إلحاق مخالفة السنّة بمخالفة الكتاب - معنى الشرط المخالف للكتاب والسنّة 

الكتاب : التنقيح في شرح المكاسب - الجزء الخامس : الخيارات-3   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 5345


ويرد على هذا الاحتمال أعني الاحتمال الثاني : أنه ما المراد بتخصيص العمومات الدالّة على عدم نفوذ الشرط المخالف للكتاب والسنّة ، فإن اُريد به احتمال أن يكون بعض الشروط مع مخالفته لواقع الكتاب والسنّة جائزاً ونافذاً فمرجع هذا إلى التناقض لأنّ معنى مخالفته لواقع الكتاب أنّ الشرط ممّا لم يجوّزه الشارع في الواقع ونفس الأمر ومعنى كونه نافذاً أنه ممّا جوّزه ورخّصه فهذا تناقض ظاهر .

وإن اُريد بذلك أنّ بعض الشروط المخالفة لظاهر الكتاب والسنّة لا لواقعهما جائز ونافذ ، فهذا يرجع إلى الاحتمال الأول ، لأنّ معنى ذلك احتمال عدم كون الشرط مخالفاً للكتاب واقعاً ولو كان مخالفاً لظاهره ، وإذا لم يكن مخالفاً للكتاب والسنّة فينفذ لا محالة ، كما أنّ معنى الاحتمال الأول هو ذلك بعينه إذ بعد تخصيص الحرمة الثابتة على الشيء من جهة دلالة الكتاب بوجوب الوفاء بالشرط فلا يبقى حرمة في الشيء المذكور ولا يكون اشتراطه مخالفاً للكتاب والسنّة فينفذ ، وعليه لا يكون هذا الاحتمال في مقابل الاحتمال الأول ، وكيف كان فتفصيل الكلام في الشروط يقع في جهات :

منها : أنّ أكثر الأخبار الواردة في المقام قد اشتملت على لفظة الكتاب كقوله (صلّى الله عليه وآله) « فما كان من شرط ليس في كتاب الله »(1) و « كل شرط خالف كتاب الله »(2) و « من اشترط شرطاً مخالفاً لكتاب الله »(3) و « من اشترط شرطاً

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) كنز العمّال 10 : 322 / 29615 .

(2) الوسائل 18 : 16 / أبواب الخيار ب6 ح2 .

(3) الوسائل 18 : 16 / أبواب الخيار ب6 ح1 .

ــ[29]ــ

سوى كتاب الله »(1) و « فيما وافق كتاب الله »(2) وفي بعضها ذكرت لفظة السنّة كما في رواية محمّد بن قيس(3) حيث قال فيها : « خالفت السنّة » وظاهر الكتاب هو القرآن أعني كتاب الله المعهود ، إلاّ أنّ هذا الظهور بدوي ولا محيص من رفع اليد عنه
وذلك بقرينة أنّا لا نحتمل خصوصية في مخالفة القرآن ، فإنّ الوجه في عدم نفوذ الشرط المخالف له ليس إلاّ أنه مخالف لحكم الله تعالى كان موجوداً في القرآن أم ثبت من السنّة ، وعليه فالمراد بكتاب الله مطلق ما كتبه الله تعالى من أحكامه وقوانينه كما يستفاد هذا من إطلاق الكتاب عند العرف كما إذا قال أطع والدك إلاّ فيما خالف الكتاب ، وفي القرآن (كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ) الآية(4) فالمراد بالكتاب مطلق ما كتبه الله . مضافاً إلى ما دلّ على أنّ مخالف السنّة أيضاً غير نافذ .

مع أنّا لا نحتاج في الخروج عن مخالفة القرآن والتعدّي إلى مخالفة السنّة ومطلق حكم الله إلى ورود رواية أو دلالة قرينة ، بل لو كنّا نحن وتلك الأخبار الدالّة على أنّ مخالف الكتاب غير نافذ كفانا ذلك في إلحاق مخالفة السنّة بمخالفة الكتاب ، وذلك لأنه لا يفرق في مخالف الكتاب بين أن يكون الشرط مخالفاً لما دلّ عليه القرآن بالخصوص وبين كونه مخالفاً لما دلّ عليه الكتاب بالعموم ، وقد قال الله سبحانه (وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)(5) فإذا ثبت نهي النبي أو أمره في السنّة وكان الشرط مخالفاً لأمره (صلّى الله عليه وآله) أو نهيه فلابدّ من

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 21 : 297 / أبواب المهور ب38 ح2 .

(2) الوسائل 18 : 16 / أبواب الخيار ب6 ح1 (باختلاف يسير) .

(3) الوسائل 21 : 289 / أبواب المهور ب29 ح1 .

(4) البقرة 2 : 183 .

(5) الحشر 59 : 7 .

ــ[30]ــ

طرحه ، لأنّ قبوله طرح لقول الرسول وترك للانتهاء عمّا نهى عنه .

