من باع نصف الدار مع كونه مالكاً لنصفها 

الكتاب : التنقيح في شرح المكاسب - الجزء الثاني : البيع-2   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 5879


مسألة من باع نصف الدار مع كونه مالكاً لنصفها

فتارةً يظهر بالقرائن الداخلية أو الخارجية أنّ المراد بالنصف هو نصفه المختصّ به أو نصف الغير أو النصف من نصفه والنصف من نصف الآخر وهكذا وهذا ممّا لا كلام لنا فيه .

واُخرى يريد البائع مفهوم نصف الدار عرفاً من دون قصد شيء من خصوص نصفه أو نصف الآخر ، فهل يؤخذ بظاهر هذا الكلام ويكون حجّة على تعيين المبيع واقعاً من النصف المملوك أو المملوك للغير وهكذا ، ولا ينبغي الإشكال في أنّ الظهور في مقام الاثبات حجّة على تعيين المراد في مقام الثبوت ، وحينئذ فيقع الكلام في أنّ نصف الدار ظاهر في أيّ نصف من النصفين .

وثالثة نعلم أنه أراد واحداً من النصفين بخصوصه أو النصف من كل نصف إلاّ أنه لا قرينة على تعيين أحد هذه الاحتمالات فلا يُعرف مراده الواقعي ، وفي هذه الصورة أيضاً يؤخذ بظاهر النصف ، لأنّ الظهور في مقام الاثبات حجّة على تعيين المراد الواقعي ، وهذا القسم أيضاً داخل في محل الكلام فلا وجه لحصره بالصورة الثانية كما في كلام شيخنا الأنصاري (قدّس سرّه)(1).

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المكاسب 3 : 521 .

ــ[123]ــ

ثم إنه في القسم الثاني الذي أراد البائع فيه مفهوم النصف عرفاً ، تارةً يكون المراد ما يستفاد من لفظة النصف بتجرّدها عرفاً ، وحينئذ إذا بنينا على أنّ النصف بتجرّده ظاهر في النصف المشاع فلا محالة نقطع بالمراد ولا يبقى مجال للبحث عن أنه إذا باع النصف من الدار فعلى أي شيء يحمل لفظ النصف ، إذ المفروض أنّ المستفاد منه بتجرّده هو النصف المشاع فلا محالة نقطع بالمراد من النصف كما ذكره السيد (قدّس سرّه) في الحاشية(1).

إلاّ أنّ الظاهر أنّ هذه الصورة ليست بمراد للشيخ (قدّس سرّه) فلا يرد عليه ما أورده السيد (قدّس سرّه) من أنه لا يبقى للبحث عمّا اُريد من النصف مجال حينئذ وإنّما أراد شيخنا الأنصاري (قدّس سرّه) الصورة الثانية التي نتعرّض لها بعد ذلك .

واُخرى يكون المراد من النصف ما هو المستفاد منه عرفاً بملاحظة تمام الكلام لا ما يستفاد منه عرفاً بتجرّده ، وحينئذ يقع الكلام فيما اُريد بالنصف حيث إنه بتجرّده ظاهر في المشاع وبملاحظة تمام الكلام ظاهر في النصف المختصّ به لأنه ظاهر بيعه نصف الدار ، وهذه الصورة لعلّها هي مراد شيخنا الأنصاري (قدّس سرّه) دون السابقة ، فلا يرد عليه ما أورده السيد (قدّس سرّه) من أنّ المراد معلوم حينئذ ولا مجال للبحث عمّا اُريد بالنصف .

وكيف كان ، فهذه أربع صور ، فالاُولى منها غير داخلة في محل النزاع وكذلك الاُولى من الثانية .

وأمّا الصورة الثانية منها فهي محل النزاع في المقام ، ولكن النزاع لا يختص بها بل يأتي في الصورة الثالثة أيضاً كما أشرنا إليه آنفاً ، هذا .

ثم إنه ربما يقال إنّ المعاملة في الصورة الثانية باطلة ، لأنه لا يدري ماذا يبيع

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) حاشية المكاسب (اليزدي) : 191 .

ــ[124]ــ

في مقام الانشاء ، وإنّما أحاله على ما يستفاد من النصف عرفاً ، وقصد المبيع لازم في المعاملات لا محالة .

