(مسألة 45) : إذا طلب أحد الشريكين القسمة لزمت إجابته (4) ، سواء أكانت القسمة قسمة إفراز أم كانت قسمة تعديل . والأوّل : كما إذا كانت العين المشتركة متساوية الأجزاء من حيث القيمة، كالحبوب والأدهان والنقود وما شاكل ذلك . والثاني : كما إذا كانت العين المشتركة غير متساوية الأجزاء من جهة القيمة ، كالثياب والدور والدكاكين والبساتين والحيوانات وما شاكلها . ففي مثل ذلك لا بدّ أوّلاً من تعديل السهام من حيث القيمة ، كأن كان ثوب يسوى ديناراً، وثوبان يسوى كلّ واحد نصف دينار، فيجعل الأوّل سهماً والآخران سهماً ، ثمّ تقسّم بين الشريكين . وأمّا إذا لم يمكن القسمة إلاّ بالردّ، كما إذا كان المال المشترك بينهما سيّارتين تسوى إحداهما ألف دينار ـ مثلاً ـ والاُخرى ألفاً وخمسمائة دينار ، ففي مثل ذلك لا يمكن التقسيم إلاّ بالردّ ، بأن يردّ من يأخذ الأغلى منهما إلى الآخر مائتين وخمسين ديناراً ، فإن تراضيا بذلك فهو، وإلاّ بأن طلب كلّ منهما الأغلى منهما ـ مثلاً ـ عيّنت حصّة
ـــــــــــــــــــــــــ (4) لعموم السيرة المتقدّمة .
ــ[48]ــ
كلّ منهما بالقرعة (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) وذلك لأنّ القرعة لكلّ أمر مشكل .
وقد يقال : بأنّ القرعة تختصّ بما إذا كان هناك واقع مجهول ، وأمّا في غير ذلك فلا وجه للرجوع إلى القرعة فيه .
ولكنّه يندفع بأنّ بعض روايات القرعة وإن اختصّت بما إذا كان هناك واقع مجهول إلاّ أنّ بعضها عامّ :
منها : صحيحة إبراهيم بن عمر عن أبي عبدالله (عليه السلام) : في رجل قال : أوّل مملوك أملكه فهو حرّ ، فورث ثلاثة «قال : يقرع بينهم ، فمن أصابه القرعة اُعتق . قال : والقرعة سنّة» (1) .
ومنها : صحيحة منصور بن حازم ، قال : سأل بعض أصحابنا أبا عبدالله (عليه السلام) عن مسألة «فقال : هذه تخرج في القرعة . ثمّ قال : فأيّ قضـيّة أعدل من القرعة إذا فوّضوا أمرهم إلى الله عزّ وجلّ ، أليس الله يقول : (فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ ا لْمُدْحَضِينَ) (2) » (3) .
فإنّ الرواية الاُولى التي ورد الأمر بالقرعة فيها فيما لا واقع له قد جعل الإمام (عليه السلام) الرجـوع إلى القرعة في موردها صغرى لكبرى كلّيّة ، وهي أنّ القرعة سنّة .
وأمّا الصحيحة الثانية : فلاستدلاله سلام الله عليه لمشروعيّة القرعة بالآية
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 27 : 257 / أبواب كيفية الحكم ب 13 ح 2 .
(2) الصافات 37 : 141 .
(3) الوسائل 27 : 261 / أبواب كيفية الحكم ب 13 ح 17 .
ــ[49]ــ
(مسألة 46) : لو كان المال المشترك بين شخصين غير قابل للقسمة خارجاً، وطلب أحدهما القسمة ولم يتراضيا على أن يتقبّله أحدهما ويعطى الآخر حصّته من القيمة ، اُجبرا على البيع وقسّم الثمن بينهما (1) . ــــــــــــــــ
المباركة، فإنّ موردها ما ليس له واقع مجهول ، فتدلّ الصحيحتان على مشروعيّة القرعة حتى فيما ليس له واقع مجهول .
وقد يقال : إنّ القرعة في مورد الآية المباركة كان لها واقع ، فإنّ الحوت إنّما كان يطلب خصوص يونس على نبيّنا وآله وعليه السلام ، فلا تكون الرواية دالّة على مشروعيّة القرعة فيما إذا لم يكن هناك واقع مجهول .
ولكنّه يندفع بأنّ المطلوب للحوت وإن كان هو خصوص يونس (عليه السلام) بأمر الله سبحانه إلاّ أنّ ذلك لم يكن معلوماً لأهل السفينة ، وإلاّ أخذوه وألقوه في البحر بلا قرعة ، وأنّ أهل السفينة اعتقدوا أنّ الحوت إنّما يطلب شخصاً لا بعينه فأقرعوا بينهم لتعيين من يختارونه من أهل السفينة ، فالقرعة إنّما كانت لتعيين ما ليس له واقع عندهم . والإمام (عليه السلام) استدلّ بالآية المباركة على مشروعيّة القرعة في مثل هذا المورد .
(1) وذلك أيضاً للسيرة العقلائيّة الجارية بينهم على ذلك .
|