والمتحصّل : أنّ المراد من مخالفة الكتاب مخالفة مطلق أحكام الله تعالى كما دلّت عليه الروايات ، بل لا نحتاج في طرح مخالف الكتاب إلى رواية أصلا كما سيأتي ومرّت إليه الاشارة .

ومنها : أنّ المناط في عدم نفوذ الشرط هل هو مخالفة الشرط للكتاب كما عبّر بها في بعض الأخبار ، أو أنّ المناط عدم موافقته للكتاب كما وقع في بعض الروايات الاُخر ؟

ولا يخفى أنّ الفرق بينهما إنما يظهر فيما إذا حملنا الكتاب على خصوص القرآن كما تكلّمنا في ذلك فيما ورد في أخبار الآحاد(1) حيث دلّ بعضها على أنّ مخالف الكتاب يضرب على الجدار ، وبعضها الآخر دلّ على طرح ما لم يوافق الكتاب
وذلك لأنّ المراد بالكتاب في أخبار الآحاد هو خصوص القرآن وخصوص ألفاظه وإلاّ فمن أين يعلم حكم الله الواقعي حيث يكون هو المناط في مخالفة الأخبار معه وموافقتها .

وأمّا في المقام فقد عرفت أنّ المراد بالكتاب مطلق أحكام الله تعالى ، وعليه فلا فرق بين عنوان المخالفة وعنوان عدم الموافقة ، ولا واسطة بينهما لأنّ الله تعالى قد بيّن أحكام جميع أفعال العباد من محرّماتها ومحلّلاتها ، وعليه فكلّ شرط لم يوجد في مطلق أحكام الله أي لم يوافقه فلا محالة يكون مخالفاً لأحكامه تعالى ، فلا فرق بين هذين العنوانين في المقام .

ومنها : أنّ الشرط المخالف للكتاب على ثلاثة أقسام ، فتارةً يكون من قبيل الأفعال التكوينية كاشتراط شرب الخمر أو الكذب أو القتل وغيرها من الأفعال

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 27 : 110 / أبواب صفات القاضي ب9 .

ــ[31]ــ

المحرّمة ، واُخرى يكون من قبيل الاعتبارات النفسانية كاشتراط الزوجية والملكية أو ثبوت الولاء للبائع في بيع الأمة أو الارث لغير الوارث ونحوها ، وثالثة يكون من قبيل الأحكام الشرعية كاشتراط أن يكون المحرّم الفلاني حلالا في الشريعة المقدّسة أو كون الواجب جائزاً في حكم الله تعالى ، ولم نجد قسماً رابعاً للشرط المخالف وهذا القسم الثالث من قبيل اشتراط فعل الغير لأنه راجع إلى اشتراط فعل الشارع وقد عرفت أنه خارج عن قدرة المشروط عليه فلا معنى لتعليق أصل العقد على الالتزام به.

وعليه فيدور الأمر في الشرط بين أن يكون راجعاً إلى تعليق أصل المعاملة على الفعل المشروط والتعليق في العقود مبطل ، ولو قلنا بعدم بطلانه أيضاً لا محيص عن الالتزام به في المقام لعدم حصول المعلّق عليه حسب الفرض ، لأنّ الحرام لم يحكم عليه بالحلّية في الشرع الذي هو الشرط .

وإمّا أن يكون راجعاً إلى تعليق الالتزام بالمعاملة عليه ، وعليه فيثبت للمشروط له أي الشارط الخيار لعدم تحقّق الشرط في الخارج ، وعليه لابدّ من التكلّم في كل واحد من الأقسام .

فنقول : قد ورد في الصحيح عن أبي عبدالله (عليه السلام) « من اشترط شرطاً سوى كتاب الله فلا يجوز ذلك له ولا عليه »(1) وفي صحيحة اُخرى « كل شرط خالف كتاب الله فهو ردّ »(2) وفي صحيحة ثالثة « من اشترط شرطاً مخالفاً لكتاب الله (عزّوجلّ) فلا يجوز على الذي اشترط عليه والمسلمون عند شروطهم فيما وافق

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 21 : 297 / أبواب المهور ب38 ح2 .

(2) الوسائل 18 : 267 / أبواب بيع الحيوان ب15 ح1 .

ــ[32]ــ

كتاب الله »(1) وفي رواية اُخرى « المؤمنون عند شروطهم إلاّ كل شرط خالف كتاب الله »(2) وهذه الأخبار دلّت على أنّ الشرط المخالف للكتاب لا يصحّ .