إلاّ أنه يندفع بأنّ ذلك غير ضائر بالمعاملة بعد ما كان المبيع متعيّناً في الواقع حيث إنّا نعلم أنّ النصف ظاهر عند العرف في المشاع أو في غيره من المعاني فلا تردّد في المبيع ، غاية الأمر أنه لا يدري أنّ المالك للمبيع من هو وأنه هو بنفسه كما إذا كان النصف ظاهراً في النصف المختص به ، أو أنه هو وشريكه كما إذا اُريد منه المشاع ، أو أنه هو الشريك فقط كما إذا حمل على النصف المختص بالغير ، وقد تقدّم سابقاً أنّ المعتبر في المعاملة إنّما هو قصد التبديل بين المالين فقط ، وأمّا العلم بالمالك وخصوصياته فلا ولعلّه أوضح من أن يخفى ، هذا .

ثمّ إنّه تكلّم شيخنا الأنصاري (قدّس سرّه) فيما هو ظاهر النصف عرفاً وذكر أنّ فيه احتمالين : أحدهما حمله على المشاع لظهور النصف في الحصّة المشاعة بين النصفين  . وثانيهما : حمله على النصف المختصّ به إمّا من أجل أنه منصرف في مقام التصرف إلى التصرف في نصفه المختص به ، وإمّا من جهة أنّ إنشاء البيع ظاهر في البيع لنفسه لأنّ بيع مال الغير لابدّ فيه من نيّة الغير ، أو اعتقاد كون المال لنفسه حقيقة أو ادّعاءً وهما خلاف المفروض .

ثمّ بعد ذلك تعرّض لما حكي عن الفخر (قدّس سرّه) من أنه قاس المقام على ما إذا كان للبائع عبد اسمه غانم وكان لغيره أيضاً عبد بهذا الاسم والعنوان وقال في مقام البيع بعت غانماً ، فإنه مع اشتراكه بين غانم نفسه وغانم غيره يحمل على غانم نفسه بالاجماع ، وهذه مسألة معنونة عندهم وادّعى الفخر (قدّس سرّه) أنّ المقام من هذا القبيل .

وأجاب عن ذلك شيخنا الأنصاري (قدّس سرّه) بإبداء الفرق بينه وبين المقام وأفاد أنّ غانم مشترك في حدّ نفسه ومجمل بين غانم نفسه وغانم غيره ، وكونه في

ــ[125]ــ

مقام التصرف قرينة على تعيين المراد من لفظة غانم فلذا يحمل على غانم نفسه وهذا بخلاف المقام حيث إنّ النصف ليس مجملا ومشتركاً عند العرف بين المشاع والحصّة المختصّة به وإنّما هو ظاهر في المشاع ، وكونه في مقام التصرف ظاهر في إرادة الحصّة المختصّة به فيتعارضان ولا يكون أحدهما قرينة على إرادة أحد المعنيين من المجمل كما في الغانم ، هذا ملخّص كلامه (قدّس سرّه) .

ولا يخفى عليك أنّ في كلامه موارد للمناقشة والإشكال .

أمّا أوّلا : فلأنّ ما أفاده من أنّ الانشاء ينصرف إلى بيع ماله دون بيع مال الغير ممّا لم أتحصّل وجهه ، حيث إنّ الانشاء أعمّ من البيع لنفسه أو للغير في موارد الأعيان الخارجية ، إذ لا يلزم فيها تعيين المالك أبداً ، نعم في بيع الكلّي ينصرف الاطلاق إلى ذمّة نفسه إذ لا مالية في الكلّي إلاّ بالاضافة إلى ذمّة أحد وحيث أطلقه فينصرف إلى ذمّة نفسه كما إذا قال بعتك عشرة أمنان من الحنطة مثلا حتّى أنه لو ادّعى بعد ذلك أنه أراد ذمّة الغير فلا يسمع منه أبداً .

وأمّا ثانياً : فلأنّ ما أفاده من أنّ كونه في مقام التصرف موجب لانصراف الظهور إلى بيع نصف نفسه ممّا لا يمكن المساعدة عليه ، لما عرفت من أنّ النصف ظاهر في الاشاعة وهو يمنع عن حمله على خلاف الظاهر لأجل كونه في مقام التصرف ، نعم إذا كان متعلّق البيع مجملا كما في مثال غانم كان التصرّف قرينة على تعيين المراد وأمّا مع فرض ظهوره فلا يقاومه ظهور التصرف ، فالظاهر أنّ النصف محمول على الاشاعة كما ذكره بعضهم ، وهذا كما إذا باع داره بقوله بعتك نصف الدار فلا محالة يكون ظاهراً في الاشاعة ويكون المشتري شريكاً معه في النصف المشاع لا النصف المعيّن ، نعم للمناقشة في ظهور النصف في المشاع بين الحصّتين مجال واسع لأنه ليس ظاهراً فيه عرفاً وإنّما هو ظاهر في المشاع في مقابل النصف المعيّن ، وعليه يكون المقام مثل بيع غانم المجمل ويكون ظهور التصرّف في كونه في مال نفسه قرينة

