القول فيما لو كان الخيار لأجبني ومات
إذا بنينا على إرث الخيار فيما إذا كان لأحد المتعاقدين ثم مات وقلنا بانتقاله إلى ورثته فهل الأمر كذلك فيما إذا كان الخيار للأجنبي ثم مات فينتقل إلى ورثته أو أنه ينتقل إلى المتعاقدين أو أنه يسقط ؟ وجوه .
ذكر شيخنا الأنصاري (قدّس سرّه)(3) أنّ السقوط لا يخلو عن قوّة ، لاحتمال مدخلية نفس الأجنبي في ثبوت الخيار بأن يكون الخيار ثابتاً له بخصوصه وإذا مات يرتفع لا محالة .
وما أفاده وقوّاه من السقوط في المقام هو الصحيح ، إلاّ أنه لا من جهة ما اعتمد عليه من احتمال مدخلية شخص الأجنبي في ثبوته ، وذلك لأنّ محل الكلام هو
ــــــــــــ (3) المكاسب 6 : 127 .
ــ[155]ــ
ما إذا ثبت الخيار لخصوص الأجنبي لا للأعم منه ومن وارثه وإلاّ لخرج عن عنوان الارث ويثبت لوارثه من الابتداء ، ولكنّا مع فرض ثبوت الخيار لخصوص الأجنبي نتكلّم في جواز التعدّي عنه إلى وارثه من جهة أدلّة الإرث ، فالقطع بمدخلية خصوص الأجنبي لا يضرّ بانتقاله إلى وارثه فضلا عن احتمال مدخليته سيّما في الخيارات المجعولة شرعاً لأنها تختص بخصوص من جعل له دون الأعم ، ولكنّنا نثبته للورثة بأدلّة الارث ، إذن فلابدّ من المراجعة إلى أدلّة إرث الخيار لنرى أنها تقتضي انتقاله إلى الورثة في مثل ما إذا جعل للأجنبي أو لا .
فإن اعتمدنا في إرث الخيار على الاجماع فلا محالة يسقط الخيار بموت الأجنبي ، لأنّ الاجماع لم يقم على إرثه فيما إذا جعل للأجنبي ، وهذا ظاهر .
وأمّا إذا اعتمدنا على قوله (عليه السلام) « ما تركه الميت من حق فلوارثه »(1)فكذلك أيضاً ، إذ لا يصدق على خيار الأجنبي عنوان ما تركه من حق فإنه لا يعدّ حقاً بعد ما لم يكن موجباً لجلب منفعة للأجنبي ولا لدفع ضرر عنه ، ومجرد ملك حل العقد من دون أن يرجع إليه نفع أو دفع ضرر لا يعدّ حقّاً أو لا أقل نشك في صدقه عليه وهو يمنع عن التمسّك بالحديث فلا محالة يسقط ، هذا .
على أنّا ذكرنا أنّ حقيقة جعل الخيار ترجع إلى تحديد الملكية بالفسخ ، وفي المقام إنما حدّدناها بفسخ الأجنبي فإذا مات ارتفع فسخه فلا وجه لانتقاله إلى ورثته فيسقط .
ثم إنه وقع الكلام في أنه إذا جعل الخيار للعبد فهل هو كالحر وجعل الخيار له صحيح أو لا ؟ وعلى الثاني فهل يثبت الخيار لمولاه أو لا ؟ ونحن وإن جرت عادتنا على إلغاء المباحث الراجعة إلى العبيد والاماء ، إذ لا وجود لهما في الخارج إلاّ أنّا
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ] لم نعثر عليه في المجاميع الحديثية ، نعم أورده الفقهاء في كتبهم كالمسالك 12 : 341 [ .
ــ[156]ــ
نتعرّض لهذه المسألة في المقام لقصرها .
أمّا صحة جعل الخيار للعبد فالظاهر أنّها مما لا ينبغي الإشكال فيه ، وذلك لأنّ تصرّفات العبد فيما يرجع إلى نفسه وإن لم تكن نافذة على ما دلّت عليه الآية المباركة (عَبْداً مَمْلُوكاً لاَ يَقْدِرُ عَلَى شَيْء)(1) و ورد في بعض الأخبار(2) أيضاً مستدلا بأنّ تزويج العبد لنفسه أو طلاقه زوجته شيء وقد قال تعالى (عَبْداً مَمْلُوكاً لاَ يَقْدِرُ عَلَى شَيْء) إلاّ أنّ تصرفاته الراجعة إلى الغير كفسخ عقد الغير أو إمضائه مما لم يدلّ دليل على بطلانها ، لأنها لم يمنع عن حق مولاه فلا مانع من جعل الخيار للعبد .
وأمّا ثبوت خيار العبد لمولاه فهو أيضاً ممّا لا وجه له ، فإنّ مولاه ليس بوارث للعبد وقد منعنا عن ثبوت خيار الأجنبي لوارثه فضلا عن انتقاله إلى غير وارثه . ــــــــــــــ
(1) النحل 16 : 75 .
(2) الوسائل 22 : 101 / أبواب مقدّمات الطلاق ب45 ح1 .
|