ــ[145]ــ
(مسألة 99) : يثبت الزنا واللواط والسحق بشهادة أربعة رجال(1)، ويثبت الزنا خاصّة بشهادة ثلاثة رجال وامرأتين أيضاً (2) ، وكذلك يثبت بشهادة رجلين وأربع نساء، إلاّ أ نّه لايثبت بها الرجم، بل يثبت بها الجلد فحسب (3) ،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) بلا خلاف ولا إشكال .
(2) على المشهور ، وتدلّ على ذلك عدّة روايات :
منها : صحيحة الحلبي عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، قال : سألته عن شهادة النساء في الرجم «فقال : إذا كان ثلاثة رجال وامرأتان ، وإذا كان رجلان وأربع نسوة لم تجز في الرجم» (1) .
ومنها : صحيحة عبدالله بن سنان ، قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول : «لاتجوز شهادة النساء في رؤية الهلال، ولايجوز في الرجم شهادة رجلين وأربع نسوة ، ويجوز في ذلك ثلاثة رجال وامرأتان» الحديث (2) .
(3) على المشهور ، أمّا ثبوت الجلد فلصحيحة الحلبي الاُخرى عن أبي عبدالله (عليه السلام) : أ نّه سُئِل عن رجل محصن فجر بامرأة ، فشهد عليه ثلاثة رجال وامرأتان «وجب عليه الرجم ، وإن شهد عليه رجلان وأربع نسوة فلا تجوز شهادتهم ، ولا يرجم ولكن يضرب حدّ الزاني» (3) .
ولكن ذهب جماعة ـ منهم : الصدوقان والعلاّمة في المختلف (4) ـ إلى عدم
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 27 : 351 / كتاب الشهادات ب 24 ح 3 .
(2) الوسائل 27 : 353 / كتاب الشهادات ب 24 ح 10 .
(3) الوسائل 28 : 132 / أبواب حد الزنا ب 30 ح 1 .
(4) فتاوى علي بن بابويه (رسالتان مجموعتان من فتاوى العلمين) : 134 ، المقنع : 402 ، المختلف 8 : 472 .
ــ[146]ــ
ولا يثبت شيء من ذلك بشهادة رجلين عدلين (1) ،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثبوت الحدّ بذلك أيضاً ، للأصل .
واحتجّ في المختلف بأ نّه لو ثبت الزنا بشهادتهنّ لثبت الرجم .
وفيه : أ نّه لا وجه للتمسّك بالأصل مع وجود الدليل في المسألة . والملازمة ممنوعة ، فلا مانع من القول بالتفكيك إذا دلّ عليه دليل .
وأمّا عدم ثبوت الرجم فلهذه الصحيحة والصحيحتين المتقدّمتين المصرّحتين بعدم ثبوته بذلك .
وعن الشيخ في الخلاف : ثبوت الحدّ دون الرجم بشهادة رجل واحد وستّ نساء (1) . ولا دليل عليه ، فالمتّبع ما ذكرناه .
وعن الإسكافي : إلحاق اللواط والسحق بالزنا في ثبوتهما بشهادة ثلاثة رجال وامرأتين ، وبشهادة رجلين وأربع نسوة (2) .
لكنّه ضعيف ، لعدم الدليل عليه ، ولما يأتي من عدم قبول شهادة النساء في الحدود (3) .
(1) أمّا بالإضافة إلى الزنا فلا إشكال ولا خلاف ، وتدلّ على ذلك عدّة نصوص :
منها : صحيحة الحلبي عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : حدّ الرجم أن يشهد أربع أ نّهم رأوه يدخل ويخرج» (4) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الخلاف 6 : 251 .
(2) حكاه في المختلف 8 : 470 .
(3) في ص 149 .
(4) الوسائل 28 : 94 / أبواب حد الزنا ب 12 ح 1 .
ــ[147]ــ
ومنها : صحيحة محمّد بن قيس عن أبي جعفر (عليه السلام) «قال : قال أمير المؤمنين (عليه السلام): لا يجلد رجل ولا امرأة حتى يشهد عليهما أربعة شهود على الإيلاج والإخراج» الحديث(1).
وأمّا اللواط والسحق فقد ألحقهما الأصحاب من دون خلاف بالزنا . والظاهر أنّ المسألة متسالم عليها ، فقد ادّعي الإجماع في كلماتهم، وقال الشهيد (قدس سره) في المسالك: في معناه ـ الزنا ـ اللواط والسحق عندنا (2) .
أقول : وتدلّ على ذلك الآية الكريمة : (وَاللاتِي يَأْتِينَ ا لْفَاحِشَةَ مِن نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنكُمْ، فَإِن شَهِدُوْا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي البُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ ا لْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً) (وَاللذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُما) الآية (3) ، على ما بيّناه مفصّلاً في البيان (4) .
وملخّصه : أنّ المراد من الفاحشـة فيها لو لم تكن خصوص المساحقة فلا أقلّ من أ نّها تعمّها . وعلى هذا فلا تثبت المساحقة إلاّ بأربعة شهداء . هذا من ناحية .
ومن ناحية اُخرى : أنّ المراد من الآية الثانية هو اللواط ، وحيث إنّه لم يذكر فيها طريق ثبوته فيعلم من ذلك أنّ طريق ثبوته هو الطريق المذكور في الآية الكريمة المتقدّمة ، وهو أربعة شهداء .
هذا ، ويمكن الاستدلال عليه بما ورد في الزنا من أنّ الإقرار شهادة ، فكما
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 28 : 97 / أبواب حد الزنا ب 12 ح 11 .
(2) المسالك 14 : 246 .
(3) النساء 4 : 15 ، 16 .
(4) البيان : 308 ـ 311 .
ــ[148]ــ
وهذا بخلاف غيرها من الجنايات الموجبة للحدّ ، كالسرقة وشرب الخمر ونحوهما (1). ولايثبت شيء من ذلك بشهادة عدل وامرأتين ولابشاهد ويمين ، ولا بشهادة النساء منفردات (2) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يثبت الزنا بأربع شهادات يثبت بأربعة إقرارات ، وهو صحيحة أصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) (1) على رواية الشيخ الصدوق (قدس سره) ، فإذا كان كلّ إقرار شهادة وضمّ ذلك بما دلّ على أنّ اللواط لا يثبت إلاّ بأربعة إقرارات ـ كما في صحيحة مالك بن عطيّة (2) ـ أنتج : أنّ اللواط لا يثبت إلاّ بأربع شهادات ، فإذا ثبت ذلك في اللواط ثبت في المساحقة أيضاً بعدم القول بالفصل جزماً .
ويؤيّد ذلك بما روي عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أ نّه قال : «السحق في النساء بمنزلة اللواط في الرجال» الحديث (3) .
(1) وذلك لعمومات أدلّة حجّيّة البيّنة مع ورود النصّ الخاصّ في بعضها كالسرقة .
(2) فإنّ ثبوت شيء بهذه الاُمور يختصّ بموارد خاصّة على ما سيأتي (4) ، والأشياء المذكورة ليست منها .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 28 : 38 / أبواب مقدمات الحدود ب 16 ح 6 ، الفقيه 4 : 21 / 51 .
(2) الوسائل 28 : 161 / أبواب حد اللواط ب 5 ح 1 .
(3) الوسائل 28 : 166 / أبواب حد السحق والقيادة ب 1 ح 3 .
(4) في ص 152 ـ 157 .
|