ــ[126]ــ

على تعيين المراد وكون المبيع نصفه المختص . ومن هنا يظهر الفرق بين المقام وإقرار أحد الشريكين بأنّ نصف الدار للغير فإنّ الإقرار إخبار وليس تصرّفاً ليكون ظاهراً في كونه في مال نفسه بل هو مجمل من هذه الناحية وإنّما يقرّ بأنّ نصف الدار واقعاً لزيد ، وأمّا انّ نصفها الآخر له أو لغيره فهو ساكت عن ذلك .

ولأجل ما ذكرناه من ظهور النصف في النصف المختصّ بنفسه ذكروا أنّه لو أصدق المرأة عيناً فوهبت نصفها المشاع قبل الطلاق لشخص ثمّ طلّقها قبل الدخول يستحقّ الزوج بالطلاق النصف الباقي ، لأنّ ظاهر قوله تعالى : (فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ)(1) مطلق النصف الشامل للباقي أيضاً على وجه الاشاعة ، اللهم إلاّ أنّ يحمل على الاشاعة بين النصفين فيأخذ نصف النصف الباقي وقيمة نصف الموهوب إلاّ أنه خلاف الظاهر بل يحمل النصف على النصف المختصّ بها .

ملخّص ما ذكرناه في المقام : أنه إذا باع من له نصف الدار نصفها ، فقد ذكر شيخنا الأنصاري فيه احتمالين ، وجعل المعارضة بين ظهور لفظ النصف في المشاع وبين ظهور الانشاء والبيع في بيع حصّة نفسه ، إلاّ أنّا ذكرنا أنّ الظهورين لا معارضة بينهما من جهة أنّ النصف وإن كان ظاهراً في المشاع إلاّ أنه غير ظاهر في المشاع بين النصفين بل في المشاع في مقابل النصف المعيّن ، وكونه في مقام التصرّف والبيع قرينة على إرادة الحصة المختصّة به ، ويرفع إجمال النصف وتردّده بين نصفه ونصف الغير وعليه فيكون المقام من قبيل بيع غانم المشترك بين غانم نفسه وغانم الغير حيث إنّ كونه في مقام التصرّف يعيّن غانم نفسه ويكون رافعاً لاجماله وتردّده .

وعلى تقدير المعارضة بين الظهورين لا وجه لتقديم الأول على الثاني بل الأمر بالعكس لأنه أقوى من الظهور الأول . ثم إنه من هذا القبيل ما لو أصدق عيناً

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) البقرة 2 : 237 .

ــ[127]ــ

للمرأة فوهبت المرأة نصفها المشاع لشخص ثمّ طلّقها زوجها قبل الدخول فإنّ الزوج يملك النصف الباقي بالطلاق لقوله تعالى (فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ) والباقي نصف ما فرضه للمرأة ، لما عرفت من أنّ النصف ظاهر في المشاع والباقي نصف مشاع كما ذكرناه في المقام .

وأمّا مسألة إقرار أحد الشريكين بأنّ نصف هذا المال للغير ، فهي غير ظاهرة في نصفه المختصّ به لأنه إنّما يقرّ بأنّ نصف هذه الدار لزيد ، وأمّا أنه نصف نفسه أو نصف الغير فلا معيّن له ، نعم لو التفت إلى أنّ الاقرار في ملك الغير لا معنى له وأتى في مقام الشهادة بلفظ الاقرار يمكن أن يقال إنه يعيّن اختصاصه بملك نفسه ، إلاّ أنّ الكلام فيما إذا قال نصف هذه الدار للغير من دون التلفّظ بلفظ الإقرار .

وأمّا مسألة المصالحة في من كان بيده المال وأقرّ لأحد المدّعيين بنصف المال وذلك المدّعي يقرّ بأنّ سبب تملّكه المال مشترك بينه وبين المدّعي الآخر لأنه أخوه والمال وصل إليهما من مورّثهما فوقع الصلح بين المقرّ له والمقرّ على النصف الذي أقرّ به  ، ففيها أيضاً يمكن أن يقال إنّ النصف المصالح عليه مشاع بين المدّعيين ، وذلك لأنّ إقرار ذي اليد بالنصف لأحدهما مع اعتراف المقرّ له باشتراكه مع الآخر يقتضي أن يكون ربع المال لكل منهما . فالمصالحة الواقعة نافذة في الربع وفضولية في الربع الآخر ومتوقّفة على إجازة المدّعي الآخر ، فهذه المسألة لا ربط لها بما نحن فيه ولا تنافي ما ذكروه في المقام .

