عدم اعتبار الكيل والوزن في الدراهم والدنانير - كفاية العلم الاجمالي بمقدار الثمن والمثمن 

الكتاب : التنقيح في شرح المكاسب - الجزء الثاني : البيع-2   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3783


وأمّا الثالث فهو أيضاً محكوم بالصحّة لأنّ المبيع وإن لم يُكل فيه أيضاً إلاّ أنّ الكيل إنّما يجب في المكيل الذي فيه كيل في مقام المعاملة فلذا قال (عليه السلام) « كل طعام سمّيت فيه كيلا » لا أنّ المكيل لابدّ وأن يكال وإن لم تجر العادة على كيله في مقام المعاملة ، وبعض الاُمور لقلّته أو لكثرته لا يتعارف كيله في مقام البيع وإن كان من المكيل ويجري فيه الربا ، وذلك لأنّ الربا إنّما يأتي فيما هو مكيل بجنسه وإن لم يكن مكيلا بشخصه في مقام المعاملة ، وأمّا الكيل فهو يختصّ بما تعارف كيله في مقام المعاملة ولأجل ذلك جاز التعامل بالفلوس والدراهم والدنانير من غير علم بمقدارها ولا وزنها مع أنّها من الموزون ، والوجه في ذلك أنّها لا توزن في مقام المعاملة ولو كانت من الموزون بجنسها بل يعامل معها معاملة المعدود فيقال هذا بفلسين أو درهمين لا أنّه بمثقال من النحاس أو مثاقيل من الفضّة ، ولكن يجري فيها الربا لأنّها بجنسها من الموزون وإن لم تكن موزوناً بشخصها كما لا يخفى .

فالمتحصّل من الروايات : أنّ الكيل أو الوزن معتبر في المكيل والموزون فيما إذا كان المتعارف في معاملته في الخارج هو الكيل أو الوزن ، وأمّا المكيل أو الموزون الذي لم يتعارف فيه الكيل أو الوزن في الخارج فلا يعتبر فيه الكيل أو الوزن أبداً ولأجل ذلك لم يعتبر في الفلوس والدراهم والدنانير الوزن مع أنّها من الموزون ومن هذا القبيل زبرة الحديد الموضوعة في الأبنية والعمارات ، وعليه فإذا ظهر في شيء من الفلوس أو الدراهم والدنانير نقصان بحسب الوزن فلا تبطل بذلك المعاملة فيما يقابل النقص ، مثلا إذا كان الدرهم خمسة مثاقيل ونقص عنها بمثقال فلا تبطل المعاملة في خمس المبيع لأجل ذلك النقصان وإنّما يثبت له خيار العيب في خصوص

ــ[370]ــ

الدراهم والدنانير ، وأمّا في مثل الفلوس فلا يعدّ النقص عيباً أيضاً ولذا ورد في رواية عبدالرحمن(1) أنّ إعطاء الدرهم الناقص في المعاملة غير جائز (لأنّه عيب) إلاّ أن يبيّنه لصاحبه ، وأمّا في الفلوس والدراهم الأوضاحية التي هي قسم من أقسام الدرهم فلا مانع من إعطاء الناقص ولا يلزمه الإعلام والتبيين ، وذلك لما عرفت من أنّهم يعاملون معها معاملة المعدود كما صرّح به في الرواية المتقدّمة (أعني رواية عبدالرحمن) وإن كانت بحسب جنسها من المكيل والموزون ، هذا .

ثمّ إنّ اللازم في معرفة مقدار الثمن أو المثمن هو المعرفة الإجمالية ، وأمّا العلم التفصيلي بمقدارهما فهو إمّا متعذّر أو متعسّر ، وذلك لكفاية العلم بأنّ المثمن منّ أو أوقية أو حقّة وهكذا ، وأمّا معرفة أنّ الأوقية أربعة أرباع وأنّ الربع كذا مثقال وأنّ المثقال كذا حبّات من الحنطة وأنّ الحنطة أيّ مقدار وهكذا إلى أن يصل إلى الجزء الذي لا يتجزّى الذي لا وجود له خارجاً ، فهي غير معتبرة في صحّة المعاملات بل غير ممكن ، بل ذكر بعض الأفاضل في رسالة الكرّ أنّي وزنت الكرّ حتّى في الموازين الموضوعة للذهب التي هي أدقّ الموازين فرأيت أنّ مقدار المثقال مختلف ولا يتوافق وزن ميزان لما وزنه ميزان آخر ، وما ذكره هو الصحيح لاختلاف الموازين جدّاً ومعه كيف يمكن العلم التفصيلي بمقادير المثمن أو الثمن وهذا ظاهر . نعم لابدّ من معرفتها بنحو الإجمال كالأوقية أو الكيلو أو غيرهما ممّا لا نعلم مقداره حقيقة ، وأمّا معرفتها تماماً فهي تختصّ بعلاّم الغيوب ، هذا .

ولا يخفى أنّ العلم التفصيلي بمقادير هذه الأوزان وإن لم يكن معتبراً ، إلاّ أنّ التقدير لابدّ وأن يكون بشيء من المكيال أو الميزان المتعارف ، وأمّا إذا باع طعاماً أو شيئاً آخر بحجر مجهول المقدار وقال إنّ الطعام بمقدار هذا الحجر كذا مقدار فهو

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 18 : 187 / أبواب الصرف ب10 ح7 .

ــ[371]ــ

من بيع الجزاف ، وكذلك الحال في المكيال فإنّه لابدّ وأن يكون ممّا يتعارف الكيل به وأمّا المكيال المجهول فلا يكفي في صحّة البيع ، هذا .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net