ــ[222]ــ
(مسألة 145) : إذا شهد أربعة رجال على امرأة بالزنا ، وكان أحدهم زوجها ، فالأكثر على أ نّه يثبت الزنا وتحدّ المرأة ، ولكنّ الأظهر أ نّه لا يثبت (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثمّ إنّ هذه الروايات وإن لم يصرّح فيها بشهادة أربع نساء إلاّ أنّ التعبير فيها بشهادة النساء ناظر إلى ما هو المتعارف المعهود في الخارج ، وهو شهادة أربع نساء ، وأمّا اعتبار الزائد عليها فهو بلا دليل ، كما أنّ شهادة الأقلّ من الأربع لا دليل على اعتبارها .
بقي الكلام في أنّ الشهود هل يحدّون من جهة القذف ؟
فيه خلاف ، اختار المحقق ذلك (1) ، وهو المحكي عن جماعة ، منهم : الشيخ في النهاية وابن إدريس في كتاب الشهادات (2) ، وإن كان قد نسب إليهما الرجوع عن ذلك (3) .
وكيف كان ، فالصحيح عدم ثبوت القذف ، وذلك لأنّ القذف إنّما يكون فيما إذا لم تكن شهادة أربعة ، ومعها لا قذف وإن سقطت الشهادة عن الحجّيّة بالتعارض ، ويؤكّد ذلك سكوت الإمام (عليه السلام) في هذه الروايات عن ذلك .
(1) استدلّ على ما ذهب إليه الأكثر بإطلاقات الأدلّة الدالّة على ثبوت الزنا بشهادة الأربعة، مؤيّدة برواية عباد بن كثير، عن إبراهيم بن نعيم، عن أبي عبدالله
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الشرائع 4 : 161 .
(2) النهاية : 332 ـ 333 ، السرائر 2 : 137 .
(3) المبسوط 8 : 10 ، السرائر 3 : 430 .
ــ[223]ــ
(عليه السلام) ، قال : سألته عن أربعة شهدوا على امرأة بالزنا ، أحدهم زوجها «قال : تجوز شهادتهم» (1) .
ولكنّ الظاهر أ نّه لا يثبت الزنا بذلك ، فلا بدّ للزوج من أن يلاعن زوجته ، ويجلد الشهود الثلاثة .
وتدلّ على ذلك ـ مضافاً إلى إطلاق الآية المباركة من أنّ الزوج إذا رمى زوجته بالزنا فلا بدّ وأن يأتي بشهداء أربعة على ما يظهر من الآية السابقة ، وإلاّ فلا بدّ من الملاعنة ـ صحيحة مسمع عن أبي عبدالله (عليه السلام) : في أربعة شهدوا على امرأة بفجور، أحدهم زوجها «قال: يجلدون الثلاثة، ويلاعنها زوجها، ويفرّق بينهما، ولا تحلّ له أبداً» (2)، وقريب منها رواية زرارة (3).
وأمّا رواية إبراهيم بن نعيم فهي ضعيفة بعباد بن كثير ، فإنّه لم يرد فيه توثيق ولا مدح ، فلا تصلح لمعارضة صحيحة مسمع المؤيّدة بإطلاق الآية الكريمة .
ومن الغريب أنّ صاحب الجواهر والشهيد في المسالك غفلا عن صحيحة مسمع ، وتخيّلا أنّ ما دلّ على عدم شهادة الزوج في الزنا منحصر برواية زرارة ، وذكرا أ نّها ضعيفة لا يمكن الاعتماد عليها (4) .
بقي هنا شيء : وهو أنّ محلّ الخلاف إنّما هو فيما إذا شهد الشهود الأربعة بالزنا معاً وكان أحدهم الزوج ، وأمّا إذا كان المدّعي للزنا أوّلاً هو الزوج فالظاهر أ نّه لا خلاف في لزوم إتيانه بأربعة شهداء ، كما هو الحال في قذف غير زوجته .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 22 : 431 / كتاب اللعان ب 12 ح 1 .
(2) الوسائل 22 : 432 / كتاب اللعان ب 12 ح 3 .
(3) الوسائل 22 : 432 / كتاب اللعان ب 12 ح 2 .
(4) الجواهر 41 : 365 ، المسالك 14 : 394 .
|