(مسألة 142): لا يثبت الزنا بشهادة رجلين عادلين، بل لا بدّ من شهادة أربعة رجال عدول، أو ثلاثة وامرأتين، أو رجلين وأربع نساء، إلاّ أنّه لا يثبت الرجم بالأخيرة ، ولا يثبت بغير ذلك من شهادة النساء منفردات ، أو شهادة رجل وستّ نساء ، أو شهادة واحد ويمين (3) .
ــــــــــــــــــــــــ (3) تقدّم وجه جميع هذه الفروع في كتاب الشهادات (1) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في ص 145 ـ 148 .
ــ[218]ــ
(مسألة 143): يعتبر في قبول الشهادة على الزنا أن تكون الشهادة شهادة حسّ ومشاهدة(1)،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) تدلّ على ذلك ـ مضافاً إلى ما تقدّم من اعتبار المشاهدة والحسّ في الشهادة ، وأ نّه لا تجوز الشهادة بغير حسّ ـ عدّة روايات :
منها : صحيحة الحلبي عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : حدّ الرجم أن يشهد أربع أ نّهم رأوه يدخل ويخرج» (1) .
ومنها : صحيحة محمّد بن قيس عن أبي جعفر (عليه السلام) «قال : قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : لا يرجم رجل ولا امرأة حتى يشهد عليه أربعة شهود على الإيلاج والإخراج» (2) .
ومنها : صحيحته الاُخرى عن أبي جعفر (عليه السلام) «قال : قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : لا يجلد رجل ولا امرأة حتى يشهد عليهما أربعة شهود على الإيلاج والإخراج» الحديث (3) .
ثمّ إنّ هذا الحكم ممّا لا شبهة فيه ولا إشكال ، وإنّما الإشكال فيما ذكره جمع من الأصحاب من اعتبار الرؤية في الشهادة، ولزوم أن تكون على الجماع والإيلاج والإخراج كالميل في المكحلة .
واستندوا في ذلك إلى معتبرة أبي بصير ، قال : قال أبو عبدالله (عليه السلام) : «لا يرجم الرجل والمرأة حتى يشهد عليهما أربعة شهداء على الجماع والإيلاج والإدخال كالميل في المكحلة» (4) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 28 : 94 / أبواب حد الزنا ب 12 ح 1 .
(2) الوسائل 28 : 94 / أبواب حد الزنا ب 12 ح 2 .
(3) الوسائل 28 : 97 / أبواب حد الزنا ب 12 ح 11 .
(4) الوسائل 28 : 95 / أبواب حد الزنا ب 12 ح 4 .
ــ[219]ــ
ولو شهدوا بغير المشاهدة والمعاينة لم يحدّ المشهود عليه وحدّ الشهود (1) . ويعتبر أن تكون الشهادة شهادةً بفعل واحد زماناً ومكاناً ، فلو اختلفوا في
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وإلى صحيحة حريز عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال: القاذف يجلد ثمانين جلدة ـ إلى أن قال : ـ ولا تقبل شهادتهم حتى يقول أربعة : رأينا مثل الميل في المكحلة» (1) .
والظاهر أنّ ما ذكروه أمرٌ لا يتحقّق في الخارج إلاّ في فرض نادر ، ولازم ذلك سدّ باب الشهادة في الزنا نوعاً ، مع أنّ كثيراً ما تحقّقت الشهادة على الزنا في زمان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ومن بعده ، ورتّب على الشهادة أثرها من رجم أو جلد ، فالجماع كغيره من الأفعال التي يمكن الشهادة عليها من جهة رؤية مقدّماتها الملازمة لها خارجاً المحقّقة لصدق الرؤية والحسّ بالإضافة إلى المشهود به عرفاً .
وأمّا معتبرة أبي بصير فلا دلالة فيها على اعتبار الرؤية في الإيلاج والإدخال كالميل في المكحلة ، وإنّما المعتبر فيها الشهادة على ذلك ، وقد عرفت أنّ الشهادة تتحقّق برؤية الأفعال الملازمة له خارجاً ، فيشهد الرائي على الإدخال كالميل في المكحلة .
وأمّا صحيحة حريز فلا بدّ من حملها على رؤية المقدّمات الملازمة له خارجاً الموجبة لصدقها بالإضافة إلى الجماع عرفاً .
(1) وذلك لما عرفت من أنّه لا اعتبار بالشهادة إذا لم تكن عن حسّ ، فيحدّ الشهود من جهة القذف .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 28 : 177 / أبواب حد القذف ب 2 ح 5 .
ــ[220]ــ
الزمان أو المكان لم يثبت الزنا وحدّ الشهود (1) . وأمّا لو كان اختلافهم غير موجب لتعدّد الفعل واختلافه ، كما إذا شهد بعضهم على أنّ المرأة المعيّنة المزني بها من بني تميم ـ مثلاً ـ وشهد البعض الآخر على أ نّها من بني أسد ـ مثلاً ـ أو نحو ذلك من الاختلاف في الخصوصيّات، لم يضرّ بثبوت الزنا بلا إشكال(2). وأمّا إذا كان اختلافهم في خصوصيّة الزنا ، كما لو شهد بعضهم على أنّ الزاني قد أكره المرأة على الزنا ، وشهد الآخر على عدم الإكراه وأنّ المرأة طاوعته ، ففي ثبوت الزنا بالإضافة إلى الزاني عندئذ إشكال (3) ، ولا يبعد التفصيل بين ما إذا كان الشاهد على المطاوعة شاهداً على زناها وما إذا لم يكن ، فعلى الأوّل لا يثبت الزنا بشهادته ، ويثبت على الثاني .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) وذلك لأ نّه مع الاختلاف لا يثبت الزنا بشهادتهم، وإذا لم يثبت جرى عليهم حكم القاذف.
(2) والوجه في ذلك واضح ، لأنّ اختلافهم في هذه الخصوصيّات لا يضرّ بثبوت أصل المشهود به ، لعدم دخلها فيه أصلاً .
(3) منشأ الاشكال أمران :
الأوّل : أنّ جماعة ـ منهم : الشهيدان في النكت والمسالك والفاضل في بعض كتبه (1) ـ قد ادّعوا أنّ الزنا بقيد الإكراه غير الزنا بقيد المطاوعة ، فلا يثبت مع الاختلاف .
وفيه : أنّ الزنا فعل واحد ، فلا يفرق بين كون المرأة مكرهة أو مطاوعة ،
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) غاية المراد في شرح نكت الارشاد 4 : 192 ـ 193 ، المسالك 14 : 355 ـ 356 ، المختلف 9 : 125 .
|