ــ[363]ــ
ما يثبت به حدّ السرقة
(مسألة 235) : لا يثبت حدّ السرقة إلاّ بشهادة رجلين عدلين ، ولا يثبت بشهادة رجل وامرأتين ولا بشهادة النساء منفردات (1) .
(مسألة 236) : المعروف بين الأصحاب أ نّه يعتبر في ثبوت حدّ السرقة الإقرار مرّتين ، وهو لايخلو من نظر، فالأظهر ثبوته بالإقرار مرّة واحدة (2) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) تقدّم وجه ذلك(1) .
(2) الوجه فيما ذهب إليه المشهور أمران :
الأوّل : دعوى التسالم على أنّ الحدّ لا يثبت بالإقرار مرّة واحدة .
ويردّها ما تقدّم من عدم ثبوت ذلك على نحو يكون إجماعاً في المسألة وكاشفاً عن قول المعصوم (عليه السلام) (2) ، غاية الأمر أنّ هذا هو المشهور بين الأصحاب .
الثاني : عدّة روايات :
منها : مرسلة جميل بن درّاج، عن بعض أصحابنا، عن أحدهما (عليهما السلام) ـ في حديث ـ «قال : لا يقطع السارق حتى يقرّ بالسرقة مرّتين ، فإن رجع ضمن السرقة ، ولم يقطع إذا لم يكن شهود» (3) .
ومنها : صحيحة أبان بن عثمان عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، أ نّه قال : «كنت عند عيسى بن موسى ، فاُتي بسارق وعنده رجل من آل عمر ، فأقبل
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في ص 149 .
(2) في ص 210 ـ 211 .
(3) الوسائل 28 : 249 / أبواب حد السرقة ب 3 ح 1 .
ــ[364]ــ
يسألني، فقلت: ما تقول في السارق إذا أقرّ على نفسه أنّه سرق؟» قال: يقطع «قلت: فما تقول في الزنا إذا أقرّ على نفسه مرّات ؟ » قال : نرجمه «قلت : وما يمنعكم من السارق إذا أقرّ على نفسه مرّتين أن تقطعوه فيكون بمنزلة الزاني؟!»(1).
ومنها : رواية جميل عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : لا يقطع السارق حتى يقرّ بالسرقة مرّتين ، ولا يرجم الزاني حتى يقرّ أربع مرّات»(2) .
ومنها: ما عن دعائم الإسلام عن علي (عليه السلام) أنّ رجلاً أتاه فقال: يا أمير المؤمنين، إنّي سرقت، فانتهره، فقال: يا أميرالمؤمنين، إنّي سرقت «فقال: أتشهد على نفسك مرّتين؟» فقطعه(3).
وهذه الروايات ـ مضافاً إلى أنّ ثلاثاً منها ضعيفة سنداً ، فإن اثنتين منها ضعيفة بالإرسال، وواحدة منها بعلي بن سندي، والرابعة منها ضعيفة دلالةً وهي صحيحة أبان، حيث إنّه ليس فيها إلاّ الإشعار بذلك ، وأمّا الدلالة والظهور فلا ـ معارضة بصحيحة الفضيل عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : إن أقرّ الرجل الحرّ على نفسه مرّة واحدة عند الإمام قطع»(4) .
وصحيحته الثانية ، قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول : «من أقرّ على نفسه عند الإمام بحقّ من حدود الله مرّة واحدة حرّاً كان أو عبداً أو حرّة كانت أو أمة ، فعلى الإمام أن يقيم الحدّ عليه للذي أقرّ به على نفسه كائناً من كان» ـ إلى أن قال : ـ فقال له بعض أصحابنا : يا أبا عبدالله ، فما هذه الحدود
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 28 : 250 / أبواب حد السرقة ب 3 ح 4 .
(2) الوسائل 28 : 251 / أبواب حد السرقة ب 3 ح 6 .
(3) مستدرك الوسائل 18 : 122 / أبواب حد السرقة ب 3 ح 1 ، دعائم الاسلام 2 : 474 / 1701 .
(4) الوسائل 28 : 250 / أبواب حد السرقة ب 3 ح 3 .
ــ[365]ــ
وأمّا الغرم فلا إشكال في ثبوته بالإقرار مرّة واحدة (1) .
