القول فيما إذا اشترى ثوباً نسج بعضه
لو اشترى ثوباً قد نسج بعضه ولم ينسج الباقي على أن ينسجه بمنوال البعض المنسوج ، فعن الشيخ الطوسي (قدّس سرّه)(1) أنّ البيع باطل ، وكذا عن العلاّمة (قدّس سرّه) في بعض كتبه(2) وغيرهما . وعن العلاّمة (قدّس سرّه) أيضاً في كتاب المختلف(3) وبعض آخر صحّته ، وذكر شيخنا الأنصاري (قدّس سرّه)(4) لا يحضرني كتاب المختلف حتى اُلاحظ مدرك حكمه بالصحة ، ولا يخفى أنّ كلامه (قدّس سرّه) هذا
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) المبسوط 2 : 77 .
(2) التذكرة 11 : 79 .
(3) المختلف 5 : 104 .
(4) المكاسب 5 : 269 .
ــ[122]ــ
ينافي ما أشار إليه بعد أسطر بقوله : وإليه ينظر بعض كلمات المختلف ، فإنّ المختلف لو لم يحضر عنده فكيف عرف أنّ بعض كلماته تشير إليه ، ولعلّه حضره بعد كلامه السابق .
وكيف كان ، فالظاهر أنّ النزاع لفظي والكلام في موردين ، وكل من القائل بالصحة والفساد يدّعي أمراً غير ما ينكره الآخر ، وذلك لأنّ الصورة المتصوّرة في المقام أربعة :
الاُولى : ما إذا اشترى نصف الثوب وهو منسوج والنصف الكلّي المنسوج على أن يكون بمنوال المنسوج الموجود بأن يشتري النصف الكلّي في ذمّة البائع ويشترط عليه كون نسجه بطريق نسج النصف الموجود ، وهذا البيع بيع كلّي صحيح ولا يتوهّم في حقّ الشيخ ولا غيره الحكم بالبطلان في هذه الصورة ، لعدم الجهالة ولا مانع آخر في البين ، ولكنّه إذا تخلّف ولم ينسج النصف بطريق النصف المنسوج فلا يثبت له الخيار بل له حقّ الاستبدال والمطالبة بما وقع عليه العقد ، فإن دفع فرد آخر غير ما تعلّق به البيع الكلّي لا يوجب تشخّص حقّه فيه ، نعم لو كانت للهيئة الاتّصالية مدخلية في زيادة الثمن ثبت له خيار تخلّف الوصف وتبعّض الصفقة .
الثانية : أن يشتري النصف المنسوج المعيّن ومقداراً معيّناً من الغزل الموجود في الخارج ويشترط عليه أن ينسجه بطريق نسج النصف الموجود ، وهي أيضاً صحيحة ، إذ لا مانع من شراء الصوف المغزول معيّن المقدار واشتراط نسجه على منوال كذا ، فإنّه معلوم المقدار وغير مخالف للكتاب ولا لغيره ولا يحتمل بطلانها عند أحد هؤلاء الأكابر بوجه ، ولكنّه إذا تخلّف فيثبت له خيار تخلّف الشرط .
الثالثة : أن يشتري النصف المنسوج الموجود ومقداراً معيّناً من الغزل الكلّي في ذمّة البائع ويشترط عليه أن ينسجه على منوال النصف الموجود ، وهي أيضاً صحيحة إذ لا محذور في بيع الكلّي الموصوف أبداً .
ــ[123]ــ
والصورة الرابعة : أن يشتري النصف المنسوج المعيّن والنصف الشخصي الباقي منسوجاً قبل وجوده أي قبل وجود المنسوج فإنّه بعد لم ينسج الباقي ، وهذه الصورة محكومة بالبطلان لأنّه في النصف غير المنسوج من قبيل البيع قبل وجود المبيع ، وهو باطل نظير بيع الثمرة المعيّنة قبل تحقّقها والبيض الخاصّ قبل أن تبيضها الدجاج ، فهو مشمول للأخبار الدالّة(1) على بطلان بيع ما ليس عنده فإنه غير مالك للمعدوم حين البيع فكيف يبيعه ، ولا يتصوّر إلاّ على نحو التعليق وهو أيضاً باطل .
والمحتمل لو لم يكن من المظنون أنّ القائلين بالفساد يعنون هذه الصورة والقائلون بالصحة يريدون غيرها من الصور المتقدّمة ، إذ لا يظنّ بهؤلاء الأعاظم الحكم بالفساد في الصور الثلاث والصحة في الصورة الرابعة فيصير النزاع لفظياً وعلى تقدير كون النزاع معنوياً فالصحيح ما ذكرناه من التفصيل .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 18 : 47 / أبواب أحكام العقود ب7 ح2 ، 5 .
|