وحينئذ نقول(3): إنّ الشرط تارةً يتعلّق بترك أمر مباح أو بفعله ، والمراد من المباح ما هو في مقابل الالزام أعني الأحكام الثلاثة المستحبّ والمكروه والمباح . ولا ينبغي الإشكال في أنّ مثل هذا الشرط ليس مخالفاً للكتاب ، إذ لم يدلّ الكتاب على حرمة الالتزام بترك المباح أو بفعله ، بل غالب موارد الاشتراط لو لم يكن جميعها من هذا القبيل ، فلو منعنا عن جوازه أيضاً بدعوى أنّ الكتاب دلّ على إباحته والالتزام بتركه أو بفعله مخالف للكتاب لما يبقى مورد للاشتراط فيلغو ما دلّ على أنّ « المؤمنون عند شروطهم » وغيره ممّا دلّ على صحّة الاشتراط ، إذ ينحصر الاشتراط حينئذ باشتراط فعل الواجبات واشتراط ترك المحرّمات ، ومن الظاهر أنّ المستفاد من الشرط عرفاً هو الاشتراط المتعارف عندهم دون خصوص فعل الواجب وترك الحرام ولعلّ هذا ظاهر .

وهذا ممّا لم يدلّ على خلافه ولا ينافيه شيء إلاّ ما نقل عن العياشي في تفسيره عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : « قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في امرأة تزوّجها رجل وشرط عليها وعلى أهلها إن تزوّج عليها امرأة أو هجرها أو أتى عليها سرية فإنّها طالق ، فقال (عليه السلام) شرط الله قبل شرطكم إن شاء وفى بشرطه وإن شاء

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 18 : 16 / أبواب الخيار ب6 ح1 (باختلاف يسير) .

(2) الوسائل 18 : 16 / أبواب الخيار ب6 ح2 ولكن فيه بدل المؤمنون « المسلمون » .

(3) هذا شروع في البحث عن كل واحد من الأقسام المتقدّمة وقد قسّم الأول إلى صورتين إحداهما تعلّق الشرط على ترك المباح أو فعله وثانيتهما معلّقة على فعل الحرام أو ترك الواجب فلا تغفل .

ــ[33]ــ

أمسك امرأته ونكح عليها وتسرّى عليها وهجرها إن أتت بسبيل ذلك قال الله تعالى في كتابه (فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ) وقال (احل لكم ما ملكت أيمانكم)(1) وقال (وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ) الآية »(2).

فإنّ هذه الرواية دلّت على عدم جواز اشتراط ترك المباح ، لأنّ التزويج أو إتيان السرية أمر مباح ووصفه بالمخالفة مع الكتاب وأنّ شرط الله قبل شرطهم .

ورواية اُخرى وصفها الشيخ (قدّس سرّه)(3) بالموثّقة عن أمير المؤمنين « من شرط لامرأته ـ إلى أن قال ـ إلاّ شرطاً حرّم حلالا أو أحلّ حراماً »(4) وهذه الرواية أيضاً تدلّ على عدم جواز اشتراط ترك المباح لأنه من تحريم الحلال .

والجواب أمّا عن الرواية الثانية : فهو أنّها ضعيفة لعدم توثيق غياث بن كلوب(5) الذي روى عن ابن عمّار ، والشيخ وإن وصفه بأنّ الأصحاب عملوا برواياته إلاّ أنه لا يوجب التوثيق بعد عدم توثيق الأصحاب له . وعليه فلا يمكننا الاعتماد عليها ولا يصحّ الحكم على طبقها .

مضافاً إلى ما عرفت من أنّ لازم ذلك الالتزام ببطلان أغلب الشروط بل جميعها لتعلّقها على ترك المباح أو فعله ، وليس في غير تلك الرواية عنوان ما حرّم حلالا فراجع .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) نصّ الآية في سورة النساء 4 : 3 هكذا : (أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ) .

(2) الوسائل 21 : 277 / أبواب المهور ب20 ح6 .

(3) المكاسب 6 : 22 .

(4) الوسائل 21 : 300 / أبواب المهور ب40 ح4 .

(5) وقد أهمله في الخلاصة وعدّه في الحاوي في الضعفاء وفي الوجيزة أنه ضعيف وعن الشيخ في العدّة أنّ الطائفة عملت بأخباره كذا ذكره المامقاني (رحمه الله) ] تنقيح المقال 2 : 367 [ .

ــ[34]ــ

وأمّا الرواية الاُولى : فبعد الغضّ عن سندها في دلالتها إجمال ظاهر ، لأنّ صدرها ظاهر في أنّ الشرط هو صيرورة المرأة مطلّقة إذا أتى الرجل بأحد الاُمور المذكورة فيها ، وظاهر استشهاد الإمام (عليه السلام) بالآيات أنّ الشرط عدم تزويج الرجل امرأة اُخرى أو عدم إتيانه سرية ، ووجه البطلان بناءً على ظهور الصدر ظاهر ، لأنّ الطلاق لا يحصل بإتيان الاُمور المذكورة ، لأنّ له سبباً خاصّاً فاشتراطه بلا سبب مخالف للشرع ، وكيف كان فلم يظهر من الرواية أنّ اشتراط ترك الاُمور المباحة غير جائز.

