(مسألة 105) : يثبت بشهادة المرأة الواحدة ربع الموصى به للموصى له(2)،
ــــــــــــــــــــــــــ (2) بلا خلاف ظاهر ، وتدلّ على ذلك عدّة نصوص :
منها : صحيحة ربعي عن أبي عبدالله (عليه السلام): في شهادة امرأة حضرت رجلاً يوصي ليس معها رجل «فقال : يجاز ربع ما أوصى بحساب شهادتها» (2) .
ومنها : معتبرة أبان عن أبي عبدالله (عليه السلام) أ نّه قال : في وصيّة لم يشهدها إلاّ امرأة فأجاز شهادتها في الربع من الوصية بحساب شهادتها (3) .
ومنها : صحيحة محمّد بن قيس عن أبي جعفر (عليه السلام) عن أمير المؤمنين (عليه السلام) «أ نّه قضى في وصيّة لم يشهدها إلاّ امرأة ، فأجاز شهادة المرأة في ربع الوصيّة» (4) .
ـــــــــــــــ (2) الوسائل 19 : 316 / كتاب الوصايا ب 22 ح 1 .
(3) الوسائل 19 : 317 / كتاب الوصايا ب 22 ح 2 .
(4) الوسائل 19 : 317 / كتاب الوصايا ب 22 ح 4 .
ــ[161]ــ
ومنها : صحيحته الاُخرى ، قال : قال أبو جعفر (عليه السلام) : «قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في وصيّة لم يشهدها إلاّ امرأة أن تجوز شهادة المرأة في ربع الوصيّة إذا كانت مسلمة غير مريبة في دينها» (1) .
ولا تعارض هذه الروايات صحيحة عبدالرحمن ، قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن المرأة بحضرها الموت وليس عندها إلاّ امرأة، تجوز شهادتها ؟ «قال : تجوز شهادة النساء في العذرة والمنفوس ، وقال : تجوز شهادة النساء في الحدود مع الرجل» (2) .
فإنّها وإن دلّت بالإطلاق في مقام البيان على عدم قبول شهادة النساء في الوصيّة التمليكـيّة أيضاً بالمال ، إلاّ أ نّه يرفع اليد عن الإطلاق بما تقدّم من الروايات الدالّة على قبول شهادة المرأة الواحدة في ثبوت ربع الوصيّة .
وبذلك يظهر الجواب عن صحيحة أبان عن عبدالله بن سنان (سليمان) ، قال : سألته عن امرأة حضرها الموت وليس عندها إلاّ امرأة، أتجوز شهادتها ؟ «فقال: لا تجوز شهادتها إلاّ في المنفوس والعذرة» (3) .
كما أنّ بذلك يظهر الجواب عن رواية إبراهيم بن محمّد الهمداني، قال: كتب أحمد بن هلال إلى أبي الحسن (عليه السلام) : امرأة شهدت على وصيّة رجل لم يشهدها غيرها، وفي الورثة من يصدّقها، ومنهم من يتّهمها فكتب (عليه السلام) : «لا ، إلاّ أن يكون رجل وامرأتان ، وليس بواجب أن تنفذ شهادتها» (4) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 19 : 317 / كتاب الوصايا ب 22 ح 3 .
(2) الوسائل 19 : 318 / كتاب الوصايا ب 22 ح 6 .
(3) الوسائل 19 : 318 / كتاب الوصايا ب 22 ح 7 .
(4) الوسائل 19 : 319 / كتاب الوصايا ب 22 ح 8 .
ــ[162]ــ
كما يثبت ربع الميراث للولد بشهادة القابلة باستهلاله (1) ،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على أ نّها ضعيفة سنداً ، لعدم ثبوت وثاقة إبراهيم بن محمّد .
بقي هنا شيء : وهو أنّ حمّاداً روى في الصحيح عن الحلبي ، قال : سُئِل أبو عبدالله (عليه السلام) عن امرأة ادّعت أ نّه أوصى لها في بلد بالثلث ، وليس لها بيّنة «قال : تصدّق في ربع ما ادّعت» (1) .