وأمّا مسألة الإقرار بثلث المال للغير في العين التي ثبت يد كل واحد من الشريكين على نصفها وأنكره الشريك ، فقد ذكروا أنّ المقرّ يدفع إلى المقرّ له نصف ما بيده من أجل أنّ السدس الموجود بيد الشريك المنكر للاستحقاق كالتالف من المال المشترك ونسبته إلى المقرّ والمقرّ له على حدّ سواء ، فلا محالة يقسّم المال الموجود بيد المقرّ بينهما .

ــ[128]ــ

وقد يقال إنّ هذه الفتوى تنافي ما ذكرناه سابقاً من أنّ النصف والثلث وغيرهما ظاهرة في المشاع ومقتضاه حمل الثلث على ثلث المال ولازمه استحقاق المقرّ له من النصف الموجود بيد المقرّ ثلثه وهو سدس مجموع المال .

وفيه : أنّ ذلك إنّما يتم فيما إذا كان النصفان مفروزين فيكون ثلث ما بيد المقرّ للمقرّ له ، وأمّا ما في يد مالك النصف الآخر فهو لا يرتبط بالمقرّ . وأمّا إذا كان المال مشاعاً فما يأخذه المنكر نظير ما يأخذه الغاصب عدواناً يحتسب على كل من المقرّ والمقرّ له ولا يختص به المقرّ له بل نسبته إليهما على حدّ سواء . فالسدس الذي بيد المنكر نصفه من مال المقرّ ونصفه الآخر من مال المقرّ له ومقتضى ذلك أن يكون الباقي بينهما مناصفة .

وأمّا إقرار أحد الورثة بوارث آخر مع انكار الآخرين فالحكم فيها كالمسألة السابقة فيكون نصف ما بيد المقرّ للمقرّ له ، إلاّ أنّهم ذكروا أنّ الوارث المقرّ يدفع للمقرّ له المقدار الزائد على ما يستحقّه باعتقاده ولم يفتوا بالتنصيف ، ومستندهم في ذلك بعض الأخبار الضعيفة(1) المنجبرة بعمل الأصحاب . هذا ولكن الذي يسهل الخطب أنّ الأخبار الواردة في المسألة ضعيفة السند وقد ذكرنا في محلّه أنّ عمل المشهور لا يمكن أن يكون جابراً لضعف الرواية بوجه ، هذا مع أنّ دلالتها ضعيفة أيضاً لأنّها إنّما دلّت على أنّ المقرّ له شريك في المال وأنّ المقرّ يلزم بذلك في حصّته وأمّا المقدار الذي يلزم به فلا دلالة فيها عليه ، فالصحيح أنّ حكم المسألتين واحد .

والمتحصّل من جميع ما ذكرناه : أنّ الاقرار كالعلم الوجداني بأنّ الثلث للمقرّ  له ، ولازم ذلك تقسيم النصف بين المقرّ والمقرّ له بالسوية ، لا إعطاء ثلث النصف له الذي هو سدس أصل المال وإن ذهب إليه الأصحاب في مسألة الاقرار

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 19 : 323 / كتاب الوصايا باب26 ح3 ، 5 .

ــ[129]ــ

بالنسب إلاّ أنّهم استندوا في ذلك إلى الأخبار الواردة في المقام وقد أشرنا آنفاً إلى أنّها ضعيفة السند والدلالة وأنه لا يمكن الاعتماد عليها بوجه ، وأنّ الصحيح أن يعطى نصف المال الموجود للمقرّ له ، هذا .

وقد ذكر السيّد (قدّس سرّه) في حاشيته كلاماً عن صاحب الجواهر (قدّس سرّه) لم نفهم محصّله وحقيقته ولذا ننقل عين ألفاظه وعبارته قال : والفرق بينهما ـ يعني بين المقام والاقرار بالنسب في الارث ـ أنّ في المقام التلف للمال المشترك على حسب إقرار المقرّ مستند إلى يد المنكر حيث إنه أثبت اليد على النصف الذي ثلثه مشترك بين المقرّ والمقرّ له فيكون محسوباً عليهما ، وفي مسألة الاقرار بالنسب ليس مستنداً إلى اليد بل هو من جهة مجرّد إنكار المنكر لخصوص حصّة المقرّ له وإلاّ فلا أثر لليد
لأنّ المفروض كون المال تركة للميّت ولا يد لأحد عليها غيره(1) انتهى كلامه (قدّس سرّه) .

