ــ[266]ــ
(مسألة 173) : لو هرب المرجوم أو المرجومة من الحفيرة ، فإن ثبت زناه بالإقرار لم يردّ إن أصابه شيء من الحجارة (1) ،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(صلّى الله عليه وآله وسلّم) وأمير المؤمنين (عليه السلام) لم يكن حاضراً كما هو المفروض في الرواية ـ فهي قضيّة في واقعة ، فلعلّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كان معذوراً عن الحضور . فإذن لا يبعد وجوب بدء الإمام (عليه السلام) بالرجم مطلقاً .
(1) بلا خلاف بين الأصحاب ، وتدلّ على ذلك عدّة من الروايات :
منها : صحيحة الحسين بن خالد ، قال : قلت لأبي الحسن (عليه السلام) : أخبرني عن المحصن إذا هو هرب من الحفيرة هل يردّ حتى يقام عليه الحدّ ؟ «فقال : يردّ ولا يردّ» فقلت : وكيف ذاك ؟ «فقال : إن كان هو المقرّ على نفسه ثمّ هرب من الحفيرة بعد ما يصيبه شيء من الحجارة لم يردّ ، وإن كان إنّما قامت عليه البيّنة وهو يجحد ثمّ هرب رُدَّ وهو صاغر حتى يقام عليه الحدّ» الحديث(1).
ومنها : معتبرة أبي العبّاس ، قال : قال أبو عبدالله (عليه السلام) : «أتى النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) رجل فقال : إنّي زنيت ـ إلى أن قال : ـ فأمر به رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أن يرجم ، فحفروا له حفيرة ، فلمّا أن وجد مسّ الحجارة خرج يشتدّ، فلقيه الزبير فرماه بساق بعير فعقله به ، فأدركه الناس فقتلوه ، فاخبروا النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بذلك فقال : هلاّ تركتموه ؟ » الحديث(2) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 28 : 101 / أبواب حد الزنا ب 15 ح 1 .
(2) الوسائل 28 : 102 / أبواب حد الزنا ب 15 ح 2 .
ــ[267]ــ
وإن كان قبل الإصابة أو ثبت زناه بالبيّنة رُدّ (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أمّا فيما إذا ثبت الزنا بالإقرار وكان الفرار قبل الإصابة : فلزوم الردّ هو المشهور بين الأصحاب ، وتدلّ على ذلك ـ مضافاً إلى إطلاقات أدلّة الرجم ـ صحيحة الحسين بن خالد المتقدّمة ، حيث قيّد عدم الردّ في المقرّ بالزنا بصورة الإصابة ، وصحيحة أبي بصير الآتية .
وأمّا فيما إذا ثبت الزنا بالبيّنة : فلزوم الردّ ممّا لا خلاف فيه ولا إشكال بين الأصحاب ، وتدلّ على ذلك إطلاقات أدلّة الرجم ، وقوله (عليه السلام) في صحيحة الحسين بن خالد المتقدّمة : «وإن كان إنّما قامت عليه البيّنة وهو يجحد ثمّ هرب رُدَّ» فإنّه يدلّ على وجوب الردّ مطلقاً من دون فرق بين أن تصيبه الحجارة أو لا تصيبه ، ولا سيّما بقرينة أنّ الإمام (عليه السلام) فرّق فيها بين ثبوت الزنا بالإقرار وثبوته بالبيّنة ، فقيّد عدم الردّ في الأوّل بصورة الإصابة ، وأطلق الثاني .
وأمّا ما دلّ على عدم الردّ مطلقاً ـ فيما أصابه ألم الحجارة كصحيحة أبي بصير عن أبي عبدالله (عليه السلام) : «أ نّه إن كان أصابه ألم الحجارة فلا يردّ ، وإن لم يكن أصابه ألم الحجارة رُدَّ»(1) ـ فيقيّد إطلاقه بالصحيحة المتقدّمة الدالّة على لزوم الردّ مطلقاً ـ إذا ثبت الزنا بالبيّنة ـ أي سواء أصابه أم لم يصبه ، فإنّ النسبة بينهما وإن كانت عموماً من وجه إلاّ أنّ ظهور تلك الصحيحة ـ بقرينة تفصيل الإمام (عليه السلام) بين الإقرار والبيّنة ـ أقوى من ظهور هذه الصحيحة ، فتتقدّم عليها في مورد الاجتماع والمعارضة ، وعلى تقدير وقوع المعارضة بينهما فالمرجع هو إطلاقات أدلّة الرجم .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 28 : 103 / أبواب حد الزنا ب 15 ح 5 .