على أنّ الرواية لو كانت صريحة في عدم جواز اشتراط ترك المباح لما يمكننا الأخذ بها ، لما عرفت من أنّ لازمها بطلان جميع الشروط لأنها تتعلّق بفعل المباح أو تركه وتلغو أدلّة الوفاء بالشروط .

نعم ، يمكن تأويل الرواية على نحو يوافق ذيلها صدرها بأن نقول : إنّ غرض الإمام (عليه السلام) من الاستشهاد بالآيات الشريفة هو أنّ التزوّج بالمرأة الثانية أو الثالثة لا يوجب الافتراق عن الزوجة الاُولى ولا يكون ذلك طلاقاً وإلاّ لما عدّت الثانية ثانية بل كانت هي الزوجة الاُولى مع أنه تعالى أمر ورخّص في الثانية والثالثة ولازمه أن لا تخرج المرأة الاُولى عن الزوجية بالثانية والثالثة وإلاّ لم تجتمع الثلاثة والأربعة في الزوجية ، وكذا شراء الأمة لا يختصّ جوازه بالعزّاب في الشريعة بل هو عام لهم وللمتزوّجين ، فمنه يستكشف أنّ شراء المملوكة وإتيانها لا يوجب طلاق المرأة وافتراقها ، وكذا أمر بالهجر في المضاجع مع بقاء زوجيّة المرأة فيعلم منه أنّ الهجر لا يوجب الطلاق ، إلاّ أنّ ذلك كلّه تأويلات والرواية مجملة ، وعلى تقدير عدم إجمالها فهي ناظرة إلى بطلان اشتراط كون المرأة مطلّقة بلا سبب ، هذا كلّه .

ــ[35]ــ

مضافاً إلى أنّها معارضة في موردها برواية اُخرى(1) دلّت على أنّ هذا الاشتراط وإن كان ممّا لا ينبغي لأنه لا يدري بما يقع في قلبه ولعلّه يندم بعد ساعة في الليل أو في النهار ، ولكنّه يفي بشرطه هذا لأنّ « المؤمنون عند شروطهم » وغرضه (عليه السلام) من قوله « بئس ما صنع » إرشاد إلى أنه لا يدري بعدم ندامته فكان الأحسن أن لا يشترط ذلك إلاّ أنه بعد الاشتراط يفي بشرطه ، وعليه فلا مانع من اشتراط عدم تزويج المرأة الثانية في النكاح ولا مانع عنه ، والمشهور أيضاً يلتزمون بصحة هذا الاشتراط .

ومعه لا حاجة إلى تأويل الرواية بأنّ الاباحة في خصوص هذه الأشياء ممّا لا يرضى الشارع برفع اليد عنها كما صنعه شيخنا الأنصاري(2) لأنه يحتاج إلى دليل يدلّ عليه ، وهذه الرواية لا تكفي في إثباته .

والمتحصّل : أنّ اشتراط ترك المباح أو فعله ليس مخالفاً للكتاب فهو نافذ اللهمّ إلاّ أن تكون الإباحة ناشئة عن مصلحة ملزمة بحيث لا يرضى الشارع بتركها  ، لكن هذه الكبرى ممّا لا صغرى لها ولم نجد مورداً تكون الاباحة فيه كذلك واشتراط ترك المباح نظير ترك المباح بلا اشتراط ولا إشكال في جوازه .

نعم ، الالتزام بترك نوع خاص من المباح كترك شرب الماء البارد أو ترك التزويج مرجوح لما يستفاد من بعض الأخبار(3) من أنّ الله كما يحبّ أن يؤخذ بعزائمه يجب أن يؤخذ برخصه ، ومن هنا لا ينعقد الحلف على ترك التزويج لأنه

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 21 : 276 / أبواب المهور ب20 ح4 .

(2) المكاسب 6 : 27 .

(3) الوسائل 16 : 232 / أبواب الأمر والنهي ب29 ح20 .

ــ[36]ــ

مرجوح كما ورد في بعض الأخبار(1) وأمّا الاشتراط فحيث إنه لا يشترط في صحته الرجحان فيقع صحيحاً ولو كان مرجوحاً أيضاً .

ثم إنه لو توهّم متوهّم أنّ النسبة بين أدلّة الوفاء بالشروط وبين أدلّة إباحة الشيء عموم من وجه ، لأنّ دليل الشرط يقتضي وجوب الوفاء به كان في المباح أم في غيره كالواجب ، ودليل إباحة الشيء يقتضي إباحته تعلّق بتركه أو فعله شرط أم لم يتعلّق ، فيتعارضان في مورد الاجتماع والحكم فيه السقوط فلا يبقى دليل على وجوب الوفاء بالشرط عند تعلّقه بترك المباحات أو بفعلها .

