ــ[209]ــ
(مسألة 136) : إذا ادّعت المرأة الإكراه على الزنا قبلت (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
واستدلّوا على ذلك برواية أبان بن تغلب ، قال: قال أبو عبدالله (عليه السلام) : «إذا زنى المجنون أو المعتوه جُلِدَ الجلد ، وإن كان محصناً رُجِمَ» (1) .
ولكنّ الرواية ضعيفة ، فإنّ في سندها إبراهيم بن الفضل ، ولم يرد فيه توثيق ولا مدح . فإذن لا يمكن الاعتماد عليها .
وعلى ذلك ، فحكم المجنون حكم المجنونة ، حيث إنّه يستفاد من التعليل في الصحيحة المتقدّمة حكم المجنون أيضاً ، فإنّه لا يملك أمره ولا يميّز الخير عن الشرّ ، على أنّ المجنون لا يؤاخذ بشيء من أعماله ، لسقوط التكليف عنه .
ويؤيّد ذلك بعدّة روايات مستفيضة واردة في أبواب متفرّقة وقد دلّت على رفع القلم عنه ، وأ نّه لا حدّ عليه ، ففي صحيحة فضيل بن يسار ، قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول : «لا حدّ لمن لا حدّ عليه ، يعني : لو أنّ مجنوناً قذف رجلاً لم أرَ عليه شيئاً، ولو قذفه رجل فقال: يا زان ، لم يكن عليه حدّ» (2) ، ونحوها معتبرة إسحاق بن عمار (3) .
(1) وذلك لا لأجل أنّ الحدود تدرأ بالشبهات ، لما تقدّم من عدم ثبوتها ، بل لأجل صحيحة أبي عبيدة عن أبي جعفر (عليه السلام) «قال : إنّ عليّاً (عليه السلام) اُتي بامرأة مع رجل فجر بها ، فقالت : استكرهني والله يا أمير المؤمنين ، فدرأ عنها الحدّ ، ولو سُئِل هؤلاء عن ذلك لقالوا : لا تصدّق ،
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 28 : 118 / أبواب حد الزنا ب 21 ح 2 .
(2) الوسائل 28 : 42 / أبواب مقدمات الحدود ب 19 ح 1 .
(3) الوسائل 28 : 42 / أبواب مقدمات الحدود ب 19 ح 1 .
ــ[210]ــ
(مسألة 137): يثبت الزنا بالإقرار وبالبيّنة، ويعتبر في المقرّ: العقل(1)، والاختيار(2)، والحرّيّة(3)،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقد والله فعله أمير المؤمنين (عليه السلام) » (1) .
(1) إذ لا اعتبار بإقرار المجنون وكلامه .
(2) فإنّ الفعل المستكره عليه ـ بمقتضى حديث رفع الإكراه ـ بمنزلة العدم ، فلا يترتّب عليه أثر ، ولا يؤاخذ فاعله به .
(3) بلا خلاف عندنا ، بل ادّعي عليه الإجماع في كلمات غير واحد ، وذلك لأنّ الإقرار إنّما ينفذ في حقّ المقرّ دون غيره ، فإقرار العبد بالزنا إقرارٌ في حقّ المولى ، فإنّه مملوك له ، فلا ينفذ .
وتدلّ على ذلك في خصوص السرقة صحيحة الفضيل بن يسار ، قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول : «إذا أقرّ المملوك على نفسه بالسرقة لم يقطع ، وإن شهد عليه شاهدان قطع» (2) .
وقد يتوهّم أ نّه لا مانع من أخذ العبد بإقراره ، فيتبع به بعد عتقه .
ولكنّه يندفع بأنّ وجوب الجلد أو الرجم إن ثبت فلا يتأخّر عن الإقرار ، وإن لم يثبت عند الإقرار فلا دليل على ثبوته بعد العتق إلاّ أن يقرّ به ثانياً ، فلا يقاس الإقرار بالزنا أو السرقة على الإقرار بإتلاف مال ـ مثلاً ـ فإنّه يثبت به الضمان من حين الإقرار ، ويكلّف بتفريغ الذمّة بعد العتق .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 28 : 110 / أبواب حد الزنا ب 18 ح 1 .
(2) الوسائل 28 : 305 / أبواب حد السرقة ب 35 ح 1 .
ــ[211]ــ
فلو أقرّ عبدٌ به فإن صدّقه المولى ثبت بإقراره(1) ، وإلاّ لم يثبت . نعم ، لو انعتق العبد وأعاد إقراره كان إقراره حجّة عليه ، ويثبت به الزنا وتترتّب عليه أحكامه (2) . ــــــــــــــــــــــ
(1) فإنّ تصديق المولى إيّاه إقرارٌ منه على نفسه، فيؤخذ بإقرار العبد عندئذ ، لوجود المقتضي وعدم المانع في البين .
وعلى ذلك تحمل صحيحة ضريس عن أبي جعفر (عليه السلام) «قال : العبد إذا أقرّ على نفسه عند الإمام مرّةً أ نّه قد سرق قطعه ، والأمة إذا أقرّت بالسرقة قطعها» (1) ، وإلاّ فهي مطروحة ومحمولة على التقيّة .
وأمّا ما في صحيحة فضيل ، قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول : «من أقرّ على نفسه عند الإمام بحقّ من حدود الله مرّة واحدة حرّاً كان أو عبداً أو حرّة كانت أو أمة ، فعلى الإمام أن يقيم الحدّ عليه للذي أقرّ به على نفسه كائناً من كان ، إلاّ الزاني المحصن ، فإنّه لا يرجمه حتى يشهد عليه أربعة شهداء» الحديث (2) ، فهو محمول على التقيّة جزماً .
(2) وذلك لأ نّه من إقرار الحرّ على نفسه ، فيشمله دليل ثبوت الزنا بالإقرار . ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 28 : 249 / أبواب حد السرقة ب 3 ح 2 .
(2) الوسائل 28 : 56 / أبواب مقدمات الحدود ب 32 ح 1 .
|