مقتضى الأصل العملي عند الشكّ في شرطية شيء أو مانعيته 

الكتاب : التنقيح في شرح المكاسب - الجزء الاول : البيع-1   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4607


وقبل الورود في بيان تحقيق الحال في موادّ الألفاظ وهيئاتها الافرادية أو التركيبية نتكلّم في جهات :

الجهة الاُولى : فيما يقتضيه الأصل العملي عند الشكّ في شرطية شيء أو

ــ[182]ــ

مانعيته مع فرض عدم وجود أصل لفظي رافع للشكّ .

فنقول : إنّ مقتضى الأصل كما ذكره شيخنا الأنصاري (قدّس سرّه)(1) هو الاشتراط وعدم ترتّب الأثر على الفاقد لما يحتمل شرطيته .

وربما يقال كما عن بعض محشّي الكتاب(2) إنّ الأصل هو البراءة ، فإنّ حديث الرفع يعمّ الأحكام الوضعية أيضاً ، وقد طبّقه الإمام (عليه السلام) على نفي الصحّة عن الحلف المكره عليه ، فإذا ارتفعت شرطيته بالبراءة لا يبقى مجال لاستصحاب عدم ترتّب الأثر ، لأنّ الشكّ فيه مسبّب عن الشكّ في الشرطية ، والأصل الجاري في السبب حاكم على الأصل الجاري في المسبّب وإن كان الأوّل براءة والثاني استصحاباً ، فلا يتوهّم أنّ الاستصحاب مقدّم على البراءة ، فإنّ ذلك فيما إذا كانا في رتبة واحدة .

والصحيح ما عرفت من أنّ مقتضى الأصل في المقام كما ذكره شيخنا الأنصاري (قدّس سرّه) هو الاعتبار لجريان استصحاب عدم ترتّب الأثر في الفاقد ولا مجال للبراءة بوجه ، وهذا لا من جهة اختصاص البراءة بالأحكام التكليفية لأنّها كما تجري فيها تجري في الأحكام الوضعية أيضاً ، بل من جهة أنّ هذه الأقسام من الأحكام الوضعية أي الشرطية والجزئية والمانعية غير قابلة للجعل نفياً وإثباتاً وذلك لما بيّناه في محلّه من أنّ الشرطية والجزئية والمانعية أعمّ من أن تلحظ في متعلّقات الأحكام ، بأن يكون شيء شرطاً للمأمور به أو جزءاً له أو مانعاً عنه ، أو أن تلحظ في موضوعاتها كما إذا كان شرطاً للحكم أو جزءاً منه أو مانعاً عنه ممّا لا تناله يد الجعل والتشريع إثباتاً ولا نفياً ، لأ نّها من الاُمور الانتزاعية ورفعها

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المكاسب 3 : 117 .

(2) حاشية المكاسب (الايرواني) 2 : 95 .

ــ[183]ــ

ووضعها إنّما هو بوضع منشأ انتزاعها ورفعه ، وقد ذكرنا غير مرّة أنّ الشرطية للمأمور به إنما تنتزع عن الأمر بشيء متقيّداً بشيء آخر كما إذا أمر بالصلاة عن طهارة أو مستقبلا فتنتزع منه شرطية الطهارة والقبلة للصلاة ، كما أنّ جزئية شيء للمأمور به تنتزع عن الأمر بالمركّب منه ومن غيره كما إذا أمر بالمركّب من القراءة والسورة والركوع وهكذا فننتزع منه أنّ السورة جزء لها ، كما أنّ معنى كون شيء شرطاً للحكم أو جزءاً له أخذ ذلك الشيء في موضوعه فينتزع من أخذ شيء في موضوع الحكم أنّه شرط له سواء كان تكليفياً كالاستطاعة المأخوذة في موضوع وجوب الحجّ أو وضعيّاً كالتعدّد المأخوذ في موضوع طهارة المغسول .

وعليه فلا مجال لجريان البراءة عن شرطية شيء للحكم ، لأنّها ممّا لا تناله يد الجعل إثباتاً أو نفياً ، ومرجع الشكّ فيها إلى الشكّ في أخذ ذلك في موضوع الملكية مثلا وعدمه ، ومع الشكّ في الملكية يرجع إلى استصحاب عدمها وهو المعبّر عنه بأصالة الفساد . فتحصّل أنّ الأصل العملي يقتضي اعتبار اللفظ وغيره ممّا نشكّ في اعتباره في المعاملات .

الجهة الثانية : إذا كان هناك عموم أو إطلاق يقتضي صحّة العقد أو لزومه وثبت الإجماع على اعتبار شرط في ذلك فالظاهر اختصاص اعتباره بصورة التمكّن من إيجاد ذلك الشرط ، وأمّا مع العجز عنه فالاطلاق محكّم للزوم الاقتصار على القدر المتيقّن في المخصّص أو المقيّد اللبّي ، وفي غيره يرجع إلى المطلق أو العام .

وعليه فيكتفى في صحّة عقد الأخرس ولزومه بغير اللفظ من الاشارة أو الكتابة أو المعاطاة بعد كونها بيعاً وعقداً عرفاً ، سواء كان متمكّناً من التوكيل أم لم يكن من دون حاجة إلى التمسّك بفحوى ما ورد في الطلاق أو غيره ، نعم تكون الفحوى مؤيّدة للعمومات والمطلقات ، ويلحق بالأخرس غيره ممّن لا يقدر على الانشاء اللفظي لمرض أو اضطرار أو جهل كلّ من المتبايعين بلغة الآخر أو غير

ــ[184]ــ

ذلك  ، فالعقود غير اللفظية من هؤلاء تكون لازمة من أوّل الأمر .

الجهة الثالثة : وقع الكلام في أنّ الاشارة تتقدّم على الكتابة في الأخرس ونظائره أو أنّ الأمر بالعكس ، فربما يقال بتقدّم الاشارة على الكتابة من جهة أنّها أصرح من الكتابة ، لاحتمال أن تكون الكتابة لأجل التمرين ونحوه دون الاشارة .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net