(مسألة 181) : يقتل اللائط المحصن . ولا فرق في ذلك بين الحرّ والعبد والمسلم والكافر(2). وهل يقتل غير المحصن؟ المشهور أ نّه يقتل، وفيه إشكال، والأظهر عدم القتل ولكنّه يجلد (3) ،
ـــــــــــــــــــــــــــ (2) وذلك لإطلاق الأدلّة ، وعدم وجود مقيّد في البين .
(3) وجه الإشكال : هو أنّ الأصحاب قد اتّفقوا ظاهراً على عدم الفرق بين المحصن وغيره في ذلك ، عدا ما نسبه صاحب الرياض إلى بعض متأخّري المتأخّرين(2) ، بل ادّعي عليه الإجماع في كلمات غير واحد ، فإن تمّ الإجماع فهو ، وإلاّ فللمناقشة في ذلك مجال واسع .
بيان ذلك : أنّ الروايات في المقام على طوائف :
الطائفة الاُولى : ما دلّت على وجوب قتل اللائط مطلقاً ، أي من غير تقييد بكونه محصناً :
منها : صحيحة مالك بن عطيّة عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : بينما أمير المؤمنين (عليه السلام) في ملأ من أصحابه إذ أتاه رجل فقال: يا أمير المؤمنين (عليه السلام) ، إنّي أوقبتُ على غلام فطهّرني ـ إلى أن قال : ـ فلمّا كان في الرابعة قال له : يا هذا ، إنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حكم في مثلك بثلاثة أحكام فاختر أ يّهنّ شئت ، قال : وما هنّ يا أمير المؤمنين ؟ قال : ضربة
ــــــــــــ (2) الرياض 2 : 475 (حجري) .
ــ[281]ــ
بالسيف في عنقك بالغة ما بلغت، أو اهداب (اهداء) من جبل مشدود اليدين والرجلين، أو إحراق بالنار» الحديث(1) .
الطائفة الثانية : ما دلّت على أنّ اللائط المحصن يقتل وغير المحصن يجلد :
كمعتبرة حمّاد بن عثمان ، قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : رجل أتى رجلاً «قال : عليه إن كان محصناً القتل ، وإن لم يكن محصناً فعليه الجلد» قال : قلت : فما على المؤتى به ؟ «قال : عليه القتل على كلّ حال محصناً كان أو غير محصن» (2) .
الطائفة الثالثة : ما دلّت على أنّ المحصن يرجم وغير المحصن يجلد :
منها : معتبرة الحسين بن علوان ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن علي (عليهم السلام) : «أ نّه كان يقول في اللوطي إن كان محصناً رجم ، وإن لم يكن محصناً جلد الحدّ» (3) .
ومنها : معتبرة يزيد بن عبدالملك ، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «إنّ الرجم على الناكح والمنكوح ذكراً كان أو اُنثى إذا كانا محصنين وهو على الذكر إذا كان منكوحاً اُحصن أو لم يحصن» (4) .
ومنها : صحيحة ابن أبي عمير عن عدّة من أصحابنا عن أبي عبدالله (عليه السلام) : «في الذي يوقب أنّ عليه الرجم إن كان محصناً ، وعليه الجلد إن لم يكن محصناً» (5) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 28 : 161 / أبواب حد اللواط ب 5 ح 1 .
(2) الوسائل 28 : 154 / أبواب حد اللواط ب 1 ح 4 .
(3) الوسائل 28 : 155 / أبواب حد اللواط ب 1 ح 6 .
(4) الوسائل 28 : 155 / أبواب حد اللواط ب 1 ح 8 .
(5) الوسائل 28 : 160 / أبواب حد اللواط ب 3 ح 8 .
