ــ[127]ــ
العاشر : الفقّاع (1)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذا كلّه فيما إذا قلنا بطهارة عصيري التمر والزبيب ، وأما إذا قلنا بنجاستهما إلحاقاً لهما بالعصير العنبي ـ عند القائلين بنجاسته ـ فلا مانع أيضاً من أكلهما في الأغذية والأطعمة إذا لم يعرض عليهما الغـليان ، وأما إذا غليا فيحكم بنجاسة ما حولهما ولو بمقدار قليل ، ومع تنجس شيء من المرق يتنجس الجميع فلا محالة يحرم أكلهما مع المرق والطّبيخ ، ولا ينفع حينئذ استهلاك ذلك المقدار النجس القليل في بقية أجزاء الطبيخ لأنه ينجّس البقية بمجرد ملاقاتها ، نظير ما إذا أصابته قطرة دم أو بول لأنها ينجّس جميع المرق وشبهه وإن كانت مستهلكة في ضمن المرق .
فتحصّل أن المسألة تبتني على المسألة المتقدِّمة ، وحيث إنّا نفينا هناك حرمة عصيري التمر والزبيب فضلاً عن نجاستهما فلا نرى مانعاً من أكلهما في الطبيخ والمرق وكذلك الحال في العنب ، لأ نّا وإن قلنا بحرمة عصيره إلاّ أ نّا أنكرنا نجاسته ، وقد عرفت أنّ الحرمة غير مانعة عن جواز أكله في الأطعمة والأمراق ما دام لم تطرأ عليه صفة الاسكار فيما إذا كان بمقدار يستهلك في بقية الطبيخ والمرق .
(1) لا إشكال في نجاسة الفقاع في الشريعة المقدّسة كحرمته ، بل الظاهر أنها اتفاقيّة بين أصحابنا القائلين بنجاسة الخمر ، وتدلّ على نجاسته الأخبار المستفيضة منها : مكاتبة ابن فضال ، قال : «كتبتُ إلى أبي الحسن (عليه السلام) أسأله عن الفقّاع فقال : هو الخمر وفيه حد شارب الخمر»(1) . ومنها : موثقة عمّار قال : «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الفقّاع فقال: هو خمر»(2) إلى غير ذلك من الأخبار ، حيث اشتملت على أنّ الفقّاع خمر وورد في بعضها أنه خمر مجهول(3) ، وهذا إما لأجل أنّ الفقّاع خمر حقيقة وإن كان إسكاره ضعيفاً بحيث لا يسكر إلاّ بشرب مقدار كثير منه ـ وعن بعض أهل الخبرة والاطلاع أن المادة الألكلية التي تدور عليها رحى الاسكار
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ، (2) الوسائل 25 : 360 / أبواب الأشربة المحرمة ب 27 ح 2 ، 4 .
(3) كما في موثقة ابن فضال ورواية أبي جميلة المرويتين في الوسائل 25 : 361 / أبواب الأشربة المحرّمة ب 27 ح 11 ، 8 .
|