ــ[355]ــ
قوله (رحمه الله) : الرضا المتأخّر ناقل أو كاشف(1).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحال الذي يكون فيه الرفع موافقاً للامتنان ـ وهو ما قبل لحوق الرضا ـ وأمّا في غيره فيتمسك باطلاق الآية ويترتّب عليه الأثر لعدم جريان حديث الرفع فيه .
والفرق بين هذا الوجه وما أفاده المصنف واضح ، فانّه (قدّس سرّه) ذكر أوّلا أنّ المرفوع في حديث الرفع هو المؤاخذة ، ثمّ ذكر بعد ذلك أنّ رفع صحّة بيع المكره بعد لحوق رضاه مخالف للامتنان ، وقد أوردنا عليه بعدم الدليل على صحة بيع المكره إذا لحقه الرضا ، وأمّا على ما ذكرناه فإطلاق الآية بنفسه دليل على ترتّب الأثر على بيع المكره إذا لحقه الرضا كما عرفت .
(1) لا ريب في أنّ مقتضى الأصل العملي هو النقل ، إلاّ أنّه ربما يدّعى وجود الدليل على الكشف ، وهو ما ورد في إرث الصغير أو الصغيرة التي تزوّجه كبير أو كبيرة أو صغير مثله ثمّ مات فإذا بلغ أجاز النكاح ، من أنّه يستحلف على إجازته وانّه لو كان حيّاً أيضاً لأجاز النكاح فيرث منه(1) مع أنّ إرثه منه مبني على الكشف ليتحقق موضوع موت الزوج أو الزوجة عن وارث ، والإستحلاف إنّما هو من جهة كونه مورداً للتهمة وأنّ الاجازة من جهة الارث ، هذا .
إلاّ أنّ الرواية واردة في الفضولي ، والتعدّي إلى المكره مبني على إلغاء الخصوصية ، وأنّ الميزان إنّما هو تعلّق الاجازة أو الرضا بالعقد السابق ، وهو موجود في عقد المكره أيضاً كما يتعدّى إلى غير النكاح بالأولوية ، وإلاّ فالكشف حكم مختص بمورده وهو النكاح الفضولي ، ولا يتعدّى عن مورد النصّ .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع الوسائل 26 : 219 / أبواب ميراث الأزواج ب11 .
ــ[356]ــ
ولكن قد يدعى أنّ الكشف يكون على القاعدة ، إذ فرق بين اشتراط صحة العقد بالرضا المتأخّر وبين اشتراطها بغيره كالقبض في الصرف والهبة ، لأنّ الرضا والاجازة إنّما يتعلّق بالعقد السابق ، فإذا قام دليل على اعتباره لابدّ من ترتيب الأثر من حين العقد ، نظير ما إذا باع أحد داره فعلا قبل عشرة أيّام ، وقام دليل على اعتباره ولو كان العمومات لو لم يكن منصرفاً عن مثل ذلك لكونه خلاف المتعارف ، فانّ لازمه الكشف وترتيب آثار الملكية السابقة ، والاجازة أيضاً كذلك .
ثمّ أورد عليه المصنّف بما حاصله : أنّ الاجازة لم تتعلّق بالملكية من حين العقد ، وإنّما تعلّقت بطبيعي الملكية ، ومقتضى ظاهر الأدلّة التي تعتبر اشتراط نفس الاجازة في صحة العقد وترتّب الأثر عليه لا وصف التعقّب ، عدم ترتّب الأثر إلاّ بعد حصول الشرط ، وهو لا ينافي تعلّق الاجازة بالعقد السابق .
ثمّ أجاب بما حاصله : أنّه إنّما يتم لو قلنا بالكشف الحقيقي ، وأمّا الكشف الحكمي أعني حكم الشارع بعد حصول الاجازة والرضا بالملكية السابقة من زمان البيع ، فلا ينافي شرطية نفس الاجازة والرضا .
ثمّ أشكل عليه بأنّ الملكية عين حكم الشارع ، فلا يمكن تخلّفهما(1).
وفيه : ما نبيّنه في بحث الفضولي من أنّ الجعل غير المجعول ، فالجعل ـ وهو الحكم ـ عبارة عن نفس الاعتبار ، والملكية تكون متعلّقة للحكم وهو المجعول ، فكما يمكن أن يكون الاعتبار فعليّاً ومتعلّقه أمراً لاحقاً ـ كما في الوصية ـ يمكن أن يكون الاعتبار فعليّاً ومتعلّقه أمراً سابقاً ، وهذا نظير أن ينشىء أحد فعلا ملكية داره لزيد من قبل سنة ـ بأن يكون الانشاء فعليّاً والمنشأ أمراً متقدّماً ـ فإذا فرضنا قيام الدليل
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) المكاسب 3 : 336 .
|