ــ[183]ــ
(مسألة 119) : لو رجع الشاهدان عن شهادتهما في حقّ مالي وأبرزا خطأهما فيها قبل الحكم لم يحكم (1) ، ولو رجعا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) على المشهور شهرة عظيمة ، بل لم ينقل الخلاف إلاّ عن كشف اللثام فيما إذا كان الشاهدان معروفين بالعدالة والضبط (1) .
والدليل على ذلك هو انصراف أدلّة حجّيّة الشهادة عن مثل تلك الشهادة التي رجع الشاهدان عنها ، وقصور شمولها لها ، ويؤكّد ذلك عدم جريان السيرة العقلائيّة على حجّيّة خبر الثقة إذا رجع المخبر عن إخباره .
وتؤيّده مرسلة جميل بن دراج ، عمّن أخبره ، عن أحدهما (عليهما السلام) : قال : في الشهود إذا رجعوا عن شهادتهم وقد قضي على الرجل : «ضمنوا ما شهدوا به وغرموا ، وإن لم يكن قضي طرحت شهادتهم ولم يغرموا الشهود شيئاً» (2) .
أضف إلى ذلك : أنّ رجوع الشاهد عن شهادته وإبراز خطئه في الشهادة الاُولى شهادةٌ منه على نفي المشهود به سابقاً ، وبذلك تسقط الشهادة الاُولى للمعارضة .
وقد يستدلّ على ما نسب إلى كشف اللثام بصحيحة هشام بن سالم عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يأخذ بأوّل الكلام دون آخره» .
ولكن هذه الصحيحة لو تمّت فلا بدّ من حملها على الإنكار بعد الإقرار ، أو
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) كشف اللثام 2 : 389 (حجري) .
(2) الوسائل 27 : 326 / كتاب الشهادات ب 10 ح 1 .
ــ[184]ــ
بعده وبعد الاستيفاء وتلف المحكوم به لم ينقض الحكم وضمنا ما شهدا به (1) ،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على أخذ المتكلّم به ولو في الشهادة كما يأتي ذلك في معتبرة السكوني ، على ا نّها غير تامّة ، فإنّها وإن كانت كما ذكرناه في التهذيب المطبوع وفي الوافي (1) إلاّ أنّها مذكورة في نسخة صحيحة خطّيّة. وفي الوسائل هكذا: «كان أمير المؤمنين (عليه السلام) لايأخذ بأوّل الكلام دون آخره»(2) . وعليه ، فيكون على خلاف المطلوب أدلّ .
(1) بلا خلاف ولا إشكال بين الأصحاب ، بل ادّعي الإجماع على ذلك في كلمات غير واحد منهم ، ويدلّ عليه أمران :
الأوّل : عدم جواز نقض حكم الحاكم ، كما تشهد به الروايات الواردة في نفوذ القضاء .
الثاني : ما في بعض الروايات من إطلاق الإتلاف على شهادة شاهد الزور ، فإنّه يدلّ على الضمان في المقام أيضاً :
منها : صحيحة جميل عن أبي عبدالله (عليه السلام) في شاهد الزور «قال : إن كان الشيء قائماً بعينه رُدَّ على صاحبه، وإن لم يكن قائماً ضمن بقدر ما أتلف من مال الرجل» (3) .
وصحيحته الاُخرى عن أبي عبدالله (عليه السلام) في شهادة الزور : «إن كان قائماً ، وإلاّ ضمن بقدر ما أتلف من مال الرجل» (4) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) التهذيب 6 : 310 / 853 ، الوافي 16 : 913 .
(2) الوسائل 27 : 216 / أبواب آداب القاضي ب 4 ح 3 .
(3) الوسائل 27 : 327 / كتاب الشهادات ب 11 ح 2 .
(4) الوسائل 27 : 328 / كتاب الشهادات ب 11 ح 3 .
ــ[185]ــ
وكذا الحكم قبل الاستيفاء أو قبل التلف على الأظهر (1) . ـــــــــــــــــــــــــ
فمورد الصحيحتين وإن كان شهادة الزور إلاّ أ نّه لا خصوصيّة له من هذه الناحية ، فإنّ العبرة إنّما هي بإطلاق المتلف على الشاهد بشهادته . ومن هذه الناحية لا فرق بين مورد الكلام ومورد الصحيحتين .
وتؤكّد ذلك معتبرة السكوني ، عن جعفر، عن أبيه ، عن علي (عليهم السلام) «أنّ النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال : من شهد عندنا ثمّ غيّر أخذناه بالأوّل وطرحنا الأخير» (1) .
فإنّ الظاهر منها هو إلزام الشاهد بشهادته الاُولى ومؤاخذته عليها . ومن الواضح أنّ من مؤاخذته تضمينه ، ورواه الصدوق مرسلاً (2) ، وتؤيّده مرسلة جميل المتقدّمة .
(1) وفاقاً لأكثر الفقهاء ، وتدلّ على ذلك ـ بضميمة عدم جواز نقض حكم الحاكم ، كما تشهد به نصوص القضاء ـ الصحيحتان المتقدّمتان ، فإنّ مقتضى نفوذ القضاء هنا هو تلف المال من المشهود عليه وإن كان قائماً بعينه عند المشهود له ، وبما أنّ هذا التلف مستند إلى شهادة الشاهدين ـ لإسناد الإتلاف في الصحيحتين إلى الشاهد ـ فيحكم بضمانهما . وتؤيّد ذلك معتبرة السكوني الآنفة الذكر ، كما تؤيّده مرسلة جميل المتقدّمة . ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 27 : 328 / كتاب الشهادات ب 11 ح 4 .
(2) الوسائل 27 : 333 / كتاب الشهادات ب 14 ح 4 ، الفقيه 3 : 27 / 74 .
|