ولا يخفى أنّ التلف في كلا المقامين مستند إلى سبب شرعي ، أمّا في المقام فلأنه مستند إلى اليد على ما اعترف به هو (قدّس سرّه) . وأمّا في مسألة الأرث فلأجل أنه مستند إلى أصالة عدم أخ آخر له في البين وإنكار المنكر ، والاقرار موجود في كلا المقامين ، وأمّا ما ذكره صاحب الجواهر (قدّس سرّه)(2) من أنّهم بأجمعهم يعترفون بأنّ ثلث المال للمقرّ فهو أيضاً موجود في المقام لأنّهم بأجمعهم يعترفون بأنّ المقرّ مالك لثلث المال فلا فرق بين المقامين أبداً ، هذا .

وقد ذكر شيخنا الاُستاذ (قدّس سرّه)(3) كلاماً أشار إليه شيخنا الأنصاري

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) حاشية المكاسب (اليزدي) : 196 .

(2) جواهر الكلام 22 : 318 .

(3) منية الطالب 2 : 212 ـ 213 .

ــ[130]ــ

(قدّس سرّه) بنفسه وهو أنّ المقرّ إنّما أقرّ بأنّ ثلث أصل المال للمقرّ له ، وذلك صريح في أنّ ثلث النصف الموجود في يده للمقرّ له كما أنّ ثلث النصف الموجود بيد الشريك للمقرّ له ، فهو لم يعترف إلاّ بأنّ ثلث ما في يده للغير ، وعليه فلا وجه لدفع نصف ما بيد المقرّ إليه ، هذا .

ولا يخفى أنّ ذلك وإن كان مسلّماً عند شيخنا الأنصاري أيضاً ولا كلام لنا في ذلك أيضاً إلاّ أنّ محطّ نظره وبحثه هو أنّ ثلث النصف الموجود بيد المقرّ وإن استحقّه المقرّ له باقرار المقرّ إلاّ أنّ ثلث النصف الموجود بيد المنكر بأي وجه يختصّ به المقرّ له حتّى يحكم بأنّ نصف حصّته غصب بإذن من الشارع أو بغير إذنه ، وإن كان لشيخنا الاُستاذ (قدّس سرّه) كلام فليتكلّم في ذلك لا في أنّ المقرّ إنّما اعترف بأنّ ثلث المال الموجود بيده للمقرّ له فإنّ ذلك وإن كان مسلّماً إلاّ أنه لا يكون سبباً لاختصاص السدس الذاهب بالمقرّ له بل يحتسب عليهما معاً ، وكيف كان فالصحيح ما ذكرناه من أنّ المال يقسّم بينهما نصفين . هذا تمام الكلام في من باع نصف الدار فيما إذا كان مالكاً لنصفها المشاع .

وأمّا إذا كان مالكاً لنصفها المفروز والمعيّن كما إذا كان مالكاً للنصف الشرقي وكان النصف الغربي لشريكه وباع نصفها ، فالظاهر أنه يحمل على نصفه المختصّ به كما في بيع الغانم المشترك لا على نصف الغير ما لم ينصب على إرادة بيع مال الغير قرينة ، هذا كلّه فيما إذا كان البائع أجنبياً عن شريكه وكان بيع ماله فضولياً بالاضافة إليه .

وأمّا إذا كان وكيلا لشريكه أو ولياً عليه كما إذا كان جدّه فقد ذكر شيخنا الأنصاري (قدّس سرّه)(1) أنّ المعارض لظهور النصف في المشاع إن كان هو ظهور

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المكاسب 3 : 522 .

ــ[131]ــ

التصرف في التصرف فيما له الحقّ فلا معارضة في المقام ، لأنّ المفروض أنه جائز التصرف في كل واحد من النصفين فلابدّ من حمل النصف على الاشاعة . وأمّا إذا قلنا بأنّ المعارض لظهور النصف في المشاع إنّما هو ظهور الانشاء في البيع لنفسه فالمعارضة موجودة في المقام ولابدّ من تقديم ظهور النصف في الاشاعة على الظهور الثاني ، هذا .

وما أفاده من أنّ النصف ظاهر في الاشاعة وإن كان كما أفاده ، إلاّ أنه ليس ظاهراً في المشاع بين النصفين بل في الاشاعة في مقابل النصف المعيّن ، وعليه فالظهور الثاني لا يعارض ظهور النصف ويحمل النصف على النصف المشاع المختصّ  به .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net