ــ[282]ــ
أقول : إنّ مقتضى الجمع بين هذه الطوائف هو تقييد الطائفة الاُولى بالطائفة الثانية ، فالمحصن يحكم عليه بالقتل، وغير المحصن يحكم عليه بالجلد، وأمّا ما دلّ على وجوب رجم المحصن فمقتضى إطلاقه وجوب الرجم تعييناً ، كما أنّ مقتضى صحيحة مالك بن عطيّة هو تعيّن القتل بأحد الاُمور المذكورة فيها ، فيرفع اليد عن إطلاق كلّ منهما بنصّ الآخر ، فتكون النتيجة هي التخيير بين الرجم وأحد الاُمور الثلاثة . وعندئذ فإن تمّ الإجماع فهو ، وإلاّ فاللازم هو التفصيل بين المحصن وغيره .
ثمّ إنّه بناءً على ما ذكرناه من أنّ الأظهر عدم قتل اللائط غير المحصن ، فإن كان اللائط غير المحصن عبداً جُلِدَ خمسين جلدة ، فإنّه وإن لم يرد نصّ فيه بخصوصه إلاّ أ نّه يستفاد حكمه من بعض ما ورد في زنا العبد من التنصيف .
ففي صحيحة سليمان بن خالد عن أبي عبدالله (عليه السلام) ـ في حديث ـ قال : قيل له : فإن زنى وهو مكاتب ولم يؤدّ شيئاً من مكاتبته «قال : هو حقّ الله يطرح عنه من الحدّ خمسين جلدة ويضرب خمسين»(1) .
فإنّها واضحة الدلالة على أنّ الحكم يعمّ الزنا وغيره ممّا هو حقّ الله .
وصحيحته الثانية عن أبي عبدالله (عليه السلام) : في عبد بين رجلين أعتق أحدهما نصيبه ، ثمّ إنّ العبد أتى حدّاً من حدود الله «قال : إن كان العبد حيث اُعتق نصفه قوّم ليغرم الذي أعتقه نصف قيمته فنصفه حرّ يضرب نصف حدّ الحرّ ويضرب نصف حدّ العبد ، وإن لم يكن قوّم فهو عبد يضرب حدّ العبد»(2) .
فإنّها أيضاً واضحة الدلالة على عدم اختصاص الحكم بالزنا .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 28 : 133 / أبواب حد الزنا ب 31 ح 1 .
(2) الوسائل 28 : 137 / أبواب حد الزنا ب 33 ح 6 .
ــ[283]ــ
كما أ نّه يقتل الملوط مطلقاً على ما سيأتي . نعم ، لا قتل على المجنون ولا على الصبي (1) .
(مسألة 182) : إذا لاط البالغ العاقل بالمجنون حُدَّ اللائط دون الملوط(2).
(مسألة 183) : إذا لاط الرجل بصبي حُدَّ الرجل واُدِّب الصبي ، وكذلك العكس (3) .
(مسألة 184) : إذا لاط بعبده حُدّا ، ولو ادّعى العبد الإكراه سقط الحدّ عنه إذا احتمل صدقه ، وكذلك الحال في دعوى الإكراه من غير العبد (4) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) بلا خلاف ولا إشكال في المسألة بين الأصحاب ، لرفع القلم عنهما كما تقدّم الكلام فيه في مبحث الزنا (1) ، ولبعض النصوص الآتية .
(2) قد ظهر حكم ذلك مما تقدّم .
(3) تدلّ على ذلك ـ مضافاً إلى ما تقدّم ـ صحيحة أبي بصير عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، قال : سمعته يقول : «إنّ في كتاب علي (عليه السلام) : إذا اُخذ الرجل مع غلام في لحاف مجرّدين ضُرِبَ الرجل واُدّب الغلام ، وإن كان ثقب وكان محصناً رُجِمَ»(2) .
(4) أمّا حدّهما فقد تبيّن حكمه ممّا سبق .
وأمّا دعوى الإكراه : فالمشهور بين الأصحاب أ نّها توجب سقوط الحدّ ، ولا يختصّ ذلك بدعوى العبد الإكراه ، بل يعمّ كلّ من ادّعى الإكراه على ذلك ،
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في ص 241 .
(2) الوسائل 28 : 159 / أبواب حد اللواط ب 3 ح 7 .
|