فكّ الرهن بعد البيع بمنزلة الاجازة ؟ - هل يجوز للراهن فسخ العقد قبل الفكّ ونحوه ؟ 

الكتاب : التنقيح في شرح المكاسب - الجزء الثاني : البيع-2   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3926


وقد أجاب عنه الشيخ(1) وتبعه الميرزا(2) (قدّس سرّهما) بأنّ عدم صحّة البيع عند وقوع عقد الراهن ليس لأجل قصور المقتضي في العقد كما هو الحال في من باع شيئاً ثمّ ملك ، بل كان لأجل المانع والمفروض ارتفاع المانع بالاسقاط أو السقوط فالمقتضي بعد ارتفاع المانع يؤثّر أثره .

وفيه : أنّه قد ذكرنا مراراً أنّ مقالة المقتضي والمانع لا تجري في الأحكام الشرعية والاُمور الاعتبارية بل القيود والشرائط فيها ترجع إلى قيود الموضوع فعدم كون المبيع متعلّقاً لحقّ الغير قيد في الموضوع كسائر الشرائط المأخوذة في موضوع البيع ، هذا بناءً على مسلك المشهور من أنّ الراهن والمرتهن ممنوعان من التصرف .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المكاسب 4 : 164 .

(2) منية الطالب 2 : 335 .

ــ[316]ــ

وأمّا بناءً على ما سلكناه من صحّة بيع الراهن بلا حاجة إلى إجازة المرتهن فالأمر واضح . وكيف كان فعلى مسلك المشهور هذا الشرط مثل الشرائط الاُخر مأخوذ في الموضوع فلابدّ من أن يكون ما يقع عليه العقد طلقاً إمّا من حين وقوعه أو بالاجازة المتأخّرة الكاشفة عن وقوعه طلقاً .

ولا يقاس سقوط حقّ الرهانة بعد البيع بالاجازة لأنّ الحكم بصحّة البيع مع الاجازة كان من جهة أنّ غاية ما يستفاد من قوله (صلّى الله عليه وآله) « الراهن والمرتهن ممنوعان من التصرف »(1) عدم نفوذ تصرفاتهما بالاستقلال ، وبعد الاجازة لا يصدق الاستقلال فلا يعمّه دليل المنع بل تعمّه عمومات صحّة البيع وهذا الوجه غير جار في المقام ، كما أنّه لا يجري في المقام أيضاً التعليل المذكور في ذيل رواية العبد « فإنّه لم يعص الله وإنّما عصى سيّده فإذا أجاز جاز »(2) حيث ذكر (سلام الله عليه) نفوذ العقد بالاجازة المتأخّرة ، والمفروض في المقام عدم الاجازة فعليه لا مانع من شمول إطلاق قوله (صلّى الله عليه وآله) « الراهن ... » لما نحن فيه بداهة أنّ إسقاط حقّ الرهانة أو سقوطها لا يكون موجباً لخروج العقد الواقع من الراهن في ظرفه عن كونه عقد الراهن فقط من دون رضا المرتهن .

ومن هنا يظهر أنّه لا مجال لما ذكره الشيخ (قدّس سرّه)(3) من أنّ المقام من باب وجوب العمل بالعامّ لا من باب استصحاب حكم الخاص الخ ، وذلك لأنّ قوله (صلّى الله عليه وآله) « الراهن والمرتهن » الخ باطلاقه يشمل موارد فكّ الرهن والاسقاط ، وقد تقدّم أنّ هذا الكلام مخصّص لأدلّة عموم (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) وليس

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المستدرك 13 : 426 / كتاب الرهن ب17 ح6 .

(2) الوسائل 21 : 114 / أبواب نكاح العبيد والاماء ب24 ح1 ، 2 .

(3) المكاسب 4 : 164 .

