشكال في أنها كذلك وإن اُريد به البيع شرعاً فلا إشكال في أنها ليست بيعاً شرعياً لعدم ترتّب الملكية عليها .

والتحقيق أنّ المعاطاة على القول بالملك اللازم بيع بلا إشكال ، وكذا على القول بترتّب الملك الجائز عليها ، إذ لا يعتبر اللزوم في حقيقة البيع ، وأمّا على القول بالاباحة فكذلك ، لما مرّ مراراً من أنّ الاباحة المترتّبة على المعاطاة ليست إباحة مالكية ، وإنّما هي إباحة شرعية ثابتة بالسيرة والإجماع ، وأمّا المتعاطيان فقد قصدا بها التمليك وأمضاه الشارع غاية الأمر مشروطاً بشرط متأخّر عن المعاطاة مقارن

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المكاسب 3 : 103 .

(2) المسالك 3 : 151 .

ــ[176]ــ

لحصول الملك من التلف والتصرف المغيّر ونحوهما ، كاشتراط صحّة بيع الصرف وترتّب الأثر عليه بالقبض واشتراط صحّة بيع المكره بالاجازة . نعم ، حكم الشارع في المعاطاة باباحة التصرف قبل حصول شرط الملك ولم يحكم بها في بيع الصرف وبيع المكره ونحوهما .

وعليه فالمعاطاة تكون بيعاً من أوّل حدوثها على جميع الأقوال حتّى القول بالاباحة ، كما أنّ بيع المكره والصرف أيضاً بيع قبل حصول الاجازة والقبض .

وأمّا جريان الخيارات فيها فتفصيله أنّ الخيار قد يكون بتعبّد شرعي كخيار المجلس والحيوان ، وقد يكون ناشئاً من تخلّف الشرط ، فإنّ جعل الشرط لا معنى له إلاّ جعل الخيار عند تخلّفه ، ثمّ الشرط قد يكون لفظياً مذكوراً في العقد وقد يكون ارتكازياً كاعتبار سلامة العوضين وعدم تفاوت الثمن عن القيمة السوقية تفاوتاً فاحشاً في المعاوضات ، ولذا يكون التخلّف في الأوّل موجباً لثبوت خيار العيب وفي الثاني موجباً لخيار الغبن ، وهذا القسم من الخيار أعني الناشئ من تخلّف الشرط لا إشكال في جريانه في المعاطاة ، لعدم اختصاصه بالبيع بل يجري في جميع المعاوضات .

وأمّا القسم الأوّل فعلى المختار من القول بافادة المعاطاة الملك اللازم من أوّل الأمر فلا ينبغي الإشكال في جريان جميع الخيارات فيها .

وأمّا بناءً على القول بالملك المتزلزل فظاهر كلام شيخنا الأنصاري (قدّس سرّه)(1) وصريح كلام شيخنا الاُستاذ (قدّس سرّه)(2) في الخيارات المختصّة بالبيع كخيار المجلس والحيوان عدم جريان الخيارات فيها ، وعلّله شيخنا الاُستاذ (قدّس

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المكاسب 3 : 104 .

(2) منية الطالب 1 : 225 .

ــ[177]ــ

سرّه) بأنّ هذه الخيارات إنّما تتحقّق في بيع مبناه على اللزوم لولا الخيار ، والمعاطاة بناءً على أنّها تفيد الملك المتزلزل غير مبنية على اللزوم مع قطع النظر عن الخيار ، لأنّ الفرض أنّها تفيد الملك الجائز دون اللازم ، هذا .

ولا يخفى أنّ الجواز الثابت في المعاطاة كالجواز في البيع الخياري ومتعلّقهما شيء واحد وهو العقد ، وليس الجواز في المقام متعلّقاً بترادّ العينين كما ذكره شيخنا الأنصاري (قدّس سرّه)(1) وذلك لما عرفت من أنّ المراد بالترادّ ليس هو التراد الخارجي ، إذ لا معنى لتعلّق الجواز به ، وإنّما هو الترادّ في العلقة الملكية نظير الخيار في البيع ، وعليه فحال المعاطاة حال البيع الخياري بعينه ، وليس الجواز في أحدهما أمراً آخر غير الجواز في الآخر ، فما يجري في البيع الخياري من خياري المجلس والحيوان أو العيب بالنسبة إلى الارش يجري في المعاطاة أيضاً ، هذا كلّه بالنسبة إلى ما يظهر من كلام شيخنا الأنصاري (قدّس سرّه) .

وأمّا ما ذكره شيخنا الاُستاذ (قدّس سرّه) فإن أراد بالبيع الذي يكون مبنيّاً على اللزوم البيع الذي يكون كذلك بجعل المتعاملين فالمقام أيضاً من هذا القبيل لأنّ قصد المتعاطيين التمليك اللازم .

وإن أراد بذلك البيع الذي مبناه على اللزوم عند الشارع ، فهو أمر لا يمكن إسناده إلى أحد ، لأنّ لازمه عدم جريان خيار الحيوان في بيع يكون فيه خيار آخر كخيار الرؤية أو خيار المجلس أو الشرط ، لأنّه حينئذ غير مبنيّ على اللزوم شرعاً ولو مع قطع النظر عن خيار الحيوان ، إذن فالحقّ ثبوت هذه الخيارات في المعاطاة على القول بإفادتها الملك الجائز ، وذلك لوضوح أنّه لا مانع من اجتماع خيارات بينها عموم من وجه في بيع واحد ، فلا يلزم من جعل أحدهما مع وجود الآخر

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المكاسب 3 : 97 .

ــ[178]ــ

لغوية ولا محذور آخر ، ففي مثل المعاطاة إذا حكمنا بخيار الحيوان فيها مثلا يتمكّن المكلّف من إبطال المعاطاة من جهتين ، فتارةً يثبت له خيار الحيوان مع ارتفاع الجواز الناشئ من المعاطاة كما إذا تصرّف في العين تصرّفاً مغيّراً للعين وارتفع الجواز المعاطاتي بذلك ، إلاّ أنّ له فسخها بخيار الحيوان لعدم انقضاء ثلاثة أيّام مثلا . واُخرى يثبت له الجواز من جهة المعاطاة دون سائر الجهات ، وهذا كما إذا انقضت الأيّام الثلاثة ولم يتصرّف في العين تصرّفاً مغيّراً مثلا ، وثالثة يجتمع عنده الخياران وكيف كان فلا يلزم من تعدّدها محذور اللغوية ونحوها . فتحصّل أنّه لا مانع من جريان الخيارات المذكورة في المعاطاة بناءً على أنّها تفيد الملك المتزلزل .

وأمّا على القول بالاباحة فحال المعاطاة على ما عرفت حال بيع المكره وبيع الصرف ، فكما يثبت فيهما خيار المجلس والحيوان ويترتّب عليه الأثر بعد حصول الشرط فكذلك المقام ، وقد ظهر بما بيّناه أنّ مبدأ خيار الحيوان هو زمان حصول أحد الملزمات ، فلا وجه للترديد في مبدئه .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net