ــ[268]ــ
وأمّا الجلد فلا يسقط بالفرار مطلقاً (1) .
(مسألة 174) : ينبغي إعلام الناس لحضور إقامة الحدّ (2) ،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذا، وقد يقال : بأنّ الحسين بن خالد الوارد في سند الرواية مشترك فيه بين الصيرفي وبين الحسين بن خالد الخفّاف ، والأوّل لم تثبت وثاقته فلاتكون الرواية حجّة .
ولكنّا ذكرنا في محلّه : أنّ الحسين بن خالد المشهور والذي كثرت الرواية عنه هو الحسين بن خالد الخفّاف . وحينئذ تكون الرواية صحيحة .
(1) وذلك لعدم الدليل على السقوط ، سواء أكان هربه قبل الجلد أم في أثنائه .
(2) يدلّ على ذلك فعل أمير المؤمنين (عليه السلام) على ما رواه الشيخ الصدوق بسنده المعتبر إلى سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة : أنّ امرأة أتت أمير المؤمنين فقالت : يا أمير المؤمنين ، إنّي زنيت ـ إلى أن قال : ـ ثمّ قام (عليه السلام) فصعد المنبر فقال: «يا قنبر، ناد في الناس الصلاة جامعة» فاجتمع الناس حتى غصّ المسجد بأهله «فقال : أ يُّها الناس ، إنّ إمامكم خارج بهذه المرأة إلى الظهر ليقيم عليها الحدّ إن شاء الله» الحديث(1) .
ورواه محمّد بن يعقوب بسند صحيح عن خلف بن حمّاد عن أبي عبدالله (عليه السلام) نحوه .
ورواه الشيخ بذلك السند عن خالد بن حمّاد .
ولكن يبعّد ما ذكره الشيخ : أنّ خالد بن حمّاد لم يثبت له وجود ولم توجد له
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 28 : 53 / أبواب مقدمات الحدود ب 31 ح 1 ، الفقيه 4 : 22 / 52 ، الكافي 7 : 188 / ذيل ح 1 ، التهذيب 10 : 11 / 24 .
ــ[269]ــ
بل الظاهر وجوب حضور طائفة لإقامته(1) والمراد بالطائفة الواحد وما زاد(2).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رواية غير هذه الرواية .
كما أ نّه يبعّد ما في الكافي : أنّ رواية خلف بن حمّاد عن أبي عبدالله (عليه السلام) بعيد ولم توجد له رواية عنه (عليه السلام) غير هذه .
كما تدلّ عليه صحيحة أبي بصير عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : أتاه ـ أمير المؤمنـين (عليه السلام) ـ رجل بالكوفة فقال: يا أمير المؤمنين، إنّي زنيت فطهّرني، وذكر أ نّه أقرّ أربع مرّات ـ إلى أن قال: ـ ثمّ نادى في الناس: يا معشر المسلمين، اخرجوا ليقام على هذا الرجل الحدّ» الحديث(1).
وقد نسب صاحب الوسائل الرواية الاُولى إلى رواية الصدوق بإسناده إلى قضايا أمير المؤمنين ، ولا يبعد أ نّه سهو من قلمه الشريف .
(1) كما عليه جماعة ، لظاهر الآية الكريمة : (وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ ا لْمُؤْمِنِينَ)(2) .
(2) كما اختاره غير واحد من الأصحاب .
وتدلّ عليه معتبرة غياث بن إبراهيم ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن أمير المؤمنين (عليهم السلام) : «في قول الله عزّ وجلّ: (وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ) قال: في إقامة الحدود، وفي قوله تعالى: (وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ ا لْمُؤْمِنِينَ) قال : الطائفة واحد»(3) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 28 : 55 / أبواب مقدمات الحدود ب 31 ح 3 .
(2) النور 24 : 2 .
(3) الوسائل 28 : 93 / أبواب حد الزنا ب 11 ح 5 ، والآية في سورة النور 24 : 2 .
|