حكم الاكراه على الطلاق 

الكتاب : التنقيح في شرح المكاسب - الجزء الاول : البيع-1   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 7332


ــ[346]ــ

      قوله (رحمه الله) : قال في التحرير لو اُكره على الطلاق ... الخ(1).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وثالثةً يكون المكره عليه بشرط شيء ويأتي المكره بالأقل بشرط لا . وفي هذا الفرض ربما يتوهم أنّ ما وقع مغاير للمكره عليه فيكون صحيحاً .

ونقول : نفرض الكلام فيما إذا كان الواقع في الخارج مبايناً حقيقة مع المكره عليه ويتّضح به حكم المقام ، مثلا إذا فرضنا أنّ الجائر أكرهه على بيع كتابه فباع رداءه بدلا عنه من باب أهميته لديه أكثر من الرداء ، كان بيع الرداء فاسداً مع كونه مبايناً للمكره عليه ، وذلك لأن الدليل لرفع الاكراه كان أمرين :

أحدهما : حديث الرفع ، وهو غير شامل للمقام ، لأنّ بيع الرداء لم يكن مكرهاً عليه .

ثانيهما : قوله تعالى : (إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاض)(1) وهو شامل للمقام فانّ بيع الرداء على الفرض لم يكن بطيب النفس ، فيكون أكل المال بسببه من الأكل بالباطل ، ففي المقام أيضاً بيع نصف الدار أو العبد لم يكن صادراً عن طيب نفس المالك ، فيكون أكل المال به من أكل المال بالباطل .

(1) لابدّ في تفصيل الاكراه على الطلاق ونحوه من بيان أقسام الاكراه ، فانّه يتصوّر على صور :

إحداها : أن يكرهه الجائر على الطلاق ونحوه ، إلاّ أنّه متمكّن من دفع ضرر المكره ، أو يوطّن نفسه على تحمّل الضرر ومع ذلك يوقع الطلاق ، ولا إشكال في الصحة في هذه الصورة ، والظاهر خروجه عن مورد كلام العلاّمة (رحمه الله)(2).

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) النساء 4 : 29 .

(2) التحرير 4 : 51 .

ــ[347]ــ

ثانيها : أن يكرهه على الطلاق فيوقعه خوفاً من ضرر الجائر ، ولا إشكال في الفساد في هذه الصورة أيضاً ، من غير فرق بين كون المكره ـ بالفتح ـ معتقداً صحة العقد الواقع عن إكراه لجهله بالمسألة ، أو اعتقد بأنّ دفع الضرر لا يكون إلاّ بقصد حقيقة العقد أو الطلاق فقصده وبين غيره ، فانّ ذلك لا ينافي صدق الاكراه .

ويؤيّده : تمسّك الامام (عليه السلام) بحديث رفع ما استكره عليه لفساد الحلف إكراهاً على الطلاق والعتاق من غير استفصال بين من يرى صحة الحلف الصادر عن إكراه وبين من يرى فساده ، مع أنّ أغلب العامّة(1) يرون صحّة ذلك ووقوعه فاحتمال الصحّة كما زعمه المصنّف (رحمه الله) في الفرض لا يناسب مقامه (قدّس سرّه) .

ثمّ إنّه لا فرق في تحقق الاكراه بين أن يكون الضرر الموجود متوجهاً إلى نفس المكره أو ماله أو عرضه ، أو يكون متوجهاً إلى بعض متعلّقيه كولده مثلا ، فإذا قال الولد لوالده : طلّق زوجتك وإلاّ قتلت نفسي فطلّقها بطل ، لأنّ موت الولد ضرر على الوالد ، ولذا لو أوعده الأجنبي بقتل ولده على ترك عمل ، صدق عليه عنوان الاكراه ، وهذا ظاهر .

وثالثتها : أن يكرهه الجائر على الطلاق ويكون له الداعي النفساني على الطلاق أيضاً ، إلاّ أنّه ليس كل من الأمرين تامّ الداعوية ، فإذا انضمّ أحدهما إلى الآخر تمّت داعويته ، فكان كل من الاكراه والداعي النفساني جزء المقتضي . وفي هذا الفرض يكون الطلاق مستنداً إليهما معاً فيكون فاسداً ، لأنّه وإن لم يكن مصداقاً للمكره عليه ، ولا يمكن التمسك فيه بحديث رفع الاكراه ، إلاّ أنّه لا يكون صادراً عن طيب النفس أيضاً ، لصدوره عن كلا الأمرين معاً ، وقد ذكرنا أنّ مقتضى قوله

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) تقدّم تخريجه في الصفحة 318 فما بعدها .

ــ[348]ــ

تعالى  : (إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاض)(1) اعتبار صدوره عن طيب النفس وهو مفقود .

ورابعتها : أن يكون كل من الاكراه والداعي النفساني ـ كسوء خُلُق الزوجة في نفسه في المثال المذكور ـ تام الداعوية لطلاق الزوج ، بحيث لو فقد أحدهما أثّر الآخر ، إلاّ أنّ الأثر الفعلي لا محالة يستند إليهما معاً ، ففي هذه الصورة لابدّ من الحكم بالصحة ، لاستناد الأثر إلى طيب النفس التام في مقام الداعوية ، وانضمام الاكراه إليه لا يوجب عدم تأثيره ، لأنّ الاكراه ليس مقتضياً للفساد ولا مانعاً من الصحّة ، وإنما نقول بفساد المعاملة الصادرة عن الاكراه لعدم المقتضي ـ وهو طيب النفس ـ لا لوجود مقتضى الفساد ، فانضمامه إلى الداعي النفساني المقتضي للصحة لا يمنع عن تأثيره ، وكثيراً ما ينضم الداعي النفساني إلى الداعي القربي في العبادات  ، ويكون كل منهما تام الداعوية في نفسه ، ولا يخلّ بعباديتها .

وعليه فلا وجه لقياس هذه الصورة بالصورة السابقة والقول بالبطلان فيها كما عن الميرزا (رحمه الله)(2) بدعوى استناد الأثر في كلتا الصورتين إلى مجموع الاكراه والداعي النفساني ، فانّ الداعي النفساني في الصورة السابقة لم يكن تام الداعوية ، بخلافها في هذه الصورة ، فانّ طيب النفس فيها تام الداعوية ، غايته أنّه انضم إليه ما ليس مقتضياً للصحة .

ثمّ مع التنزّل وفرض كون الاكراه مانعاً عن الصحة نقول : شمول دليل رفع الاكراه لمثل المقام الذي يكون المالك طيّب النفس خلاف الامتنان .

ثمّ إنّ المكره إذا تمكّن من التورية ولم يفعل ، فالظاهر عدم صدق الاكراه لما

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) النساء 4 : 29 .

(2) منية الطالب 1 : 406 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net