نقول في الجواب : إنّ دليل الشرط يتقدّم على دليل إباحة الشيء من وجهين :

أحدهما : أنّ العرف لا يكاد يشك في تقديم الأحكام المترتّبة على العناوين الثانوية على الأحكام الثابتة على الشيء بعنوانه الأوّلي توفيقاً بينهما ، لأنه يرى أنّ الإباحة حكم ثابت عليه في نفسه ولا يرى مانعاً من ارتفاعه بتعلّق الشرط بتركه أو بتعلّق الحلف وغيرهما ، ومن هنا لا ترى تعارضاً بين دليل إباحة أكل الرمّان أو استحبابه وبين أدلّة حرمة الغصب وتحريم التصرف في مال الغير ، ولا يمكن أن يقال في مثله إنّهما متعارضان بالعموم من وجه ويتعارضان في أكل رمّان الغير ويتساقطان فنرجع إلى عمومات الحل ، وذلك لأنّ العرف يفهم أنّ إباحة الرمّان حكم ثبت عليه في نفسه ولا يمنع عن ارتفاعه بطروّ عنوان ثانوي عليه كالغصب ونحوه .

وثانيهما : أنّ دليل وجوب الوفاء بالشرط قد ورد في مورد إباحة الشرط لولا الاشتراط ، لأنّ معنى قوله (عليه السلام) « المؤمنون عند شروطهم »(2) أو عند

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 20 : 21 / أبواب مقدّمات النكاح ب2 ح9 .

(2) الوسائل 21 : 276 / أبواب المهور ب20 ح4 .

ــ[37]ــ

عدته ونحوهما هو أنّ المؤمن الذي كان له أن يفعل وله أن يترك الفعل قبل هذا الاشتراط إذا اشترطه فلا ينفك عنه ولا يخالفه وهو عنده وملازم له ، بخلاف غير المؤمن لأنه كما كان مخيّراً بينهما قبل شرطه كذلك يرى نفسه مخيّراً بينهما بعد شرطه ولا يلتزم بشرطه ، فأدلّة الشروط واردة في مورد الإباحة فيتقدّم عليه ، هذا كلّه فيما إذا اشترط ترك المباح أو فعله .

واُخرى يشترط فعل الحرام أو ترك الواجب وهذا لا إشكال في كونه مخالفاً للكتاب ، فهل يحكم ببطلانه أو يقال بتعارض دليل حرمة الشيء ودليل وجوب الوفاء بالشرط والنسبة بينهما عموم من وجه ويتعارضان في مورد الاجتماع ويتساقطان فنرجع إلى الاُصول العملية كما نقله شيخنا الأنصاري (قدّس سرّه)(1)عن بعض مشايخه وذهب إليه بعض المتأخرين ، لأنّ جميع المحرّمات ليس نظير قتل النفس ممّا علم بعدم انقلابه إلى الحلّية بالشرط ولا بغيره ، إذ لا يحتمل جواز قتل النفس فيما إذا وقع مورداً للاشتراط .

والصحيح هو الأول وأنّ دليل حرمة الشيء يتقدّم على وجوب الوفاء بالشرط فيبقى الشيء على حرمته ولا ينفذ فيه الاشتراط ، وذلك لوجهين :

أحدهما : ما أشرنا إليه من أنّ مورد دليل وجوب الوفاء بالشرط هو المباح وأنّ ما كان المؤمن قبل شرطه مخيّراً فيه بين الفعل والترك يكون ملزماً بتركه إذا شرطه أو بفعله إذا اشترط فعله ، وأنّ كونه عنده مع كونه مخيّراً في تركه قبل شرطه من صفات المؤمن ، ومن الظاهر أنّ المؤمن لا يكون مخيّراً بين الفعل والترك في المحرّمات قبل شرطه ، كما أنّ الاتيان بالمحرّم لو شرطه ليس من صفات المؤمن فكيف يقال حينئذ إنّ الالتزام به من صفاته ، إذ لا يصح أن يقال المؤمن إذا شرط فعلا

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المكاسب 6 : 32 .

ــ[38]ــ

محرّماً يفي ، فإنه ممّا لا يقتضيه الإيمان بل غير المؤمن في ذلك أولى من المؤمن ، فمن ذلك يظهر أنّ مورد الوفاء بالشرط هو المباح الذي يكون المؤمن فيه مختاراً قبل شرطه ويكون ملزماً على إتيانه أو تركه بعد شرطه بخلاف غير المؤمن لأنه لا يفرق فيه الاشتراط وعدمه .