(مسألة 237): إذا أخرج المال من حرز شخص وادّعى أنّ صاحبه أعطاه إيّاه سقط عنه الحدّ(2)، إلاّ إذا أقام صاحب المال البيّنة على أ نّه سرقه فعندئذ يقطع .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التي إذا أقرّ بها عند الإمام مرّة واحدة على نفسه اُقيم عليه الحدّ فيها ؟ «فقال : إذا أقرّ على نفسه عند الإمام بسرقة قطعه ، فهذا من حقوق الله» الحديث(1) .
وحمل الشيخ (قدس سره) ذلك على التقيّة(2) .
وفيه أوّلاً : أ نّه لا وجه لذلك ، فإنّ أكثر العامّة ـ على ما في المغني(3) ـ ذهبوا إلى اعتبار الإقرار مرّتين .
وثانياً : أ نّهما موافقتان لعموم ما دلّ على نفوذ الإقرار ، فالترجيح معهما .
فالنتيجة : أنّ القول بثبوت حدّ السرقة بالإقرار مرّة واحدة هو الصحيح .
(1) وذلك لأنّ الإقرار مرّة واحدة يكفي في الأموال بلا إشكال ولا خلاف ، لعموم دليل نفوذ الإقرار وعدم وجود مقيّد في البين .
(2) وذلك لعدم ثبوت السرقة حينئذ .
وفي صحيحة الحلبي قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل نقّب بيتاً فاُخذ قبل أن يصل إلى شيء «قال : يعاقب» ـ إلى أن قال : ـ وسألته عن
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 28 : 56 / أبواب مقدمات الحدود ب 32 ح 1 .
(2) التهذيب 10 : 126 / 504 .
(3) المغني 10 : 286 .
ــ[366]ــ
(مسألة 238) : يعتبر في المقرّ البلوغ والعقل ، فلا اعتبار بإقرار الصبي والمجنون(1)، والحرّيّة فلو أقرّ العبد بالسرقة لم يقطع ، وإن شهد عليه شاهدان قطع (2) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رجل أخذوه [ اُخذ ] وقد حمل كارة من ثياب ، وقال : صاحب البيت أعطانيها «قال : يدرأ عنه القطع إلاّ أن تقوم عليه بيّنة ، فإن قامت البيّنة عليه قطع»(1) .
(1) ظهر وجه ذلك مما تقدّم .
(2) بلا خلاف ولا إشكال ، بل ادّعي عليه الإجماع .
وتدلّ على ذلك صحيحة الفضيل بن يسار ، قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول : «إذا أقرّ المملوك على نفسه بالسرقة لم يقطع ، وإن شهد عليه شاهدان قطع»(2) .
ولكنّها معارضة بصحيحته الاُخرى المتقدّمة ، وبصحيحة ضريس عن أبي جعفر (عليه السلام) «قال: العبد إذا أقرّ على نفسه عند الإمام (عليه السلام) مرّة أ نّه قد سرق قطعه ، والأمة إذا أقرّت بالسرقة قطعها»(3) .
ولكن بما أنّ هاتين الصحيحتين موافقتان لأكثر العامّة ـ على ما في المغني(4) ـ فتحملان على التقيّة ، فالمرجع هو العمل على طبق الصحيحة السابقة . وعلى تقدير الإغماض عن ذلك فالطائفتان تسقطان من جهة المعارضة ، فلا دليل على القطع ، لأنّ عموم نفوذ إقرار العقلاء على أنفسهم لا يشمل المقام ، نظراً إلى أنّ
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 28 : 262 / أبواب حد السرقة ب 8 ح 1 .
(2) الوسائل 28 : 305 / أبواب حد السرقة ب 35 ح 4 .
(3) الوسائل 28 : 249 / أبواب حد السرقة ب 3 ح 2 .
(4) المغني 10 : 287 .
ــ[367]ــ
نعم ، يثبت بإقراره الغرم (1) . ـــــــــــــــــــــ
إقرار العبد إقرارٌ في حقّ الغير وهو المولى .
(1) وذلك لعموم نفوذ الإقرار ، غاية الأمر أ نّه يتبع به بعد العتق .
|