لو وجد رجلان تحت لحاف واحد مجرّدين من دون حاجز بينهما 

الكتاب : مبـاني تكملة منهاج الصالحين - الجزء الأول : القضاء   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 7336


   (مسألة 191) : إذا وجد رجلان تحت لحاف واحد مجرّدين من دون أن يكون بينهما حاجز فالمشهور بين المتأخّرين أ نّهما يعزّران من ثلاثين سوطاً إلى تسعة وتسعين سوطاً (4) .

 ـــــــــــ
   (4) مستند المشهور هو رواية سليمان بن هلال ، قال : سأل بعض أصحابنا أبا عبدالله (عليه السلام) فقال : جعلت فداك ، الرجل ينام مع الرجل في لحاف


ــ[292]ــ

واحد ؟ «فقال : ذوا محرم ؟ » فقال : لا ، «قال : من ضرورة ؟ » قال : لا «قال : يضربان ثلاثين سوطاً» الحديث(1) .

   فإنّ هذه الرواية تدلّ على أنّ الجلد لا يكون أقلّ من ثلاثين سوطاً ، فإذا انضمّت إلى ما دلّ على أ نّهما يجلدان غير سوط واحد ، كصحيحة ابن سنان عن أبي عبدالله (عليه السلام) : في رجلين يوجدان في لحاف واحد «قال : يجلدان غير سوط واحد» (2) كانت النتيجة : أنّ الحدّ يكون بين ثلاثين سوطاً وتسعة وتسعين سوطاً ، والتخيير إلى الإمام .

   هذا ، ولكن رواية سليمان بن هلال ضعيفة ، فلا يمكن الاستدلال بها .

   وعن أبي علي والصدوق : الحدّ مائة سوط(3) ، وتدلّ على ذلك عدّة روايات :

   منها : صحيحة أبي عبيدة عن أبي جعفر (عليه السلام) «قال : كان علي (عليه السلام) إذا وجد رجلين في لحاف واحد مجرّدين جلدهما حدّ الزاني مائة جلدة ، كلّ واحد منهما ، وكذلك المرأتان إذا وجدتا في لحاف واحد مجرّدتين جلدهما كلّ واحدة منهما مائة جلدة» (4) .

   ومنها : صحيحة الحلبي عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : حدّ الجلد أن يوجدا في لحاف واحد ، والرجلان يجلدان إذا وجدا في لحاف واحد الحدّ ، والمرأتان تجلدان إذا اُخذتا في لحاف واحد الحدّ» (5) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 28 : 90 /  أبواب حد الزنا ب 10 ح 21 .

(2) الوسائل 28 : 89 /  أبواب حد الزنا ب 10 ح 18 .

(3) حكاه عن ابن الجنيد في المسالك 14 : 411 ،  المقنع : 433 .

(4) الوسائل 28 : 89 /  أبواب حد الزنا ب 10 ح 15 .

(5) الوسائل 28 : 84 /  أبواب حد الزنا ب 10 ح 1 .

ــ[293]ــ

   ومنها : صحيحة ابن سنان عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، قال : سمعته يقول : «حدّ الجلد في الزنا أن يوجدا في لحاف واحد ، والرجلان يوجدان في لحاف واحد ، والمرأتان توجدان في لحاف واحد« (1) .

   ومنها : صحيحة عبدالرحمن بن الحجّاج، قال: سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول : «كان علي (عليه السلام) إذا وجد الرجلين في لحاف واحد ضربهما الحدّ ، فإذا أخذ المرأتين في لحاف ضربهما الحدّ» (2) .

   ومنها : صحيحة عبدالله بن مسكان عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، قال : سمعته يقول : «حدّ الجلد في الزنا أن يوجدا في لحاف واحد ، والرجلان يوجدان في لحاف واحد ، والمرأتان توجدان في لحاف واحد» (3) .

   ولكن بإزاء هذه الروايات ما يدلّ على أنّ الجلد أقلّ من المائة :

   منها : صحيحة معاوية بن عمار ، قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : المرأتان تنامان في ثوب واحد «فقال : تضربان» فقلت : حدّاً ؟ «قال : لا» قلت : الرجلان ينامان في ثوب واحد «قال : يضربان» قال : قلت : الحدّ ؟ «قال : لا» (4) ، رواها الشيخ بإسناده إلى يونس بن عبدالرحمن .

   وهذه الرواية صحيحة على الأظهر ، فإنّ طرق الشيخ إلى يونس بن عبدالرحمن وإن كان أكثرها ضعيفة إلاّ أنّ طريقاً واحداً منها صحيح وإن كان

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 28 : 85 /  أبواب حد الزنا ب 10 ح 4 .

(2) الوسائل 28 : 86 /  أبواب حد الزنا ب 10 ح 6 .

(3) الوسائل 28 : 90 /  أبواب حد الزنا ب 10 ح 23 .

(4) الوسائل 28 : 89 /  أبواب حد الزنا ب 10 ح 16 ، التهذيب 10 : 40 / 142 ، الاستبصار 4 : 213 ، 793 .

ــ[294]ــ

فيه ابن أبي جيد ، فإنّه ثقة على الأظهر ، لأ نّه من مشايخ النجاشي . والرواية واضحة الدلالة على أنّ الرجلين كانا عريانين ، وكان ثوبهما واحداً .

   ومنها : صحيحة ابن سنان عن أبي عبدالله (عليه السلام) : في رجلين يوجدان في لحاف واحد «قال : يجلدان غير سوط واحد»(1) ، ونحوها صحيحتا أبان بن عثمان(2) وحريز عن أبي عبدالله (عليه السلام)(3) .

