ثمّ إنّ المنفعة هل تكفي ضميمتها في صحّة بيع الآبق أو لابدّ فيها أن تكون من الأعيان الخارجية ؟ إن استفدنا من الرواية أنّ غرض الشارع عدم ذهاب مال المشتري بلا عوض وأن يكون هناك ما يقابل ثمنه على تقدير عدم القدرة على العبد فلا مانع من أن تكون الضميمة منفعة الدار إلى مدّة معيّنة مثلا ، لأنّها ممّا يقابل بالمال ولا يذهب ماله هدراً على تقدير عدم القدرة على العبد .
وأمّا إذا قصرنا النظر على الرواية وتعبّدنا بظاهرها فلا يمكن جعل المنفعة ضميمة ، لأنّ الرواية دلّت على اشتراء شيء آخر معه فلابدّ أن يكون ذلك الشيء ممّا يصحّ شراؤه وبيعه والمنفعة لا تباع ولا تشترى ، إذ البيع إنّما هو لنقل الأعيان دون المنافع والمتكفّل لنقلها أي المنافع هو الاجارة .
فالمتحصّل من جميع ما ذكرناه : أنّ الضميمة يعتبر أن تكون قابلة للبيع بمجردها وفي حدّ نفسها كما يعتبر أن يكون بيعها جائزاً عند الشرع والعقلاء .
ثمّ إنّ الرواية هل تدلّ على أنّ البيع يقع على الضميمة من الابتداء وعلى العبد معلّقاً على القدرة عليه ، فإذا قدر عليه فينعقد البيع على المجموع من العبد والضميمة وأمّا قبل القدرة عليه فلا بيع على المجموع ، ولازم ذلك عدم دخول العبد في ملك المشتري قبل حصول القدرة عليه فإذا أتلفه أحد حينئذ كان التلف في ملك البائع دون المشتري ، وهذا بعيد من ظاهر الرواية جدّاً وإن نسبه شيخنا الأنصاري(1) إلى
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) المكاسب 4 : 204 .
ــ[357]ــ
ظاهر كاشف الرموز حيث ذكر أنّ العبد ما دام آبقاً ليس مبيعاً في الحقيقة (ولكن في كلامه قرائن تدلّ على عدم إرادة ذلك) أو أنّ البيع يقع على المجموع من الابتداء غاية الأمر أنّ الإمام (عليه السلام) أرشد المشتري إلى حكمة اعتبار الضميمة في بيع الآبق وأنّه إذا لم يقدر عليه فيقع المال في مقابل الضميمة ، لا أنّ بيع الآبق معلّق على قدرته منه ، فهذا بيان لتلك الحكمة ولم يؤت به في الرواية لتعليق البيع عليه بل البيع يقع على مجموعهما من الابتداء كما هو ظاهر قوله (عليه السلام) « إلاّ أن يشتري معه شيئاً » فيكون العبد ملكاً للمشتري من أوّل الأمر ، وهذا الاحتمال هو الصحيح دون الأوّل نعم الرواية تدلّ على عدم جواز مراجعة المشتري إلى المالك فيما يقابل العبد من الثمن فيما إذا تلف وتعذّر الوصول إليه ، وإن اقتضت القاعدة رجوعه إليه لأنّ كلّ مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بائعه والتعذّر كالتلف وهو لم يقبضه بعد ، فتكون هذه الرواية مخصّصة لعموم كلّ مبيع تلف قبل قبضه ، وذلك لأنّ المشتري بنفسه أقدم على شراء ذلك والبائع قد أبرأ ذمّته من ضمانه لو لم يقدر عليه والشارع أمضى ذلك بهذه الرواية ، هذا كلّه فيما إذا كان التلف بعد عدم القدرة عليه وكان التلف مستنداً إليه أي إلى عدم القدرة عليه .
|