(مسألة 120) : إذا رجع الشاهدان أو أحدهما عن الشهادة في الحدود خطأً ، فإن كان قبل الحكم لم يحكم (2) ،
ــــــــــــــــــــــــ (2) تقدّم وجه ذلك .
ــ[186]ــ
وإن كان بعد الحكم والاستيفاء ضمنا إن كان الراجع كليهما ، وإن كان أحدهما ضمن النصف (1) ، وإن كان بعده وقبل الاستيفاء نقض الحكم على المشهور ، ولكنّه لا يخلو من إشكال ،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) وذلك لما سبق آنفاً ، ولعدّة من الروايات الواردة في رجوع الشاهد في السرقة :
منها : صحيحة محمّد بن قيس عن أبي جعفر (عليه السلام) «قال : قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في رجل شهد عليه رجلان بأ نّه سرق فقطع يده ، حتى إذا كان بعد ذلك جاء الشاهدان برجل آخر فقالا : هذا السارق وليس الذي قطعت يده ، إنّما شبّهنا ذلك بهذا ، فقضى عليهما أن غرّمهما نصف الدية ، ولم يجز شهادتهما على الآخر» (1) ، وقريب منها معتبرة السكوني (2) .
ومنها : معتبرته الاُخرى ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن علي (عليهم السلام) : «في رجلين شهدا على رجل أ نّه سرق فقطعت يده ، ثمّ رجع أحدهما فقال : شبّه علينا ، غرما دية اليد من أموالهما خاصّة . وقال في أربعة شهدوا على رجل أ نّهم رأوه مع امرأة يجامعها وهم ينظرون ، فرجم ، ثمّ رجع واحد منهم ، قال : يغرم ربع الدية إذا قال : شبّة عليَّ ، وإذا رجع اثنان وقالا : شبّه علينا ، غرما نصف الدية ، وإن رجعوا كلّهم وقالوا : شبّه علينا ، غرموا الدية ، فإن قالوا : شهدنا بالزور، قتلوا جميعاً» (3) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 27 : 332 / كتاب الشهادات ب 14 ح 1 .
(2) الوسائل 27 : 332 / كتاب الشهادات ب 14 ح 3 .
(3) الوسائل 27 : 332 / كتاب الشهادات ب 14 ح 2 .
ــ[187]ــ
والأقرب نفوذ الحكم (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أقول : الظاهر أنّ المراد من الرجوع في قوله : «ثمّ رجع أحدهما» ليس هو الرجوع عن الشهادة، بل المراد به هو الرجوع الخارجي وإخباره أنّ الأمر اشتبه عليهما معاً، كما يدلّ عليه قوله: «شبّه علينا»، وإلاّ لقال: شبّه عليَّ، وقوله: «غرما دية اليد من أموالهما خاصّة» ، فإنّهما قرينتان على ذلك .
ومن هنا يظهر وجه ضمان النصف فيما إذا رجع أحد الشاهدين ، مضافاً إلى التصريح بالتقسيط في ذيل معتبرة السكوني في الشهادة على الزنا .
(1) وجه الإشكال: أنّ الحكم المذكور وإن كان مشهوراً بين الأصحاب شهرة عظيمة، بل لم يوجد الخلاف فيه صريحاً ، نعم نسب التردّد في ذلك إلى الفاضلين وفخر المحققين (1) ، إلاّ أ نّه مع ذلك لم يثبت دليل على نقض الحكم إلاّ ما تكرّر ذكره في كلمات غير واحد منهم من أنّ رجوع الشاهد يحقّق الشبهة ، وأنّ الحدود تدرأ بالشبهات . وهذا الدليل لا يتمّ ، فإنّ المراد بالشبهة التي يدرأ بها الحدّ : إن اُريد بها ما هو أعمّ من الواقع والظاهر فلا شبهة في المقام بعد حكم الحاكم وعدم جواز نقضه ، وإن اُريد بها الشبهة بالإضافة إلى خصوص الواقع وإن كان الحكم الظاهري معلوماً فلا وجه لدرء الحدود بها، لوجودها في أكثر موارد القضاء ، على أنّ درء الحدود بالشبهات لم يثبت برواية معتبرة .
وعلى ذلك فإن تمّ الإجماع فهو ، ولكنّه غير تامّ . فإذن الأقرب نفوذ الحكم وعدم جواز نقضه .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الشرائع 4 : 147 ، القواعد 3 : 509 ، الإيضاح 4 : 451 .
|