وثانيهما : أنّ أدلّة وجوب الوفاء بالشرط مذيّلة باستثناء مخالف الكتاب ومصرّحة بأنّ المخالف غير نافذ ، ومن الظاهر أنّ المراد بالمخالف هو ما يكون مخالفاً للكتاب في مرتبة سابقة على الاشتراط أي ما عدّ مخالفاً لولا الاشتراط لأنه موضوع للحكم بعدم جواز الشرط فيه ، لا المخالف بنفس الاشتراط ، والمحرّم مخالف للكتاب قبل الاشتراط فلا ينفذ فيه الاشتراط ، فتكون تلك الأدلّة متقدّمة على أدلّة حرمة وجوب الوفاء بالشرط أي يكون حاكماً لأنه يثبت أنه مخالف للكتاب فيذهب به موضوع وجوب الوفاء بالشرط تعبّداً ، أو يكون وارداً فيما إذا كان دليل الحرمة قطعي السند ، فيحكم بعدم نفوذ الشرط في اشتراط فعل الحرام ، اللهمّ إلاّ في المحرّمات التي نعلم بزوال حرمتها بالشرط بل بدونه أيضاً كما في العزل عن الزوجة الدائمة لأنّه غير جائز إلاّ بالشرط أو برضا الزوجة الدائمة ، فعدم نفوذ الشرط في فعل الحرام أمر قابل للاستثناء ، فلو ورد مثلا أنّ الكذب يجوز لو اشترط فعله في عقد التزمنا بجوازه لا محالة كما ورد في النذر حيث إنه يرخّص في فعل الحرام كالصوم في السفر والإحرام قبل الميقات .

وأمّا ما أفاده شيخنا الأنصاري (قدّس سرّه) من أنّ احتمال تخصيص عدم نفوذ الشرط المخالف ضعيف ، فهو ناظر إلى دعوى صحة الشرط المخالف وتخصيص أدلّة بطلان المخالف مع انحفاظ مخالفته للكتاب بعد الاشتراط بأن يقال إنّ هذا الأمر المخالف للكتاب مع فرض مخالفته نافذ فإنه كما عرفته يرجع إلى المناقضة ، وأمّا بلحاظ دليل الاشتراط الذي فرضنا ورود الدليل على كونه نافذاً في مورد مع كون

ــ[39]ــ

متعلّقه في نفسه مخالفاً للكتاب فلا مانع من الالتزام بصحته ونفوذه ، وبهذا اللحاظ أي لحاظ تعلّق الشرط به يخرج عن كونه مخالفاً ، إذ المفروض أنّ الدليل دلّ على صحته عند تعلّق الشرط به كما في النذر وهذا ظاهر .

والمتحصّل إلى هنا : أنّ الشرط إذا تعلّق بترك واجب أو بفعل حرام فهو من الشرط المخالف للكتاب فلا ينفذ ، وقد عرفت أنّ المراد بالمخالف ما يكون كذلك قبل أن يقع عليه الشرط ، لأنّ المخالف موضوع للشرط الباطل فلابدّ من أن يكون كذلك في نفسه مع قطع النظر عن تعلّق الشرط به ، وعليه فلا يفرّق في الحكم بالبطلان بين ما إذا كان لدليل حرمة الشيء إطلاق يشمل صورة تعلّق الشرط به أيضاً أم لم يكن له إطلاق يشمل الصورة المذكورة كما إذا ثبت حرمته بدليل لبّي أو لفظي ليس في مقام البيان ، فإنّ المفروض أنه متّصف بالمخالفة مع الكتاب في نفسه مع قطع النظر عن كونه واقعاً في مورد الشرط ، وقد عرفت أنّ موضوع الحكم بالبطلان هو ما اتّصف بالمخالفة في نفسه فيكون اشتراطه في ضمن العقد باطلا لا محالة ، هذا كلّه فيما إذا اشترط فعل حرام أو ترك واجب .

وثالثة يتعلّق الشرط على اعتبار من الاعتبارات كاشتراط كون شيء ملكاً لأحد أو كون غير الوارث وارثاً أو كون الحر عبداً أو كون المرأة مطلّقة ، وتفصيل الكلام في هذا القسم من الاشتراط بعد وضوح أنّ المعلّق عليه وهو اعتبار المشروط عليه حاصل فالمعاملة متحقّقة ، هو أنّ الاعتبار الذي اشترط في العقد تارةً يكون تحت يد المشروط عليه واختياره بحيث له هذا الاعتبار ابتداءً أيضاً وإن لم يقع في ضمن المعاملة ، وهذا كما في الوصية فإنه يتمكّن من أن يملّك ثلث ماله لزيد بعد وفاته ، واعتبار كون الثلث ملكاً لآخر تحت اختياره ، وكذا التمليك لأنه أيضاً مقدور له والشارع أعطى اختياره بيد نفس المكلّف ، وفي هذه الصورة لا مانع من صحة اشتراطه في ضمن العقد وبقوله يتحقّق الاعتبار المشروط لا محالة ، فله أن

ــ[40]ــ

يشترط اعتبار ثلثه ملكاً لأحد في المعاملة وبقبول ذلك يتحقّق الوصية ، ومن هذا القبيل أيضاً الوكالة في أمر ولو في طلاق امرأة وهذا ظاهر .

