(مسألة 106) : لا يعتبر الإشهاد في شيء من العقود والإيقاعات (2) إلاّ في الطلاق(3)
ـــــــــــــــــــــــــــ (2) فإنّه يحتاج إلى دليل ، ولا دليل عليه ، ومقتضى الإطلاقات من الكتاب والسنّة عدم اعتباره .
(3) بلا خلاف عندنا ، ويدلّ على ذلك قوله تعالى : (وَأَشْهِدُوا ذَوَي عَدْل مِنْكُمْ) (1) ولو بضميمة ما ورد في بيان المراد منها من الروايات المستفيضة :
منها : صحيحة زرارة ومحمّد بن مسلم وبكير وبريد وفضيل وإسماعيل الأزرق ومعمّر بن يحيى عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليه السلام) ـ في حديث ـ أ نّه قال : «وإن طلّقها في استقبال عدّتها طاهراً من غير جماع ولم يشهد على ذلك رجلين عدلين فليس طلاقه إيّاها بطلاق» (2) .
ومنها : صحيحة أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، قال : سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن رجل طلّق امرأته بعد ما غشيها بشهادة عدلين «قال : ليس هذا طلاقاً» قلت : فكيف طلاق السنّة ؟ «فقال : يطلّقها إذا طهرت من حيضها قبل أن يغشيها بشاهدين عدلين ، كما قال الله عزّ وجلّ في كتابه» الحديث (3) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الطلاق 65 : 2 .
(2) الوسائل 22 : 26 / أبواب مقدمات الطلاق ب 10 ح 3 .
(3) الوسائل 22 : 26 / أبواب مقدمات الطلاق ب 10 ح 4 .
ــ[167]ــ
والظهار (1) . نعم ، يستحبّ الإشهاد في النكاح (2) ، والمشهور أ نّه يستحبّ في البيع والدّين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) من دون خلاف ، وتدلّ على ذلك عدّة روايات :
منها : صحيحة حمران ـ في حديث ـ قال : قال أبو جعفر (عليه السلام) : «لا يكون ظهار في يمين ، ولا في إضرار ، ولا في غضب ، ولا يكون ظهار إلاّ في طهر من غير جماع بشهادة شاهدين مسلمين» (1) .
ومنها : صحيحته الاُخرى عن أبي جعفر (عليه السلام) ـ في حديث ـ «قال : لا يكون ظهار إلاّ على طهر بغير جماع بشهادة شاهدين مسلمين» (2) .
(2) خلافاً للعامّة ، حيث ذهبوا إلى اعتبار الإشهاد في صحّة النكاح . وعن ابن أبي عقيل اختيار هذا القول في الدائم (3) .
واستدلّ على ذلك برواية مهلب الدلاّل: أ نّه كتب إلى أبي الحسن (عليه السلام): أنّ امرأة كانت معي في الدار ، ثمّ إنّها زوّجتني نفسها ، وأشهدت الله وملائكته على ذلك ، ثمّ إنّ أباها زوّجها من رجل آخر ، فما تقول ؟ فكتب (عليه السلام) : «التزويج الدائم لا يكون إلاّ بولي وشاهدين ، ولا يكون تزويج متعة ببكر ، استر على نفسك واكتم رحمك الله» (4) .
ومعتبرة المعلّى بن خنيس ، قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : ما يجزي في المتعة من الشهود ؟ «فقال : رجل وامرأتان يشهدهما» قلت : أرأيت إن لم
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 22 : 307 / كتاب الظهار ب 2 ح 1 .
(2) الوسائل 22 : 308 / كتاب الظهار ب 2 ح 4 .
(3) فتاوى ابن عقيل (رسالتان مجموعتان من فتاوى العلمين) : 125 .
(4) الوسائل 21 : 34 / أبواب المتعة ب 11 ح 11 .
ــ[168]ــ
يجد واحداً؟ «قال: إنّه لايعوزهم» قلت: أرأيت إن أشفق أن يعلم بهم أحد أيجزيهم رجل واحد؟ «قال : نعم» قال : قلت : جعلت فداك ، كان المسلمون على عهد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يتزوّجون بغير بيّنة ؟ «قال : لا» (1) .
أقول : إنّ الرواية الاُولى ضعيفة ، والثانية لا دلالة فيها على الوجوب في نفسها .
هذا ، مضافاً إلى استفاضة الروايات بعدم اشتراط النكاح بالإشهاد .
منها : صحيحة زرارة بن أعين ، قال : سُئِل أبو عبدالله (عليه السلام) عن الرجل يتزوّج المرأة بغير شهود «فقال : لا بأس بتزويج البتّة فيما بينه وبين الله ، إنّما جعل الشهود في تزويج البتّة من أجل الولد ، لولا ذلك لم يكن به بأس» (2) .
ومنها : صحيحة حفص بن البختري عن أبي عبدالله (عليه السلام) : في الرجل يتزوّج بغير بيّنة «قال : لا بأس» (3) .
وقد تحصّل من ذلك : أ نّه لا يعتبر الإشهاد في صحّة النكاح .
وأمّا استحبابه : فقد دلّت عليه عدّة من الروايات :
منها : معتبرة داود بن الحصين عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، قال : سألته عن شهادة النساء في النكاح بلا رجل معهنّ إذا كانت المرأة منكرة «فقال : لابأس به ـ إلى أن قال: ـ إنّ الله أمر في الطلاق بشهادة رجلين عدلين ، فأجازوا الطلاق بلا شاهد واحد ، والنكاح لم يجيء عن الله في تحريمه (عزيمة) فسنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في ذلك الشاهدين تأديباً ، ونظراً لئلاّ
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 21 : 65 / أبواب المتعة ب 31 ح 3 .
(2) الوسائل 20 : 98 / أبواب مقدمات النكاح ب 43 ح 3 .
(3) الوسائل 20 : 98 / أبواب مقدمات النكاح ب 43 ح 4 .
ــ[169]ــ
ونحو ذلك أيضاً (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ينكر الولد والميراث» الحديث (1) .
(1) على المشهور شهرة عظيمة ، واستدلّ على الاستحباب بالأمر بالإشهاد في المبايعة والدين في الآية الكريمة (يَا أَ يُّهَا ا لَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْن ـ إلى قوله تعالى : ـ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ ـ إلى قوله تعالى : ـ وَأَشْهِدُوْا إِذَا تَبَايَعْتُمْ)الآية (2) .
مع قيام الضرورة والسيرة القطعيّة على جواز البيع والدين بغير إشهاد ، كما استدلّ عليه بما ورد في عدّة من الروايات من عدم استجابة دعاء من كان له على غيره مال بدين أو غيره ولم يشهد على ذلك :
منها : معتبرة جعفر بن إبراهيم عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : أربعة لا يستجاب لهم دعوة ـ إلى أن قال : ـ ورجل كان له مال فأدانه بغير بيّنة ، فيقال له : ألم آمرك بالشهادة» (3) .
ومنها : معتبرة مسعدة ابن زياد عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : أصناف لا يستجاب لهم : منهم من أدان رجلاً ديناً إلى أجل، فلم يكتب عليه كتاباً، ولم يشهد عليه شهوداً» الحديث (4) .
ومنها : رواية عمر بن يزيد ، قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : رجل
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 27 : 360 / كتاب الشهادات ب 24 ح 35 .
(2) البقرة 2 : 282 .
(3) الوسائل 7 : 124 / أبواب الدعاء ب 50 ح 2 .
(4) الوسائل 7 : 126 / أبواب الدعاء ب 50 ح 7 .
|