(مسألة 101) : تثبت الديون والنكاح والدية بشهادة رجل وامرأتين(2) ، وأمّا الغصب والوصيّة إليه والأموال
ـــــــــــــــــــــــــ (2) أمّا الديون : فبلا خلاف بين الأصحاب ، بل ادّعي عليه الإجماع ، وتدلّ على ذلك الآية الكريمة : (فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ) (3) ، وعدّة نصوص :
منها : صحيحة الحلبي المتقدّمة .
ومنها : معتبرة داود بن حصين عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، قال : سألته عن شهادة النساء في النكاح بلا رجل معهنّ إذا كانت المرأة منكرة «فقال : لا بأس به ـ إلى أن قال : ـ وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) يجيز شهادة المرأتين في النكاح عند الإنكار ، ولا يجيز في الطلاق إلاّ شاهدين عدلين» فقلت : فأنّى ذكر الله تعالى قوله : (فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ) ؟ «فقال : ذلك في الدين ، إذا لم يكن
ــــــــــــــ (3) البقرة 2 : 282 .
ــ[153]ــ
رجلان فرجل وامرأتان» الحديث (1) .
وأمّا النكاح : فعن جماعـة عدم قبول شهادتهنّ مع الرجال ، منهم : المفيد والديلمي وابن حمزة والحلّي (2) ، وعن الصيمري : نسبته إلى المشهور (3) .
وعن جماعة كثيرة من المتقدّمين : القبول ، منهم : الصدوقان والإسكافي والعماني والحلبي (4) وغيرهم ، ونسب ذلك إلى أكثر المتأخّرين ، بل عن الغنية دعوى الإجماع على ذلك (5) .
ومنشأ الخلاف اختلاف الروايات ، وهي على طوائف :
فمنها : ما دلّ على عدم قبول شهادة النساء فيه مطلقاً ، كمعتبرة السكوني المتقدّمة (6) .
ومنها : ما دلّ على قبول شهادتهنّ فيه مطلقاً ، وهي عدّة روايات كلّها ضعاف ، منها : رواية زرارة ، قال : سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن شهادة النساء تجوز في النكاح ؟ «قال : نعم» الحديث (7) .
ومنها : ما دلّ على قبول شهادتهنّ إذا كان معهنّ رجل ، كصحيحة الحلبي
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 27 : 360 / كتاب الشهادات ب 24 ح 35 . والآية في البقرة 2 : 282 .
(2) المقنعة : 727 ، المراسم : 233 ، الوسيلة : 222 ، السرائر 2 : 139 .
(3) غاية المرام 4 : 295 .
(4) فتاوى علي بن بابويه (رسالتان مجموعتان من فتاوى العلمين) : 132 ، المقنع : 402 ، حكاه عنه الاسكافي في المختلف 8 : 461، فتاوى ابن عقيل (رسالتان مجموعتان من فتاوى العلمين) : 151 ، الكافي في الفقه : 439 .
(5) الغنية 2 : 439 .
(6) في ص 149 .
(7) الوسائل 27 : 354 / كتاب الشهادات ب 24 ح 11 .
ــ[154]ــ
المتقدّمة ، ورواية أبي بصير ، قال : سألته عن شهادة النساء ـ إلى أن قال : ـ «وتجوز شهادة النساء في النكاح إذا كان معهنّ رجل» (1) .
وهذه الطائفة تكون شاهد جمع بين الطائفتين الاُولتين ، على أنّ الطائفة الثانية غير قابلة للاعتماد عليها في نفسها ، وإطلاق معتبرة السكوني يقيَّد بصحيح الحلبي .
بقي هنا شيء : وهو أنّ معتبرة داود بن الحصين المتقدّمة قد دلّت على قبول شهادة المرأتين في النكاح بلا رجل معهنّ، لكنّها ـ مع شذوذها وهجرها وعدم عامل بها ـ معارضة بمعتبرة السكوني ، وبمفهوم صحيحة الحلبي ورواية أبي بصير، والمرجع بعد التساقط هو العمومات الدالّة على عدم قبول شهادة النساء .
فالنتيجة : أ نّه تقبل شهادة النساء ، في النكاح إذا كان معهنّ رجل ، ولا تقبل شهادتهنّ إذا لم يكن معهنّ رجل .
وأمّا الدية : فلما تقدّم من ثبوت القتل بشهادة النساء ، وإنّما المنفي ثبوت القود . ولا فرق في ذلك بين ما كانت الدية ثابتة بالأصالة ـ كما في القتل الخطائي وشبه العمد ، وقتل الحرّ العبد ، وقتل الوالد الولد ، وقتل المسلم الذمّي وما شاكل ذلك ـ وما لم تكن ثابتة بالأصالة ـ كما في القتل العمدي ـ وذلك فإنّه إذا ثبت القتل بشهادة النساء ـ لأ نّه لا يبطل دم امرئ مسلم ، كما في صحيح الحلبي ، ولم يجز القود ـ ثبتت الدية لا محالة .
ثمّ إنّ عن جماعة ـ منهم : الشيخ في المبسوط والفاضل (2) ـ ثبوت القصاص
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 27 : 351 / كتاب الشهادات ب 24 ح 4 .
(2) في المبسوط 8 : 72 و 7 : 248 و 250 خلاف ذلك ، نعم وجدناه في النهاية : 333 ، إرشاد الأذهان 2 : 159 .
ــ[155]ــ
والمعاوضات والرهن فالمشهور أ نّها تثبت بها ، وكذلك الوقف والعتق على قول جماعة ، ولكنّ الجميع لا يخلو عن إشكال (1) ، والأقرب عدم الثبوت .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بشاهد وامرأتين ، وهو مختار المحقق هنا (1) ، ولكنّه اختار عدم ثبوته بهما في باب القصاص (2) ، فبين عبارتيه تهافت . وكيف كان ، فالظاهر عدم الثبوت كما عرفت .
(1) وجه الإشكال : أ نّه لا دليل على اعتـبار شهادة المرأتين منضمّـة مع شهادة رجل واحد في الموارد المزبورة ، ومقتضى الأصل عدم جواز شهادتهنّ فيما لم يرد دليل على الجواز ، مضافاً إلى ما تقدّم من الإطلاقات الدالّة على عدم قبول شهادة النساء .
وقد استدلّ على القبول بعدّة اُمور :
الأوّل : الآية الكريمة الدالّة على قبول شهادة المرأتين في الدين منضمّة إلى شهادة الرجل ، بدعوى إلغاء خصوصيّة المورد ، وأنّ شهادة المرأتين تقوم مقام شهادة رجل واحد .
ويرد عليه أوّلاً : أ نّه لا وجه للتعدّي مع عدم القرينة على إلغاء خصوصيّة المورد .
وثانياً : أنّ معتبرة داود بن حصين المتقدّمة دالّة على اختصاص الحكم في الآية المباركة بالدين .
وثالثاً : أنّ الروايات المتقدّمة تدلّ بإطلاقها على عدم قبول شهادة النساء
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) لاحظ الشرائع 4 : 140 .
(2) الشرائع 4 : 224 .
|