بقي اُمور ينبغي التنبيه عليها :
الأول : إذا بنينا على إرث الزوجة من الخيار أو قلنا بإرث غيرها من الورثة أو كان للبائع أو المشتري من الميت خيار وقد فسخ العقد من له الخيار ممّن أشرنا إليه ، فمقتضى كون الفسخ عبارة عن حلّ العقد من حينه وفرضه كالعدم من زمان تحقّقه رجوع كل من العوضين إلى ملك مالكه قبل المعاملة ، فإذا كان المبيع عقاراً وقد اشتراه الميت ثم مات ففسخه الورثة من الزوجة أو غيرها أو فسخه البائع فيما إذا كان له خيار ، فلا محالة ينتقل الثمن إلى ملك الميت والعقار إلى ملك البائع ثم يرث الورثة من الثمن ومنهم الزوجة لأنه ممّا تركه الميت ، إذ لا فرق في ماله بين كونه ملكاً له قبل موته وكونه ملكه بعد موته بتملّك جديد حصل بالفسخ ، وهذا ظاهر ولا إشكال فيه .
وأمّا إذا كان المبيع عقاراً وقد باعه الميت ثم فسخه أحد الورثة أو المشتري فقد ذكروا أنّ العقار ينتقل إلى الميت وينتقل الثمن إلى المشتري فيؤخذ الثمن من الورثة ومنهم الزوجة ويدفع إلى المشتري ، ولكنّه ممّا لم يتّضح لنا وجهه وذلك لأنه
ــ[134]ــ
على خلاف ما يقتضيه الفسخ في المعاملات ، إذ المفروض أنّ الثمن كان ملكاً للميت ولمّا مات قسّم بين الورثة ومنهم الزوجة لأنها ترث من النقود والثمن ، فإذا فسخ العقد ورجع العقار إلى ملك الميت فلابدّ من أن يخرج الثمن إلى المشتري من ملك الميت لا محالة لأنه مقتضى الفسخ في المعاوضات ، وحيث إنّ الميت لا مال له لخروج أمواله عن ملكه إلى ورثته نظير ما إذا أخرجه عن ملكه بالهبة والبيع ونحوهما من التصرفات ، فيكون مديوناً للمشتري بمقدار الثمن فيجب على الورثة بأجمعهم أن يؤدّوا دينه بالتوزيع بينهم ومنهم الزوجة ، لا أنّ الثمن يؤخذ من الورثة ومنهم الزوجة ويدفع إلى المشتري ، فإنّ الزوجة بعد ما ملكت حصتها من الثمن وكذا غيرها من الورثة يحتاج إخراجه عن ملكها إلى مخرج جديد ولا مخرج له عن ملكها كما هو واضح ، إذ العقار لا ترجع إليها حتى يخرج مقابلها من كيسها وقد قلنا إنّ الفسخ حل العقد من حينه وهو يفيد ملكية جديدة لا أنه حل العقد من أصله وارجاع للملكية القديمة ، وإنما يرجع إلى الميت وهو المطالب بالثمن ، ويكون ذلك من قبيل ديون الميت يجب على الورثة ومنهم الزوجة أن يخرجوا عن عهدة ديونه بحسب حصصهم ولا يستردّ من الزوجة ما وصل إليها من الثمن بحصتها ، وبين الأمرين فرق ظاهر والثمرة بينهما ظاهرة .
|