ــ[289]ــ
الثالث : التفخيذ
(مسألة 189) : حدّ التفخيذ إذا لم يكن إيقاب مائة جلدة (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) على المشهور شهرة عظيمة ، خلافاً لما عن جماعة من أ نّه يرجم إن كان محصناً ، ويجلد إن لم يكن محصناً .
والصحيح هو ما ذهب إليه المشهور ، وتدلّ على ذلك صحيحة أبي بصير عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، قال : سمعته يقول : «إنّ في كتاب علي (عليه السلام): إذا اُخذ الرجل مع غلام في لحاف مجرّدين ضُرِبَ الرجل واُدّب الغلام ، وإن كان ثقب وكان محصناً رجم»(1) .
فإنّ الظاهر من ضرب الرجل في هذه الصحيحة هو الحدّ الشرعي في مقابل الرجم ، بقرينة التفصيل بينهما ، وبقرينة التعبير بالتأديب بالنسبة إلى الغلام .
كما أنّ الظاهر من قوله (عليه السلام) «وإن كان ثقب» : وقوع شيء من الرجل دون الثقب في الفرض الأوّل وهو التفخيذ .
ومع التنزّل عن ذلك فلا أقلّ من الإطلاق ، فيقيّد بصورة التفخيذ ، بقرينة ما سيأتي من الروايات الدالّة على أنّ النوم المجرّد ليس فيه جلد مائة ، بل الثابت فيه ضرب تسعة وتسعين سوطاً .
وتؤيّد ذلك مرفوعة أبي يحيى الواسطي ، قال : سألته عن رجلين يتفاخذان «قال : حدّهما حدّ الزاني ، فإن أدعم أحدهما على صاحبه ضرب الداعم ضربة بالسيف أخذت منه ما أخذت وتركت ما تركت يريد بها مقتله ، والداعم عليه يحرق بالنار»(2) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 28 : 159 / أبواب حد اللواط ب 3 ح 7 .
(2) الوسائل 28 : 159 / أبواب حد اللواط ب 3 ح 6 . ودعم المرأة : جامعها أو طعن فيها أو أولجه أجمع ـ القاموس المحيط 4 : 122 (دعم) .
ــ[290]ــ
ورواية سليمان بن هلال ، قال سأل بعض أصحابنا أبا عبدالله (عليه السلام) فقال: جعلت فداك ، الرجل ينام مع الرجل في لحاف واحد؟ «فقال : ذوا محرم؟ » فقال : لا ـ إلى أن قال : ـ «إن كان دون الثقب فالحدّ ، وإن هو ثقب اُقيم قائماً ، ثمّ ضرب ضربة بالسيف أخذ السيف منه ما أخذه» الحديث(1) .
وأمّا الرجم مع الإحصان ـ كما عن الشيخ(2) ـ أو القتل مطلقاً وإن لم يكن محصناً ـ كما عن الصدوقين والإسكافي(3) ـ فلا دليل عليه .
نعم ، في ذيل صحيحة الحسين بن سعيد ، قال : قرأتُ بخطّ رجل ـ إلى أن قال : ـ وكتب أيضاً هذا الرجل ولم أر الجواب : ما حدّ رجلين نكح أحدهما الآخر طوعاً بين فخذيه ، ما توبته ؟ فكتب : «القتل» الحديث(4) .
ولكنّه لا يمكن الاستدلال بها ، لأنّ الرجل الكاتب مجهول ، والحسين بن سعيد لم يرَ الجواب .
وأمّا معتبرة السكوني عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال: قال: أمير المؤمنين (عليه السلام) : اللواط ما دون الدبر ، والدبر هو الكفر»(5) ، وقريب منها رواية حذيفة بن منصور(6) .
فهما ناظرتان إلى بيان الحكم التكليفي بقرينة إثبات الكفر على الوطء بالدبر، إذ من المعلوم قطعاً عدم ترتّب أحكام الارتداد على ذلك .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 28 : 90 / أبواب حد الزنا ب 10 ح 21 .
(2) النهاية : 704 .
(3) حكاه عنهم في الجواهر 41 : 383 ، وراجع المقنع : 430 .
(4) الوسائل 28 : 154 / أبواب حد اللواط ب 1 ح 5 .
(5) الوسائل 20 : 339 / أبواب النكاح المحرّم ب 20 ح 2 .
(6) الوسائل 20 : 340 / أبواب النكاح المحرّم ب 20 ح 3 .
ــ[291]ــ
ولا فرق في ذلك بين المسلم والكافر والمحصن وغيره والفاعل والمفعول (1) ، والمشهور أ نّه لا فرق بين الحرّ والعبد ولكنّ الظاهر هو الفرق وأنّ حدّ العبد نصف حدّ الحرّ (2) . ـــــــــــــــــــــــ
(1) وذلك لإطلاق الأدلّة كما عرفت .
(2) لما عرفت من أنّ العبد لا يساوي الحرّ في الحدّ .
|