6 ـ الاستدلال برواية « المؤمنون عند شروطهم » 

الكتاب : التنقيح في شرح المكاسب - الجزء الثالث : الخيارات-1   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 5155


وممّا استدلّ به (قدّس سرّه)(1) قوله (عليه السلام) « المؤمنون عند شروطهم  »(2) وقد ذكر (قدّس سرّه) في تقريب الاستدلال به أنّ الشرط عبارة عن مطلق الالتزام والعهد فيصدق على مثل البيع وغيره من المعاملات . ثمّ ناقش فيه بأنّ الشرط لا يطلق على الالتزامات الابتدائية ، هذا .

ونحن لو سلّمنا أنّ الشرط يستعمل في الالتزامات الابتدائية وقلنا بأنّ الشرط في مثل قوله (عليه السلام) « ما الشرط في الحيوان ؟ قال ثلاثة أيّام للمشتري  »(3) ونحوه مستعمل في الشرط الابتدائي ، إذ لم يسبق من الله تعالى عهد أو عقد حتى يكون الشرط المذكور مذكوراً في ضمنه ، وإنّما شرطه الله تعالى

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المكاسب 5 : 21 .

(2) الوسائل 21 : 276 / أبواب المهور ب20 ح4 .

(3) الوسائل 18 : 11 / أبواب الخيار ب3 ح5 .

ــ[39]ــ

وعهده ابتداء ـ مع إمكان حمله على الشروط الضمنية بارجاعه إلى الامضاء بأن يقال إنّ امضاءه تعالى للعقد والبيع مشروط بالخيار في الحيوان كذا أو في المجلس كذا  ـ فلا نسلّم صحّة إطلاقه عرفاً على مثل البيع وغيره من المعاملات وإن كان شاملا له بحسب معناه اللغوي ، وذلك لعدم إطلاق الشرط على البيع ، فإذا باع أحد داره فلا يصح أن يقال عرفاً إنّ فلاناً شرط داره بل يعدّ الاستعمال المذكور من الأغلاط . وعليه فمناقشة شيخنا الأنصاري (قدّس سرّه) في المقام في محلّها ، هذا .

ثم إنّ استفادة اللزوم من قوله (عليه السلام) « المؤمنون عند شروطهم » في غاية الاشكال ، لأنّ سياقه سياق قوله : المؤمن عند عدته ، فهو إخبار بحسب الصورة وإن كان إنشاء بحسب المعنى فكأنّه يخبر عن أنّ المؤمن ملاصق لشرطه ووعده ولا ينفك عنه ، إلاّ أنّ الحديث اُخذ في موضوعه « المؤمنون » وقد رتّب على هذا العنوان قوله « عند شروطهم » ولم يرتّبه على جميع الناس ، فيستفاد من الحديث المذكور أنّ الحكم المذكور فيه من أحكام صفة الايمان وأنّ المؤمن بوصف أنه مؤمن ولا يعصي الله تعالى لا ينفك عن شرطه بخلاف الفاسق الذي يعصي الله تعالى فانه ينفك عن شرطه ولا يلازمه ، ومعه فيستفاد من الحديث المذكور أنّ ذلك حكم تكليفي فحسب . نعم لو كان عوض كلمة « المؤمنون » كلمة الشارطون ونحوها لكانت استفادة اللزوم منه بمكان من الامكان .

ثم إنّ إرادة وجوب العمل على طبق الشرط إنّما يتم فيما إذا كان متعلّقاً بفعل من الأفعال الخارجية كالنذر المتعلّق بالفعل لأنه شرط فيراد منه وجوب العمل بذلك الفعل ، أو إذا اشترط فعلا كالخياطة في ضمن عقد ـ مثلا ـ فيجب عليه العمل بذلك الشرط ، وأمّا إذا تعلّق بأمر اعتباري كالملك في المقام فلا يمكن حمله على وجوب العمل على طبقه لأنه ليس من الأعمال كما لعلّه ظاهر .

وإن شئت قلت : إنّ الاستدلال على اللزوم بقوله (عليه السلام) « المؤمنون عند

ــ[40]ــ

شروطهم » مخدوش صغرى وكبرى .

أمّا بحسب الصغرى ، فلأنّا نمنع صحة إطلاق الشرط على الشروط الابتدائية عند العرف كالبيع والاجارة ولو قلنا باستعماله في ذلك في كلمات الفصحاء والأكابر ، إلاّ أنّ استعماله في مثل البيع ونحوه يعدّ من الأغلاط ، لأنّ الشرط إنّما يستعمل في الربط الحاصل في ضمن عقد أو شيء آخر ، وهذا ظاهر .

وأمّا بحسب الكبرى ، فلأنّ ظاهر قوله (عليه السلام) « عند شروطهم » الذي هو بمعنى أنّهم ملاصقون لشروطهم كناية عن أنّهم يعملون بها هو الوجوب التكليفي ، لأنه إخبار عن أنّ المؤمن الذي لا يرتكب المعصية لا يتخلّف عن شروطه كقوله المؤمن لا يزني أو لا يكذب ، والمقصود هو الكناية عن وجوب الترك في الأمثلة ووجوب العمل على طبق الشروط في المقام ، ومن الظاهر أنّ المناسب للمؤمن هو ذلك ، يعني أنّ المؤمن لا يرتكب الحرام فيعمل بشروطه دون غير المؤمن كما هو واضح . وأمّا إرادة اللزوم فهي لا تختص بالمؤمن ، لأنّ البيع لو كان لازماً فلا يختلف بالاضافة إلى المؤمن أو الفاسق للزومه في كليهما ، وهذا بخلاف الوجوب فانّ العمل على طبقه من خصائص المؤمن دون غيره .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net