وهذه الصحيحة شاذّة لا عامل بظاهرها منّا ، فهي مطروحة أو مؤوّلة .
(1) بلا خلاف ظاهر ، وتدلّ على ذلك عدّة روايات :
منها : صحيحة عمر بن يزيد ، قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل مات وترك امرأته وهي حامل ، فوضعت بعد موته غلاماً ، ثمّ مات الغلام بعد ما وقع إلى الأرض ، فشهدت المرأة التي قبّلتها أ نّه استهلّ وصاح حين وقع إلى الأرض ثمّ مات «قال: على الإمام أن يجيز شهادتها في ربع ميراث الغلام» (2) .
ومنها: معتبرة سماعة، قال: «قال: القابلة تجوز شهادتها في الولد على قدر شهادة امرأة واحدة»(3).
ثمّ إنّ المستفاد من بعض الروايات قبول شهادة القابلة في ثبوت تمام الإرث ، كصحيحة عبدالله بن سنان ، قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول : «لا تجوز شهادة النساء في رؤية الهلال ـ إلى أن قال : ـ وتجوز شهادة القابلة وحدها في المنفوس» (4) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 19 : 317 / كتاب الوصايا ب 22 ح 5 .
(2) الوسائل 27 : 352 / كتاب الشهادات ب 24 ح 6 .
(3) الوسائل 27 : 357 / كتاب الشهادات ب 24 ح 23 .
(4) الوسائل 27 : 353 / كتاب الشهادات ب 24 ح 10 .
ــ[163]ــ
بل بشهادة مطلق المرأة وإن لم تكن قابلة (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومثلها صحيحة الحلبي عن أبي عبدالله (عليه السلام) : أ نّه سُئِل عن شهادة النساء في النكاح ـ إلى أن قال : ـ وسألته عن شهادة القابلة في الولادة «قال : تجوز شهادة الواحدة، وقال: تجوز شهادة النساء في المنفوس والعذرة» الحديث (1).
فإنّ مقتضى هاتين الصحيحتين ثبوت تمام الإرث بشهادة القابلة ، إلاّ أ نّه لا بدّ من رفع اليد عن إطلاقهما بصحيحة عمر بن يزيد ومعتبرة سماعة .
(1) فإنّ المستفاد من عدّة روايات : أنّ الحكم لا يختصّ بالقابلة ، بل يعمّ الحكم مطلق المرأة ، فتثبت الولادة بشهادتها :
منها : صحيحة محمّد بن مسلم ، قال : سألته تجوز شهادة النساء وحدهنّ ؟ «قال : نعم ، في العذرة والنفساء» (2) .
ومنها : صحيحة العلاء عن أحدهما (عليهما السلام) «قال : لا تجوز شهادة النساء في الهلال» وسألته هل تجوز شهادتهنّ وحدهنّ ؟ «قال : نعم ، في العذرة والنفساء» (3) .
ومنها: صحيحة عبدالرحمن، قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام)عن المرأة يحضرها الموت وليس عندها إلاّ امرأة، تجوز شهادتها؟ «قال: تجوز شهادة النساء في العذرة والمنفوس» الحديث(4).
فإنّ مقتضى إطلاق هذه الروايات عموم الحكم لغير القابلة ، وليس في
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 27 : 351 / كتاب الشهادات ب 24 ح 2 .
(2) الوسائل 27 : 356 / كتاب الشهادات ب 24 ح 19 .
(3) الوسائل 27 : 356 / كتاب الشهادات ب 24 ح 18 .
(4) الوسائل 27 : 356 / كتاب الشهادات ب 24 ح 21 .