   إذن لا بدّ من الالتزام بالتخيير أو حمل روايات المائة على التقيّة ، كما يظهر ذلك من صحيحة عبدالرحمن بن الحجّـاج ، قال : كنت عند أبي عبدالله (عليه السلام) فدخل عليه عباد البصري ومعه اُناس من أصحابه ، فقال له : حدّثني عن الرجلين إذا اُخذا في لحاف واحد ، فقال له : «كان علي (عليه السلام) إذا أخذ الرجلين في لحاف واحد ضربهما الحدّ» فقال له عباد : إنّك قلت لي : غير سوط ، فأعاد عليه ذكر الحديث حتى أعاد ذلك مراراً «فقال : غير سوط» الحديث (4) .

   فإنّ الظاهر من هذه الصحيحة أنّ الإمام (عليه السلام) كان ممتنعاً عن بيان أنّ الجلد أقلّ من حدّ الزنا بسوط ، ولعلّه لأجل من كان مع عباد من أصحابه ، حيث إنّه كان من العامّة ، وبعد ما أصرّ عباد وكرّر السؤال التجأ الإمام (عليه السلام) إلى بيان الحكم .

   فالنتيجة :  أنّ أخبار المائة تكون محمولة على التقيّة ، والله العالم .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 28 : 89 /  أبواب حد الزنا ب 10 ح 18 .

(2) الوسائل 28 : 89 /  أبواب حد الزنا ب 10 ح 19 .

(3) الوسائل 28 : 89 /  أبواب حد الزنا ب 10 ح 20 .

(4) الوسائل 28 : 84 /  أبواب حد الزنا ب 10 ح 2 .

ــ[295]ــ

والأظهر أن يجلد كلّ واحد منهما تسعة وتسعين سوطاً (1) ، وكذلك الحال في امرأتين وجدتا مجرّدتين تحت لحاف واحد (2)

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) ظهر وجه ذلك ممّا تقدّم .

   (2) فإنّ الحال فيهما كما تقدّم، ففي صحيحة أبي عبيدة المتقدّمة: «المرأتان إذا وجدتا في لحاف واحد مجرّدتين جلدهما كلّ واحدة منهما مائة جلدة» ، وفي صحيحة الحلبي المتقدّمة : «تجلدان إذا اُخذتا في لحاف واحد الحدّ» ، وكذلك في صحيحتي عبدالله بن سنان وعبدالله بن مسكان .

   ولكن تعارضها صحيحة معاوية بن عمار المتقدّمة : المرأتان تنامان في ثوب واحد «فقال : تضربان» فقلت : حدّاً ؟ «قال : لا» .

   وعليه ، فلا مناص من حمل روايات المائة على التقيّة ، فإنّ المستفاد من صحيحتي ابن سنان وابن مسكان المتقدّمتين أنّ الحكم واحد في نوم رجلين أو امرأتين أو رجل وامرأة في لحاف واحد .

   هذا ، وقد روى أبو خديجة في الصحيح عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : ليس لامرأتين أن تبيتا في لحاف واحد إلاّ أن يكون بينهما حاجز ، فإن فعلتا نهيتا عن ذلك ، وإن وجدتا مع النهي جلدت كلّ واحدة منهما حدّاً حدّاً» الحديث(1) .

   وقد يتوهّم أ نّها تقيّد سائر الروايات ، فيختصّ حكم الجلد بغير المرّة الاُولى .

   ولكنّه يندفع بأنّ الظاهر من الرواية أنّ عدم الجلد في المرّة الاُولى في موردها إنّما كان من جهة الجهل بالحكم فلا تشمل ما إذا كانت المرأتان عالمتين به ، فلا موجب لتقييد المطلقات .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 28 : 166 /  أبواب حد السحق والقيادة ب 2 ح 1 .

ــ[296]ــ

أو رجل وامرأة (1)

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) يظهر الحال فيهما ممّا تقدّم ، فإنّ عدّة من الروايات دلّت على جلدهما مائة جلدة ، وبعضها دلّت على أ نّه يجلد كلّ منهما مائة سوط غير سوط ، كصحيحة أبان بن عثمان ، قال : قال أبو عبدالله (عليه السلام) : «إنّ عليّاً (عليه السلام) وجد امرأة مع رجل في لحاف واحد فجلد كلّ واحد منهما مائة سوط غير سوط» (1) ، ونحوها صحيحة حريز عن أبي عبدالله (عليه السلام) (2) .

   بقي هنا أمران :

   الأوّل :  أ نّه لا فرق فيما ذكرناه بين المحرم وغيره ، لإطلاق الروايات ، كما أ نّه لا فرق بين الرحم وغيره .

   وفي جملة من العبارات تقييد الحكم بغير الرحم، كما في عبارة الشرائع والنافع واللمعة (3) .

   ولا يظهر له وجه صحيح .

   نعم ، في رواية سليمان بن هلال المتقدّمة اختصاص الحكم بغير المحرم . ولكنّها ضعيفة السند ، على أن بين المحرم والرحم عموماً من وجه .

   الثاني :  أنّ الحكم يختصّ بما إذا كانا مجرّدين تحت لحاف واحد .

   وتدلّ على ذلك صحيحة أبي خديجة عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : ليس لامرأتين أن تبيتا في لحاف واحد إلاّ أن يكون بينهما حاجز» الحديث(4) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 28 : 89 /  أبواب حد الزنا ب 10 ح 19 .

(2) الوسائل 28 : 89 /  أبواب حد الزنا ب 10 ح 20 .

(3) الشرائع 4 : 164 ، المختصر النافع : 218 ، اللّمعة 9 : 155 .

(4) لاحظ الوسائل 28 : 166 /  أبواب حد الزنا ب 2 ح 1 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net