واُخرى لا يكون اختيار ذلك الاعتبار تحت قدرة المكلّف لأنه غير نافذ شرعاً نظير اشتراط كون الحرّ عبداً ، لأنّ اعتبار العبدية في الأحرار غير نافذ في الشرع ، أو من جهة توقّفه على مبرز خاص ولا ينفذ بدونه كما في النكاح والطلاق ونحوهما لأنّهما مشروطان بسبب ومبرز خاص كقوله أنت طالق أو فلانة طالق لأنه لا يقع بغيرها كالجملة الفعلية ونحوها كطلّقت فلانة ، وفي مثل ذلك يكون اشتراط الاعتبار اشتراط أمر مخالف للشرع فلا يقع صحيحاً ، لأنّ المفروض أنّ الاعتبار المفروض غير نافذ شرعاً فكيف يقع صحيحاً عند تعلّق الاشتراط به .

نعم لو لم يعتبر فيه مبرز خاص لما كان في صحة اشتراطه إشكال ، مثلا إذا لم نعتبر في النكاح صيغة خاصّة فلا مانع من اشتراط اعتبار كون المرأة زوجة لأحد أو كون الرجل زوجاً لامرأة وهذا ظاهر . وبالجملة المناط في اشتراط الاعتبار هو كون الاعتبار ممّا اختياره بيد المكلّف أو أنه خارج عن اختياره .

نعم ، هذا القسم أيضاً قابل للتخصيص والاستثناء كما إذا ورد منع عن اشتراط الوصية في ضمن عقد أو ورد صحة اشتراط اعتبار النكاح في ضمن العقود فإنه لا محيص من الالتزام بمفاد الدليل وبه يخرج عن كونه مخالفاً للشرع .

ورابعة يتعلّق الشرط على حكم شرعي وضعي أو تكليفي كما إذا اشترط كون غير الوارث وارثاً في حكم الشرع لا في اعتبار المشروط عليه كما في القسم الثالث أو كون شرب الخمر حلالا في حكم الله تعالى ، وقد ذكرنا سابقاً أنّ هذا يرجع إلى اشتراط فعل الغير وهو الشارع ولا معنى فيه للالتزام لأنه خارج عن قدرة الملتزم والمشروط عليه .

إلاّ أنه لا مانع من الالتزام بالخيار في هذه الصورة لما مرّ من أنه يرجع إلى

 
 

ــ[41]ــ

تعليق الالتزام بالمعاملة على تحقّق فعل الغير في الخارج ، ولازمه ثبوت الخيار للمشروط له لعدم تحقّق شرطه ، وليس اشتراط الخيار مشروطاً بفعل الشارع مخالفاً للشرع والكتاب فله أن يشترط لنفسه الخيار معلّقاً على أمر محرّم كشربه الخمر أو على ترك واجب كترك الصلاة أو مشروطاً بترك حرام كأن يقول بعتك بشرط أن يكون لي الخيار إن لم تشرب الخمر ، فإن جعل الخيار ولو على تقدير محرّم لا يكون مخالفاً للكتاب بوجه ، فإذا اشترطا حكماً من أحكام الشارع ولم يكونا عالمين به فيرجعان إلى الحاكم فإذا ظهر أنه مخالف لحكم الشارع وأنه لم يحكم بما اشترطاه فيثبت للمشروط له الخيار لا محالة ، هذا تمام الكلام في تميّز الشروط الصحيحة عن الشروط المخالفة للكتاب فيما إذا علمت المخالفة أو عدمها .

وأمّا إذا شك في أنّ شرطاً مخالف للكتاب أو أنه غير مخالف له فقد ذكر شيخنا الأنصاري (قدّس سرّه)(1) أنّ المرجع حينئذ أصالة عدم المخالفة ، وربما أرجع الأصل إلى أصالة عدم كون الحكم ثابتاً في متعلّق الشرط على وجه لا يرتفع بالاشتراط .

وأورد عليه شيخنا الاُستاذ (قدّس سرّه)(2) بأنّ أصالة عدم المخالفة في المقام من قبيل العدم المحمولي ، والذي يترتّب عليه الأثر هو العدم النعتي ، وإثبات النعتي باستصحاب العدم المحمولي غير صحيح ، وذلك لأنّ المخالفة بين الشرط والكتاب وإن لم تتحقّق قبل الشريعة المقدّسة بل بعدها أيضاً بمدّة ، إلاّ أنه من جهة عدم الحكم الشرعي حتى يخالفه الشرط أو لا يخالفه ، فاستصحاب عدمها من استصحاب العدم المحمولي والأثر مترتّب على عدم مخالفة هذا الشرط للحكم الشرعي ولم يتحقّق عدم المخالفة بينهما في زمان لنستصحبه ونرتّب عليه الآثار لأنه عدم نعتي ، وقد فصّل

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المكاسب 6 : 31 .

(2) منية الطالب 3 : 199 فما بعدها .

