(مسألة 157) : قد عرفت أنّ الزاني إذا لم يكن محصناً يضرب مائة جلدة ، ولكن مع ذلك يجب جزّ شعر رأسه أو حلقه ، ويغرّب عن بلده سنة كاملة ، وهل يختصّ هذا الحكم ـ وهو جزّ شعر الرأس أو الحلق والتغريب ـ بمن اُملك ولم يدخل بها أو يعمّه وغيره ؟ فيه قولان ، الأظهر هو الاختصاص(3) .
ــــــــــــــــــــــــــ وتدلّ على ذلك صحيحة أبي بصير عن أبي عبدالله (عليه السلام) : في غلام صغير لم يدرك ابن عشر سنين زنى بامرأة «قال : يجلد الغلام دون الحدّ ، وتجلد المرأة الحدّ كاملاً» قيل : فإن كانت محصنة ؟ «قال : لا ترجم ، لأنّ الذي نكحها ليس بمدرك ، ولو كان مدركاً رجمت» (2) .
(3) أمّا بالإضافة إلى الجزّ أو الحلق : فلعدم الدليل على لزومه ، إلاّ ما ورد في صحيحة حنّان ، قال : سأل رجل أبا عبدالله (عليه السلام) وأنا أسمع : عن
ــــــــــــــ (2) الوسائل 28 : 81 / أبواب حد الزنا ب 9 ح 1 .
ــ[243]ــ
البكر يفجر ، وقد تزوّج ففجر قبل أن يدخل بأهله «فقال : يضرب مائة ، ويجزّ شعره ، وينفى من المصر حولاً ، ويفرّق بينه وبين أهله» (1) .
وصحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (عليه السلام) ، قال : سألته عن رجل تزوّج امرأة ، ولم يدخل بها فزنى ، ما عليه ؟ «قال : يجلد الحدّ ، ويحلق رأسه ، ويفرّق بينه وبين أهله ، وينفى سنة» (2) .
ومقتضى الجمع بين الروايتين هو التخيير بين الجزّ والحلق ، ولكن موردهما خصوص من اُملك ولم يدخل بأهله ، والتعّدي عن موردهما إلى كلّ زان غير محصن يحتاج إلى دليل ، ولا دليل في البين .
وأمّا بالإضافة إلى التغريب : ففي بعض الروايات ـ كصحيحة الحلبي المتقدّمة في حكم الشيخ والشيخة (3) ـ الحكم بالنفي في البكر والبكرة ، وفي بعضها الحكم بالنفي لغير المحصن مطلقاً ، كمعتبرة سماعة ، قال : قال أبو عبدالله (عليه السلام) : «إذا زنى الرجل ينبغي للإمام أن ينفيه من الأرض التي جلد فيها إلى غيرها ، فإنّما على الإمام أن يخرجه من المصر الذي جلد فيه» (4) .
وقد ذكر المحقق في الشرائع : أنّ الأشبه أنّ البكر عبارة عن غير المحصن وإن لم يكن مُملِكاً (5) .
ولكنّ الأظهر اختصـاص الحكم بالمتزوّج الذي لم يدخل بأهلـه ، وذلك لصحيحة زرارة المتقدّمة عن أبي جعفر (عليه السلام) «قال : الذي لم يحصن
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 28 : 77 / أبواب حد الزنا ب 7 ح 7 .
(2) الوسائل 28 : 78 / أبواب حد الزنا ب 7 ح 8 .
(3) راجع ص 237 .
(4) الوسائل 28 : 123 / أبواب حد الزنا ب 24 ح 3 .
(5) الشرائع 4 : 158 .
ــ[244]ــ
وأمّا المرأة فلا جزّ عليها بلا إشكال(1)، وأمّا التغريب ففي ثبوته إشكال، والأقرب الثبوت(2).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يجلد مائة جلدة ولا ينفى ، والذي قد اُملك ولم يدخل بها يجلد مائة وينفى» .
وقد تقدّم في صحيحة محمّد بن قيس : أنّ البكر والبكرة إذا زنيا جلدا مائة ، ونفيا سنة في غير مصرهما ، وهما اللذان قد اُملكا ولم يدخل بهما (1) .
وبهاتين الصحيحتين يقيّد إطلاق ما تقدّم ، كما يظهر المراد من البكر والبكرة في صحيحة الحلبي .
(1) من دون خلاف في البين ، بل ادّعي في كلمات غير واحد الإجماع عليه . والروايات الدالّة على الجزّ تختصّ بالرجل ولا تعمّ المرأة . فإذن لا دليل على ثبوت الجزّ عليها .
(2) وجه الإشكال : هو أ نّه قد ادّعي الإجماع على أ نّه لا تغريب على المرأة ، ولكن نسب الخلاف إلى ابن عقيل وابن جنيد (2) ، وتردّد فيه الشهيد الثاني (قدس سره) في المسالك (3) .
ولكنّ القول بالثبوت هو الأقرب ، وتدلّ على ذلك عدّة روايات :
منها : قوله (عليه السلام) في صحيحة محمّد بن قيس المتقدّمة : «وقضى في البكر والبكرة إذا زنيا جلد مائة ونفي سنة» .
ومنها : قوله (عليه السلام) في صحيحة الحلبي المتقدّمة : «والبكر والبكرة
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع ص 237 .
(2) حكاه عنهما في الجواهر 41 : 329 .
(3) المسالك 14 : 369 ـ 370 .
|