(مسألة 134) : المراد بالشبهة الموجبة لسقوط الحدّ هو الجهل عن قصور أو تقصير في المقدّمات مع اعتقاد الحلّيّة حال الوطء(2) ، وأمّا من كان جاهلاً بالحكم عن تقصير وملتفتاً إلى جهله حال العمل حكم عليه بالزنا وثبوت الحدّ (3) .
ـــــــــــــــــــــــ (2) وذلك لإطلاق الأدلّة الدالّة على نفي الحدّ عن الجاهل .
(3) وذلك لأ نّه عالم بالحكم الظاهري ، ولا يكون جهله بالواقع في مفروض
ــ[207]ــ
(مسألة 135): يشترط في ثبوت الحدّ اُمور: الأوّل: البلوغ، فلا حدّ على الصبي (1) . الثاني : الاختيار ، فلا حدّ على المكره ونحوه (2) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المسألة عذراً له ، فلا يكون مشمولاً لإطلاقات الأدلّة المتقدّمة الدالّة على نفي الحدّ من الجاهل .
وتؤكّد ما ذكرناه صحيحة يزيد الكناسي ، قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن امرأة تزوّجت في عدّتها «فقال : إن كانت تزوّجت في عدّة طلاق لزوجها عليها الرجعة فإنّ عليها الرجم» ـ إلى أن قال : ـ قلت : فإن كانت تعلم أنّ عليها عدّة ولاتدري كم هي؟ «فقال: إذا علمت أنّ عليها العدّة لزمتها الحجّة فتسأل حتى تعلم» (1) .
فإنّها تدلّ على أنّ من لزمته الحجّة لابدّ له من السؤال ، ولا يسقط عنه الحدّ .
(1) وذلك لرفع القلم عنه ، وتدلّ على ذلك عدّة روايات :
منها : صحيحة يزيد الكناسي عن أبي جعفر (عليه السلام) «قال : الجارية إذا بلغت تسع سنين ذهب عنها اليتم ، وزوّجت واُقيمت عليها الحدود التامّة لها وعليها» قال : قلت : الغلام إذا زوّجه أبوه ودخل بأهله وهو غير مدرك ، أتقام عليه الحدود على تلك الحال ؟ «قال : أمّا الحدود الكاملة التي يؤخذ بها الرجال فلا ، ولكن يجلد في الحدود كلّها على مبلغ سنّه ، ولا تبطل حدود الله في خلقه ، ولا تبطل حقوق المسلمين بينهم» (2) .
(2) وذلك لسقوط التكليف عن المكره ، مضافاً إلى ما ورد في عدّة روايات من نفي الحدّ عن المكره :
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 28 : 126 / أبواب حد الزنا ب 27 ح 3 .
(2) الوسائل 28 : 20 / أبواب مقدمات الحدود ب 6 ح 1 .
ــ[208]ــ
الثالث : العقل ، فلا حدّ على المجنون (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
منها : صحيحة أبي عبيدة عن أبي جعفر (عليه السلام) «قال: إنّ عليّاً (عليه السلام) اُتي بامرأة مع رجل فجر بها، فقالت: استكرهني والله يا أمير المؤمنين (عليه السلام) فدرأ عنها الحدّ» الحديث (1).
ومنها : صحيحة محمّد بن قيس عن أبي جعفر (عليه السلام) : «وقال أمير المؤمنين (عليه السلام) في امرأة أقرّت على نفسها أ نّه استكرهها رجل على نفسها ، قال : هي مثل السائبة لا تملك نفسها ، فلو شاء لقتلها ، فليس عليها جلد ولا نفي ولا رجم» (2) ، ومثلها صحيحة محمّد (3) .
(1) أمّا بالنسبة إلى المرأة المجنونة : فلا خلاف ولا إشكال بين الأصحاب قديماً وحديثاً .
وتدلّ على ذلك ـ مضافاً إلى اشتراط التكليف بالعقل ـ صحيحة محمّد بن مسلم عن أحدهما (عليهما السلام) : في امرأة مجنونة زنت «قال : إنّها لا تملك أمرها ، ليس عليها شيء» (4) .
وأمّا بالنسبة إلى المجنون: فالأمر كذلك على المشهور شهرة عظيمة بين الأصحاب.
ونسب الخلاف في ذلك إلى الشيخين والصدوق والقاضي وابن سعيد (قدّس الله أسرارهم) (5) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 28 : 110 / أبواب حد الزنا ب 18 ح 1 .
(2) الوسائل 28 : 111 / أبواب حد الزنا ب 18 ح 4 .
(3) الوسائل 28 : 110 / أبواب حد الزنا ب 18 ح 2 .
(4) الوسائل 28 : 117 / أبواب حد الزنا ب 21 ح 1 .
(5) المفيد في المقنعة : 786 ، الشيخ في المبسوط 8 : 3 و 4 ، الصدوق في المقنع : 436 ، لاحظ المهذب لابن البراج 2 : 520 و 530 ، وابن سعيد في الجامع للشرائع : 552 .
|