اشتراط التأخير إلى مدّة لا يبقى إليها المتعاملان 

الكتاب : التنقيح في شرح المكاسب - الجزء الخامس : الخيارات-3   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3806


ثم إنّ اشتراط التأخير إلى مدّة طويلة متمادية لا مانع منه ما لم يصل إلى حدّ يرغب عنه العقلاء ولا يعتبرون المالية في تلك المدّة كما إذا باع شيئاً واشترط التأخير في ثمنه إلى عشرة آلاف سنة فإنّهم لا يعتبرون الثمن مالا بازاء المدّة المذكورة ، فتكون المعاملة أكلا للمال بالباطل وهو باطل ، وأمّا إذا لم يصل إلى ذلك الحدّ فلا مانع منه كما إذا اشترط التأخير إلى خمسين سنة فإنه أمر يرتكبه العقلاء فهل يجوز اشتراط مدّة لا يبقى إليها المتبايعان كما في اشتراط التأخير إلى مائة سنة أو مائتين أو لا يجوز؟

ربما يقال بعدم صحّة التأخير إلى مدّة لا يبقى إليها المتعاملان لوجهين : أحدهما أنّ اشتراط التأخير إلى المدّة المذكورة لغو ، فإنّ الموت قبل المدّة المذكورة يوجب حلول الدين ولا يبقى التأخير إلى المدّة المذكورة ، فاشتراطها والحال هذه


ــ[245]ــ

لغو لا يترتّب عليه ثمرة . وثانيهما : أنّ الاشتراط المذكور على خلاف الشرع ، لأنّ معناه أنّ الأجل لابدّ من تأخيره إلى المدة المذكورة وأنه لا يحل بالموت وهو خلاف الثابت في الشرع ، حيث إنّ الأجل والدين يحلاّن بالموت فيكون الشرط فاسداً وربما يكون مفسداً بناء على أنّ الشرط الفاسد مفسد .

والصحيح أنّ اشتراط التأخير إلى المدّة المذكورة لا مانع عنه ، والوجه في ذلك أنّ حلول الدين بالموت حكم شرعي موضوعه هو العقد والشرط الصحيحان في نفسهما ، ومن الظاهر أنّ اشتراط التأخير إلى مائة سنة أو أكثر ليس في نفسه مخالفاً للشرع واشتراطه أيضاً ليس بمحرّم شرعي ، ومن هنا يصحّ ذلك في المتعاقدين الباقيين إلى تلك المدّة (كما إذا كان أحدهما الإمام الغائب (عجّل الله تعالى فرجه) والآخر هو الخضر (عليه السلام)) ومن الظاهر أيضاً أنّ اشتراطهما التأخير إلى تلك المدّة ليس بمعنى كونه متأخراً إلى تلك المدة حتّى مع حكم الشارع بحلوله بالموت قبل المدة المذكورة ، فإذن اشتراط التأخير إلى مدّة مديدة لا يبقى إليها المتعاملان ليس على خلاف الشرع ، نعم لو قصد عدم حلوله حتى بالموت لكان فاسداً وعلى خلاف الشرع .

ومنه يظهر عدم اللغوية لأنهما إنما اشترطا التأخير إلى المدة المذكورة لأجل أنهما لو بقيا إليها ولو باعجاز من الله أو من أوليائه يتمكّنان من التأخير إليها وهذا يرفع اللغوية . ولولا ما ذكرناه لزم الالتزام بفساد أكثر المعاملات كما إذا اشترط التأخير إلى شهر مضبوط واتّفق موته بعد عشرة أيّام فإن لازم بطلان التأخير إلى أزيد من بقائهما استكشاف أنّ المعاملة في المثال كانت باطلة ، لكون التأخير فيها إلى مدة لم يبق إليها المتعاملان ، وهو كما ترى . إلى هنا تحصّل أنه يعتبر في النسيئة أن يكون التأخير إلى مدة مضبوطة معلومة .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net