ــ[42]ــ

(قدّس سرّه) الكلام في ذلك في الاُصول(1) وفصّلناه أيضاً ، ونحن وإن أثبتنا في محلّه(2) جريان الاستصحاب في الأعدام الأزلية لأنّ ما يترتّب عليه الأثر هو عدم الاتّصاف وهو ممّا يمكن إحرازه بالأصل ، وعليه فلا مانع من استصحاب عدم المخالفة في المقام ، إلاّ أنّا نتكلّم في تطبيقه على المقام وأنه هل يكون الشك في المخالفة وعدمها فيما نحن فيه مورداً لاستصحاب عدم المخالفة أو لا لوجود أصل آخر لا يبقى معه مجال لاستصحاب عدم المخالفة ؟

والصحيح هو الثاني ، وذلك لأنّ الشك في مخالفة الشرط للكتاب تارةً من جهة بقاء حكم الشيء وارتفاعه في نفسه ، واُخرى من جهة أنّ الشرط هل يغيّر الحكم الثابت على الشيء أو لا يتغيّر به الحكم . أمّا إذا شككنا من جهة بقاء الحكم في نفسه فاستصحاب حرمة الشيء أو إباحته يثبتان حرمة الشيء أو إباحته ، وعلى الأول نعلم أنّ الشرط مخالف للكتاب كما أنه على الثاني نعلم أنه غير مخالف له ، ولا يبقى معه شك في المخالفة وعدمها حتى نجري أصالة عدم المخالفة ، كما أنه إذا كان هناك دليل اجتهادي على الحكم الشرعي لا يبقى معه شك في المخالفة وعدمها .

كما أنه إذا شككنا في أنّ الشارع هل أمضى الاعتبار الذي وقع مورداً للاشتراط أو لم يمض الاعتبار المذكور ، فإن كان هناك دليل اجتهادي يقتضي الامضاء أو عدمه فيرتفع معه الشك في المخالفة وعدمها ، وأمّا إذا لم يكن في البين دليل اجتهادي فاستصحاب عدم ترتّب الأثر على الاعتبار المذكور يقتضي فساد الاعتبار ويكون شرطه مخالفاً للكتاب ، ومعه لا تصل النوبة إلى أصالة عدم المخالفة وهو المعبّر عنه في المعاملات بأصالة الفساد ، بمعنى أنّا إذا شككنا في نفوذ معاملة

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أجود التقريرات 2 : 328 فما بعدها .

(2) محاضرات في اُصول الفقه 4 (موسوعة الإمام الخوئي 46) : 360 فما بعدها .

ــ[43]ــ

واعتبارها نبني على عدم نفوذها كما أنه إذا شك في أنّ اشتراط مثل شرب التتن مخالف أو غير مخالف لأنه لا يعلم حكم شرب التتن فيُبنى على عدم حرمة الشرب للأصل وبه يحرز أنّ اشتراطه غير مخالف ، ولا يبقى مورد حتى يرجع فيه إلى أصالة عدم المخالفة .

والمتحصّل : أنّا إن شككنا في صحة اعتبار معاملة وفسادها أي في حرمتها وضعاً فالأصل الموضوعي فيها يقتضي الفساد وعدم ترتّب الأثر عليها ، وإن كان الشك راجعاً إلى حرمته تكليفاً فالاُصول العملية تنقّح الموضوع والموافق لها غير مخالف للكتاب كما أنّ مخالفها مخالف للكتاب ، ولكن الظاهر أنّ مراده (قدّس سرّه) ليس هذه الصورة .

وأمّا إذا شككنا في المخالفة وعدمها من جهة الشك في أنّ الشرط هل يغيّر حكم الشيء ويرفعه أو لا كما هو ظاهر كلامه (قدّس سرّه) فهذا الشك لا يتحقّق على ما سلكناه ، حيث قلنا إنّ المراد بالمخالفة هو المخالفة قبل الاشتراط لأنها موضوع للحكم بالفساد ، وحينئذ إذا كان الشيء في نفسه محكوماً بالحرمة قبل الاشتراط فلا محالة يكون شرطه مخالفاً للكتاب كما أنه إذا كان محكوماً بالحلّية في نفسه لا يكون اشتراطه متّصفاً بالمخالفة وهذا ظاهر ، فعلى هذا المسلك لا يتحقّق شك في أنّ الشرط هل يغيّر الحكم أو لا ، فإنّ الشرط لا يغيّر الحكم واتّصافه بالمخالفة تابع لكون الشيء قبل اشتراطه متّصفاً بالمخالفة وهذا ظاهر ، ويكون نفس دليل المنع عن الوفاء بالشرط المخالف متعهّداً ومتكفّلا لبيان أنّ الشرط باق على حرمته وأنه لم ينقلب إلى غير الحرمة .

والمتحصّل : أنّا لا نكاد نشك في مخالفة شرط للكتاب ولا تصل النوبة إلى أصالة عدم المخالفة ، لأنّ الاُصول تنقّح موضوعها وتعيّن المخالف عن غيره ، فإنّ موافقها غير مخالف للكتاب ومخالفها مخالف للكتاب ، وإن كانت أصالة عدم المخالفة

ــ[44]ــ

جارية على مسكلنا في نفسها .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net