ــ[317]ــ

المقام إلاّ مثل البيع الغرري إذا زال الغرر بعد البيع وهل توهم فاضل صحّة العقد الواقع غررياً بعد زوال الغرر كلاّ ثمّ كلاّ ، وإن كان ما ذكره (قدّس سرّه) من عدم صحّة التمسّك بالاستصحاب حقّاً خصوصاً على مسلكنا من عدم جريان الاستصحاب في الأحكام التكليفية الإلهية .

ثمّ إنّه لو تنزّلنا وقلنا بصحّة بيع الراهن مع لحوق فكّ الرهن وسقوط حقّ الرهانة فلابدّ من القول بالنقل دون الكشف ، وذلك أنّه لو قلنا إنّ الكشف على خلاف القاعدة والقول به كان لأجل الروايات الدالّة على الكشف فالأمر واضح بداهة عدم وجود رواية في المقام بل الروايات كانت في الاجازة ، وكذا إذا قلنا إنّ الكشف على مقتضى القاعدة لأنّه كان في الاجازة من حيث إنّ الاجازة من الاُمور التعلّقية التي يمكن تعلّقها بالأمر السابق ، والفكّ ومطلق السقوط بالأداء والإبراء ليس من هذا القبيل كما هو واضح ، فلابدّ من القول بالنقل وأنّ عقد الراهن يكون صحيحاً من حين الفكّ والاسقاط والسقوط .

ثمّ إنّه على القول بالكشف هل يكون للراهن فسخ العقد قبل الفكّ ونحوه أم لا  ، ذهب شيخنا الأنصاري (قدّس سرّه)(1) في بيع الفضولي إلى عدم جواز فسخ العقد بالنسبة إلى المشتري الأصيل ، لأنّه (قدّس سرّه) ادّعى شمول أدلّة الوفاء بالعقد له  ، وفي المقام أيضاً قال (قدّس سرّه) بعدم جواز الفسخ للراهن ولا إبطاله ، ولكنّه قد عرفت فيما تقدّم أنّه لا يمكن المساعدة عليه لما ذكرناه من أنّ العقد قائم بالطرفين ولا يشمله عموم الأدلّة إلاّ بعد تماميته ، وتفصيل الكلام في بيع الفضولي فراجع(2).

وعلى فرض تسليم اللزوم وعدم جواز الفسخ هل يجب على الراهن فكّه

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المكاسب 3 : 411 ـ 420 .

(2) راجع المجلّد الأوّل من هذا الكتاب الصفحة 466 فما بعدها .

ــ[318]ــ

وتسليمه إلى المشتري أم لا ؟ ذكر شيخنا الأنصاري (قدّس سرّه) في المقام وجهين إلاّ أنّ الحقّ عدم الوجوب لأنّ الواجب على الراهن عدم نقض العقد ووجوب الوفاء به وأمّا دفع حقوق الغير عن العين المبيعة وإحياء مقدّمات تملّك الغير والمشتري مثلا فلا . وغير خفي أيضاً أنّه لا يمكن أن يكون دليل واحد إرشادياً وتكليفياً معاً وقد ذكرنا مراراً أنّ وجوب الوفاء بالعقد في أدلّة البيع إرشادي محض وإرشاد إلى عدم نفوذ فسخه العقد ومع ذلك كيف يمكن أن يتكفّل وجوب الفكّ الذي هو من الأحكام التكليفية ، وتوهم أنّ الفكّ مقدّمة لتسليم ملك الغير إلى مالكه فيجب لذلك ، يدفعه أنّ المبيع لم يدخل بعدُ في ملك المشتري ليجب تسليمه بل هو بعد مراعى .

وعلى فرض تسليم وجوب الفكّ تكليفاً هل يجبر الحاكم ومن بيده الأمر الراهن في صورة امتناعه عن أداء حقّ الرهانة في صورة انحصار ماله في العين المرهونة وعدم انحصاره أم لا ، الظاهر إجباره لأنّه ولي الممتنع غاية الأمر يقدّم حقّ المرتهن في صورة انحصار المال في العين المرهونة ويترتّب عليه بطلان العقد من باب السالبة بانتفاء الموضوع .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net