ــ[164]ــ
[ 217 ] مسألة 3 : لا يعتبر في البيِّنة حصول الظن بصدقها (1) نعم يعتبر عدم معارضتها بمثلها (2) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كان مشهوراً عند المتأخِّرين عن شيخنا الأنصاري (قدس سره) بل لم نجد قائلاً بخلافه ، إلاّ أنه ـ كما ذكرناه في الاُصول (1) ـ مما لا أساس له ، فانّ الخروج عن محل الابتلاء وعدمه سيان في تنجيز العلم الاجمالي ، إلاّ أن يكون خروجه عنه من جهة عدم قدرة المكلف عليه عقلاً ، كما إذا علم إجمالاً بوقوع قطرة دم على يده أو على جناح طائر قد طار ، فان الاجتناب عن الطرف الآخر غير لازم حينئذ ، والوجه فيما ذكرناه من عدم التفرقة بين خروج بعض الأطراف عن محل الابتلاء وعدمه ، هو أنّ العلم الاجمالي ليس بنفسه علة في تنجيز متعلقه وإنما تنجيزه مستند إلى تساقط الاُصول في أطرافه بالمعارضة ، فان فرضنا أن بعضها مما لا يتمكن منه المكلف عقلاً فلا يبقى مانع عن جريان الاُصول في بعض أطرافه الاُخر لعدم معارضتها بشيء ، لأن الأصل لا يجري في الطرف الخارج عن القدرة والاختيار . وأما إذا كانت الأطراف مقدورة له عقلاً ولو بواسطة أو وسائط فمجرد خروج بعضها عن محل الابتلاء بالفعل مع التمكن منه عقلاً غير مستلزم لانحلال العلم الاجمالي بوجه ، لأنّ جريان الاُصول في كلا الطرفين مستلزم للترخيص في المخالفة القطعية ، وجريانها في أحدهما دون الآخر من غير مرجح وهو معنى التساقط بالمعارضة ، وبهذا يكون العلم الاجمالي منجزاً حيث لا بد من الاحتياط في كل واحد من الأطراف دفعاً لاحتمال العقاب .
(1) لعدم ابتناء اعتبارها على إفادتها الظن بمضمونها ، ولا على عدم قيام الظن بخلافها ، فانّ مقتضى دليل الاعتبار حجية البينة على وجه الاطلاق ، أفادت الظن أم لم تفد ظن بخلافها أم لم يظن .
(2) لأنّ دليل اعتبار البيِّنة لا يمكن أن يشمل كلا المتعارضين ـ لاستحالة التعبّد بالضدّين أو النقيضين ـ ولا أحدهما المعين لأنه بلا مرجح ، ولا لأحـدهما لا بعينـه لأنه ليس فرداً آخر غيرهما فلا بد من التساقط والرجوع إلى أمر آخر .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مصباح الاُصول 2 : 393 .
|