ــ[164]ــ
وإذا شهدت اثنتان ثبت النصف (1) ، وإذا شهدت ثلاث نسوة ثبت ثلاثة أرباعه ،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الروايات ما يقتضي تقييد الحكم بها . على أنّ المستفاد من صحيحة الحلبي المتقدّمة : أنّ القابلة لا خصوصيّة لها ، وإنّما تقبل شهادتها باعتبار أ نّها واحدة ، فتجوز شهادة الواحدة وإن لم تكن قابلة ، ولذلك قال (عليه السلام) ـ بعد قوله : «تجوز شهادة القابلة» ـ : «تجوز شهادة النساء في المنفوس والعذرة» ، فقد بيّن (عليه السلام) حكماً كلّيّاً وطبّقه على مورد السؤال، وهو شهادة الواحدة . ويستفاد ذلك من صحيحة عبدالله بن سنان الآتية أيضاً .
(1) فإنّه يستفاد ذلك من قوله (عليه السلام) في صحيحة ربعي المتقدّمة (1) : «يجاز ربع ما أوصى بحساب شهادتها» .
وقوله (عليه السلام) في معتبرة سماعة : «القابلة تجوز شهادتها في الولد على قدر شهادة امرأة واحدة» ، حيث يستفاد منها ثبوت النصف بشهادة امرأتين .
على أنّه ورد في صحيحة عبدالله بن سنان التصريح بذلك، قال: سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول: «تجوز شهادة القابلة في المولود إذا استهلّ وصاح في الميراث ، ويورث الربع من الميراث بقدر شهادة امرأة واحدة» قلت: فإن كانت امرأتين؟ «قال: تجوز شهادتهما في النصف من الميراث»(2).
وبها يقيّد إطلاق معتبرة أبي بصير عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : «قال : يجوز شهادة امرأتين في استهلال» (3) ، فإنّها تقيّد بالجواز في نصف الميراث .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في ص 160 .
(2) الوسائل 27 : 364 / كتاب الشهادات ب 24 ح 45 .
(3) الوسائل 27 : 362 / كتاب الشهادات ب 24 ح 41 .
ــ[165]ــ
وإذا شهدت أربع نسوة ثبت الجميع (1) ، وفي ثبوت ربع الدية بشهادة المرأة الواحدة في القتل ، ونصفها بشهادة امرأتين ، وثلاثة أرباعها بشهادة ثلاث ، إشكال وإن كان الأقرب الثبوت (2) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) يظهر الوجه في ذلك ممّا تقدّم .
(2) خلافاً للمشهور ، وذلك لصحيحة محمّد بن قيس عن أبي جعفر (عليه السلام) «قال : قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في غلام شهدت عليه امرأة أ نّه دفع غلاماً في بئر فقتله ، فأجاز شهادة المرأة بحساب شهادة المرأة» (1) .
ومقتضى إطلاق الصحيحة عدم الفرق بين أن تكون الشهادة على القتل متعمّداً أو غير متعمّد ، كما أنّ مقتضى قوله (عليه السلام) : «بحساب شهادة المرأة» ثبوت النصف بشهادة امرأتين، وثبوت ثلاثة أرباع بشهادة ثلاث نسوة . وأمّا ثبوت تمام الدية فقد تقدّم الكلام فيه (2) .
ثمّ إنّ هذه الصحيحة رواها الصدوق في الفقيه وأسقط قوله : «بحساب شهادة المرأة»، ولكن ذلك لايضرّ، فإنّ عدم ذكر هذه الجملة لايدلّ على عدم وجودها ، على أ نّه لابدّ من حملها على ذلك ، إذ لا شكّ في عدم قبول شهادة المرأة الواحدة في تمام الدية .
ويؤيّده ما رواه عبدالله بن الحكم ، قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن امرأة شهدت على رجل أ نّه دفع صبيّاً في بئر فمات «قال : على الرجل ربع دية الصبي بشهادة المرأة» (3) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 27 : 357 / كتاب الشهادات ب 24 ح 26 ، الفقيه 3 : 31 / 96 .
(2) في ص 154 .
(3) الوسائل 27 : 359 / كتاب الشهادات ب 24 ح 33 .
ــ[166]ــ
ولا يثبت بشهادة النساء غير ذلك (1) . ــــــــــــــــــــــ
(1) وذلك لما تقدّم من الإطلاقات الدالّة على عدم قبول شهادتهنّ إلاّ في الموارد الخاصّة المتقدّمة .
|